الخطوة القادمة .. إقليم حكم ذاتي للسنة في العراق

يوسف بنده

رؤية

الرغبات الانفصالية في العراق ليست وليد الصدفة، بل نتاج السياسة الطائفية التي تحكم العراق وتدعمها إيران، فإيران التي تضررت من حكم السنة في العراق إبان حكم صدام حسين، عززت من الأحزاب الشيعية الطائفية التي تأكل خيرات العراق، وتضع الدولة العراقية في صورة رجعية غير متماسكة، فالبنية الطائفية للدولة العراقية هي من تعزز روح الانفصال.

فقبل استفتاء كردستان، نقل عن عدد من المواطنين العرب السنة داخل المناطق الكوردية رغبتهم في انفصال كردستان.

اختار العرب السنة كردستان العراق بدلا من الموت على الهوية تحت حكم الدولة الشيعية.

والواضح أن زعامات سياسية سنية بالعراق، تسعى إلى تأسيس إقليم لها، استنادا إلى الدستور الذي يقر هذا النوع من الخطوات.

ونقلت صحيفة الشرق الأوسط، عن مصدر مقرب من اتحاد القوى العراقية، قوله إن زعامات سياسية سنية اجتمعت، أول من أمس، وقررت لقاء رئيس الوزراء حيدر العبادي، لعرض فكرة تأسيس إقليم لهم عليه.

وأضاف المصدر أن القوى السنية ترى اليوم أنها أمام فرصة لا تعوض لإرغام الحكومة على فكرة القبول بإقليم سني، يحقق استقلالا ذاتيا لمحافظاتها، خصوصا بعد الأزمة التي أثارها استفتاء انفصال إقليم كردستان العراق.

وأشار إلى وجود حالات تذمر في هذه المحافظات، سواء من قبل القوات الحكومية أو مجموعات الحشد الشعبي المتواجدة في تلك المناطق.

وأضاف أن بعض تلك الجماعات يعمد في شرق الموصل وفي قضاء الفلوجة إلى إقامة مراسم العزاء الحسيني، وهو أمر يثير حفيظة كثير من الأهالي، إلى جانب حالات الاعتقال العشوائي والإجراءات الأمنية غير المبررة في أحيان كثيرة.

ولفت إلى أن شخصيات سنية لا تستبعد تحالفا مع الكرد في حال تعنت بغداد حيال مطلب الإقليم، لكنها حتى الآن تتحدث في السر عن ذلك.

صيغة جديدة

ويشعر السنة أنه تم الاستخفاف بهم في جهودهم الرامية إلى تغيير مناطق الحكم قانونيا من محافظات إلى أقاليم حكم ذاتي.

وتعكس الخطوة تعويلا متناميا في الأوساط السنية على تمخض الخلاف الحالي بين الأكراد والحكومة المركزية التي يهيمن عليها الشيعة، على خلفية الاستفتاء، عن صيغة اتحادية جديدة تحكم معادلة السلطة، ويكون السنة فيها أحد اللاعبين الثلاثة الكبار، إلى جانب الشيعة والأكراد في مرحلة ما بعد تنظيم الدولة الإسلامية والاستفتاء.

ولخص أسامة النجيفي نائب الرئيس، زعيم كتلة متحدون، هذا الرهان في تعليقه على أزمة الاستفتاء، واعتبر أن سببها سياسات خاطئة وانتهاكات دستورية على مدار 14 عاما.

وطالب بـ العودة من جديد لكتابة عقد وشراكة جديدة وتفاهمات، وأن نستفيد من كل الأخطاء التي مضت، ولن نقبل أن يتم أي اتفاق بين الطرفين من دون وجودنا.

ويلاحظ أن عددا غير قليل من النواب السنة اعترض على قرار الإجراءات العقابية الذي أصدره مجلس النواب الأسبوع الماضي ضد إقليم كردستان، وشمل حظر رحلات الطيران الدولي إلى مطاري أربيل والسليمانية.

وكان ظافر العاني رئيس كتلة متحدون النيابية، أعلن رفضه الاستقواء بالخارج أو التهديد بالقوة العسكرية، أو التفرد باتخاذ قرارات مصيرية، معتبرا أن مشكلة الاستفتاء إنما هي مشكلة سياسية وينبغي أن تكون حلولها في الإطار السياسي ولا تمتد إلى حياة المواطنين والنازحين.

كما بارك السياسي السني المثير للجدل ناجح الميزان في تصريحات علنية الاستفتاء الكردي، وطالب بـ ضرورة استغلال الحدث والخروج من عباءة حكومة بغداد، معتبرا أن الحكومة الاتحادية التي تتحدث باسم السنة تمثل إرادة ولاية الفقيه، وكردستان تمثل إرادة شعب، وبالتالي هناك فارق كبير بينهما، ما يهمني هو المحافظات العربية السنية التي تتعرض للذبح والقتل والتهجير والتشريد.

السنة يخسرون

لكن الحكومة الاتحادية لا تزال تحظى بتأييد بعض الشخصيات السنية. قتقول ناهدة الدايني النائبة عن اتحاد القوى العراقية: أؤيد الحكومة الاتحادية فيما يخص أزمتها الحالية مع الإقليم، وأعتقد أنه من الضروري إعادة النظر بمفهوم المناطق المتنازع عليها لأن المكون العربي يمثل نحو 90% من سكانها.

وتشدد الدايني، وهي نائبة عن محافظة ديالى التي توجد فيها مناطق متنازع عليها مع إقليم كردستان، على أن من غير المعقول أن تتم المجاملة على حساب المناطق العربية، وقد اقتطع نصف محافظة ديالي بالقوة بحجة أصله الكردي.

لكنها تعترف أن سنة العراق هم الخاسر الأكبر في معادلة السلطة بعد 2003. ولا داعي لتحالفهم مع الكرد هذه الأيام.

وتعتبر أن الكرد والشيعة اشتركا في عمليات التهجير التي تعرض لها المكون السني في العراق في محافظات ديالى وكركوك والحلة وغيرها، واشتركا أيضا في عدم السماح بعودة كثير من المهجرين إلى مناطقهم السابقة.

وأضافت: ما أقوله يمثل وجهة نظري الشخصية، وليست بالضرورة وجهة نظر اتحاد القوى العراقية، لكنني مع وحدة العراق والتزام الجميع بالدستور.

يشار إلى أنه بدأت عمليات تهجير السنة في العراق بعد احتلاله عام 2003 انطلاقا من مناطق الجنوب، حيث شهدت البصرة القديمة وأبو الخصيب والزبير والمعقل عمليات تهجير منظمة ضد العرب السنة، وامتدت إلى مناطق أخرى في البلاد، وهي لا تزال مستمرة إلى الآن.

ولا يوجد إحصاء رسمي لأعداد السنة في العراق، بيد أن مراقبين يقولون إن الشيعة يمثلون نسبة 60-65% من أعداد السكان، وبذلك فهم غالبية، نسبة إلى السنة الذين يمثلون 32-37%.

وسبق لزعماء السنة أن تقدموا بطلب إلى نوري المالكي رئيس الوزراء السابق في 2014، لإجراء استفتاء والبدء بالإجراءات القانونية لتحول محافظة ديالي إلى إقليم، إلا أنه رفض، بل عمد أيضا إلى نشر قواته في المحافظة وفرض الأحكام العرفية فيها.

ربما يعجبك أيضا