في اليوم العالمي للغذاء.. 815 مليون شخص على مائدة الجوع

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

لماذا هذا العالم الذي ينتج من الغذاء أكثر مما يكفيه، يموت فيه الملايين جوعاً؟ هذا هو التساؤل الذي لا نملك له إجابة حتى الآن، فاليوم تحتفل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو” باليوم العالمي للغذاء والذي تحتفل به في السادس عشر من أكتوبر من كل عام وهو ذكرى تأسيسها، حيث يحتفل أكثر من 150 بلدا بهذه المُناسبة كُل عام، وتعمل الجماعات والمنظمات الإقليمية والمحلية بنشاط في كُل مجتمع من المُجتمعات المَحلية حول العالم لاحياء هذه المناسبة.

وفي الوقت الذي وصل فيه عدد الجياع حول العالم إلى 815 مليون شخص بحسب تقديرات أممية تجتهد “الفاو” لاتخاذ التدابير التي من شأنها القضاء على الجوع الذي بات يفتك بالكثيرين في مناطق مختلفة من العالم جراء الحروب والصراعات المسلحة، وإلى تشجيع الناس في مُختلف أنحاء العالم على اتخاذ تدابير لمكافحة الجُوع ووضع الخطط والبرامج التي من شأنها القضاء عليه ومكافحته.

وكانت أولى خطوات مكافحة الجوع في السادس عشر من أكتوبر من عام 1945 حيث أنشأ 42 بلداً في “كيبيك” في كندا منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو”، فقد أعطت هذه البلدان نفسها والأمم العديدة الأخرى التي انضمت لاحقاً إلى المنظمة، آلية يمكن من خلالها للدول الأعضاء التصدي لمجموعة من المشاكل التي تشكل مصدر قلق للبلدان والشعوب كافة.

اتساع رقعة النزاعات

أصدرت الأمم المتحدة في الخامس عشر من سبتمبر 2017 تقريرًا حول “الأمن الغذائي في العالم“، والذي كشف عن أنّ عدد الجياع في العالم، آخذ في الارتفاع، وذلك بعد تراجع لمدة عشر سنوات.

وقال التقرير: إنّ عدد الجياع في العالم، وصل إلى 815 مليون شخص عام 2016، وهو ما يشكل 11% من سكان الأرض، كما أن ارتفاع عدد الأشخاص الذي يعانون من الجوع وصل إلى 38 مليونا العام الماضي بسبب اتساع رقعة النزاعات العنيفة والصدمات المناخية.

ويشير التقرير ذاته إلى معاناة حوالي 155 مليون طفل دون الخامسة من العمر من إعاقة في النمو نتيجة الجوع، فيما 52 مليون طفل يقل وزنهم عن الحد الطبيعي نسبة إلى حجمهم، وتتركز النسبة الأعلى من الأطفال الذين يعانون من الجوع أو سوء التغذية في مناطق النزاعات.

ومن ناحية أخرى ذكر تقرير صادر عن معهد بحوث السياسات الغذائية الدولية، أن 10 دول تعاني من مستويات خطيرة ومثيرة للقلق من الجوع مثل” بوروندي وجزر القمر، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، إريتريا، ليبيا، وبابوا غينيا الجديدة، الصومال، جنوب السودان، السودان، سوريا”، وعلل التقرير الأمر إلى الاضطرابات والنزاعات والحروب الأهلية التي تعاني منها تلك الدول.

أسباب الجوع

الفقر هو السبب الرئيسي للجوع، وتشمل أسباب الفقر نقص الموارد لدى الفقراء، عدم العدالة في توزيع الدخل في العالم وفي بلدان معينة، والنزاع.

بالإضافة إلى زيادة مناطق النزاع المسلح في كل من سوريا والعراق وليبيا واليمن والصومال الأمر الذي أجبر الكثير من السكان إلى النزوح حيث شهدت الأعوام الستة الماضية منذ الربيع العربي أكبر حركة هجرة من تلك المناطق إلى خارجها مما عرض الملايين لحالات مأساوية من الجوع والفقر والموت، خاصة بين الأطفال والنساء والشيوخ.

ومن بين العوامل الأخرى التي تسهم في تزايد الهجرة ارتفاع معدل الجوع في العالم والذي يتصاعد لأول مرة منذ عقود، إضافة إلى الفقر وتزايد الظروف الجوية المتطرفة المرتبطة بالتغير المناخي.

