هل تنهي إصلاحات ترامب الضريبية استسلام أمريكا الاقتصادي؟

حسام عيد – محلل اقتصادي

لطالما كانت قضية إصلاح نظام الضرائب هدفًا سياسيًا يطمح إليه الحزب الجمهوري الأمريكي وبعد انتظار طويل، أطلق دونالد ترامب مقترح خطته للإصلاح الضريبي، والتي حملت في طياتها خفض كبير للضرائب المفروضة على الشركات، ومراعاة لمستويات دخول الأفراد.

وخلال كلمته أمام الرابطة الوطنية للمصنعين لمناقشة رؤيته من أجل إنعاش الاقتصاد الأمريكي، أكد ترامب أن أفضل كلمة يمكنها تلخيص سياسة واشنطن حول موضوع التصنيع خلال العقود الماضية هي “الاستسلام”، مشددا أنه في ظل إدارته للبلاد فإن عصر الاستسلام الاقتصادي قد انتهى وبدأ ميلاد الصناعة الأمريكية ثانية.

ورأى أن قانون الضرائب الحالي يعاقب الشركات لنشاطها التجاري في البلاد، ويشجعها على مغادرة الولايات المتحدة.

ويسعى الإطار الضريبي المقترح كذلك إلى تشجيع الشركات على إعادة الأرباح التي تكدست في الخارج.

تقليص شرائح الأفراد

تشمل الخطة تعديلاً لضريبة الدخل، وتخفيضاً لعدد الشرائح الضريبية من سبع إلى ثلاث، حيث سيبلغ الحد الأقصى لمعدل الضريبة 35% مقابل 39.6% حالياً.

الشريحة الأولى؛ ستفرض ضريبة بمعدل 35% على مستوى دخل يتراوح بين 191- 418 ألف دولار، لترتفع بذلك من مستوى 33% في السابق مقابل إعفاءات ضريبية مرضية لجميع الأفراد.

الشريحة الثانية؛ ستفرض ضريبة بمعدل 25% على مستويات دخل تتراوح بين 37.95- 191.5 ألف دولار سنويا، بعد أن كانت تتراوح في السابق بين 25- 28%.

الشريحة الثالثة؛ وهي فئة معدومي الدخل وستفرض عليها ضريبة بمعدل 12% على مستويات دخل تتراوح بين صفر- 37.95 ألف دولار سنويا، وذلك مقارنة بمعدل تراوح بين 10- 15% في السابق.

خفض ضرائب الشركات الأمريكية

تبلغ إيرادات خزينة الدولة من معدل الضريبة المفروضة على الشركات الأمريكية 9% مقارنة بـ8% من ضريبة الأفراد.

كما تعد المحرك الرئيسي في الأسواق، ودفعت ترامب إلى المراهنة عليها في تحريك عجلة الاقتصاد الأمريكي.

وتقلص الضرائب على الشركات الأمريكية من 35% إلى 20% بحسب مقترح الإصلاح الضريبي.

ويعد معدل 20% الذي اقترحه الجمهوريين أقل من متوسط الضريبة التي تفرض على الشركات في الدول الصناعية الكبرى والتي تشابه الاقتصاد الأمريكي نوعا ما والبالغ 22.5%.

التأثير على ربحية الشركات

في الماضي كانت الشركات تتهرب من الضرائب عن طريق الاستثمار في مناطق لا تفرض فيها الضرائب مثل جزر الكاريبي التي تلجأ إليها الاستثمارات الأمريكية.

الأمر الذي دفع دونالد ترامب إلى وضع هذه الشركات أمام خيارين، إما أن تبقى استثماراتهم وأرباحهم في الخارج مع دفع الضرائب المحلية في تلك الدول، أو تجميع الأرباح وإعادتها إلى الشركة الأم في أمريكا وتفرض عليها فقط ضرائب بمعدل 10%، ومن ثم تحريك عجلة الاقتصاد.

وسيشهد الاقتصاد الأمريكي حركة قوية جدا من أرباح تصل إلى قرابة 2.6 تريليون دولار لمجموع الشركات العاملة في الخارج.

إلغاء ضريبة الأملاك

هناك ما يسمى بالاقتصاد التشاركي والذي يعد قوامه المنشآت الصغيرة التي لا تدرج تحت قائمة ضرائب الشركات، ويطبق عليها ضرائب الأفراد.

وفي خطة الإصلاح الضريبي، لن تمارس شريحة 35% على المنشآت الصغيرة، وسيفرض عليها ضرائب بمعدل 25%.

أما ما كان يسمى بالأملاك الموروثة والتي تبلغ قيمتها للفرد قرابة 5.49 مليون دولار أو أكثر ستلغى الضرائب المفروضة عليها.

الجدوى الاقتصادية

يأمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ذو الخلفية الرأسمالية المرتكزة على رجال الأعمال أن تحقق الإصلاحات الضريبية قفزة وتطور وتوفر للسيولة بحوزة المواطن الأمريكي وكذلك للشركات التي ستعيد توجيه استثماراتها إلى الداخل ومن ثم إعادة معدلات نمو الاقتصاد الأمريكي إلى سابق عهدها.

سيعمل مقترح الإصلاح الضريبي على تحفيز الشركات لإعادة النظر في استثماراتها في الولايات الأمريكية، وتحديدا التي لديها مصالح خارج البلاد.

كل 5% يتم تخفيضها في الضرائب المفروضة على الشركات سيقابلها نمو بمعدل 4%، وفي حال عودة ربحية الشركات التي تعمل في الخارج إلى الداخل الأمريكي ستنمو ربحية أسهمها، حيث ستنمو ربحية أسهم “إتش بي” بـ21% بدلا من 4%، وشركة “جلياد لصناعة الأدوية” بـ12%، وشركة “تيراداتا” بـ11%، وستنمو ربحية أسهم شركة “كوالكوم” بحدود 10%.

تكلفة وتداعيات

أظهرت دراسة أن مشروع إصلاح النظام الضريبي الأمريكي سيستفيد منه الأثرياء وسيؤدي إلى خفض العائدات الحكومية بمقدار 2.4 تريليون دولار في غضون عقد.

وقال مركز سياسات الضرائب غير الحزبي أنه فيما سترى معظم شرائح المداخيل خفضا في الضرائب في المتوسط، فإن بعض دافعي الضرائب من الطبقة المتوسطة الدخل سيدفعون بنهاية المطاف ضرائب أعلى.

ولم يعتمد تقرير مركز سياسات الضرائب “نظام النقاط المرنة” الذي يفترض أن النمو الاقتصادي الناجم سيولد بعضا أو كل تكلفة التخفيضات الضريبية.

وبحسب التقرير فإن أول 1% من أعلى المداخيل أو أولئك الذين يكسبون أكثر من 730 الف دولار في السنة، سيحصلون على حوالى نصف الميزات الضريبية للخطة وسترتفع مداخيلهم بعد احتساب الضرائب بمعدل 8.5%.

واعتبارا من 2027 ستشهد المداخيل بين 150 ألف و300 ألف دولار زيادة طفيفة.

فيما أكد خبراء اقتصاد على أن بهذه القواعد التي يحاول إرساءها ترامب سيحقق هو وإمبراطورتيه الاقتصادية استفادة ضخمة بنسبة غير متكافئة مع غيرهم.

ووفقا لخطته الإصلاح الضريبي، يمكن أن يوفر ترامب حوالي 6.2 مليون دولار من دخله التجاري، و9.8 مليون دولار من دخله من العقارات وأشكال أخرى من الشراكات، وذلك مقارنة بما يدفعه تحت القانون المطبق حاليًا.

ربما يعجبك أيضا