حيث يعاني 11.3% من سكان العالم من الجوع، وفي المقابل ينتج العالم ما يكفي من الغذاء لإطعام 7 مليارات شخص، إلا أن من يعانون من الجوع ليس لديهم أرض لزراعة الغذاء أو أموال لشرائه.

وقد حققت 10 بلدان نجاحًا كبيرًا في خفض إجمالي عدد الجوعى بها بالتناسب مع سكانها وهي “أذربيجان، أرمينيا، البرازيل، كوبا، جورجيا، غانا، الكويت، سانت فينسنت والغرينادين، تايلاند، وفنزويلا”.

وتشير الإحصائيات إلى أنه في 2010 مات نحو 7.6 مليون طفل، وكان سوء التغذية سببًا في نصف هذه الوفيات تقريبًا حيث يموت واحد من بين كل 15 طفلاً في الدول النامية قبل عمر الخامسة، ويموت معظمهم لأسباب متعلقة بالجوع، وكان التمركز في أفريقيا حيث يعيش أكثر من ربع سكان العالم الذين يعانون من نقص التغذية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، أما آسيا فلديها 526 مليون جائع.

وكنتيجة طبيعية عندما تعاني الأم من نقص التغذية أثناء الحمل، يولد الطفل في كثير من الأحيان بحالة نقص تغذية أيضًا، وفي كل عام يولد 17 مليون طفل يعانون من نقص التغذية بسبب نقص تغذية الأم قبل الحمل وفي أثنائه، حيث يموت 315 ألف طفل أثناء الولادة سنويًا بسبب النزف الشديد.

الكويت وأيرلندا الأبعد عن المجاعات

ظهر المؤشر السنوي للأمن الغذائي العالمي لوحدة “إيكونوميست إنتليجنس” للأبحاث أن الكويت حلت في المركز الأول بالمنطقة العربية والـ26 عالميًا في مؤشر الأمن الغذائي العالمي لعام 2017.

وأوضح المؤشر الذي الذي أصدرته مجلة “الإيكونوميست” البريطانية ، أن سلطنة عمان جاءت في المرتبة الثانية عربيا بعد الكويت والـ28 عالميًا، وحافظت للعام الثاني على التوالي على المركز الثاني عربيًا في مؤشر الأمن الغذائي.

وبحسب المؤشر جاءت قطر في المرتبة الثالثة عربيًا، والـ29 عالميًا، والسعودية الرابع عربيا والـ32 عالميًا، فيما حلت في المرتبة الخامسة عربيا الإمارات العربية المتحدة، وجاءت في المرتبة الـ33 عالميًا.

واحتلت أيرلندا صدارة المؤشر العالمي على المستوى العالمي تليها الولايات المتحدة التي تراجعت من الصدارة في 2016، إلي المركز الثاني.
وتذيلت القائمة، التي ضمت 113 بلدًا حول العالم، تشاد التي جاءت في المرتبة 110، ومدغشقر في المرتبة 111، والكونغو الديمقراطية في المرتبة 112، وأخيرًا بورندي في المرتبة 113.

ويستند المؤشر إلى ثلاثة معايير أساسية، تتمثل في مدى توافر الغذاء والقدرة على تحمل تكاليفه فضلاً عن معيار الجودة والسلامة ، وذكرت المجلة أن هذا المؤشر هو الأول من نوعه الذي يدرس الأمن الغذائي على نحو شامل عبر هذه الأبعاد الثلاثة المحددة دوليًا.

في ديسمبر من عام 2016، قالت وزيرة التنمية الدولية البريطانية “بريتي باتل” إن هناك ما يزيد على 37 مليون إنسان في أفريقيا يعانون من نقص الغذاء ويواجهون خطر الموت جوعاً، وحثت المجتمع الدولي على التدخل والمساعدة.

وفي الحقيقة، إن المجتمع الدولي الذي كانت تدعوه “باتل” هو نفسه الذي ظل يراقب موت 260 ألف إنسان جوعاً أثناء الجفاف الذي دمر منطقة القرن الأفريقي خلال عامي 2010 و2011، والذي ازدادت حدته لدرجة أن النساء اضطررن لربط خصورهن بالحبال لكبح جوعهن من أجل توفير “الطعام” الذي لا يمكن وصفه إلا بالفتات لأطفالهن.

ربما يعجبك أيضا