أحلام قطر الرياضية على فوهة بركان

كتب – حسام عيد

لم تقتصر أموال قطر الفاسدة على دعم الإرهاب وضرب استقرار دول المنطقة، بل حاصرت الشعوب العربية وعملت على تبديد أبسط أحلامهم في مشاهدة ما يدخل عليهم السعادة، إنها معشوقة الجماهير الأولى في العالم أجمع، كرة القدم، والتي لطالما كانت سببًا رئيسًا في تأجيج وبث العاطفة الوطنية.

كل 4 سنوات ينتظر العرب تشجيع منتخباتهم في عرس البطولات الدولية “كأس العالم لكرة القدم”، لكن في السنوات الأخيرة عرف الاحتكار طريقه إلى الساحرة المستديرة، وذلك عبر مجموعة “بي إن سبورتس” القطرية والتي يرأسها ناصر الخليفي، والذي لم يتوان أو يبخل في بعثرة الأموال أو تقديم الرشاوي إلى المسؤولين في الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” لشراء حقوق بث مباريات كأس العالم، وعلى من يرغب في مشاهدتها الاشتراك في نظام المشاهدة المدفوعة مسبقًا.

لكن في الأسبوع الماضي، صدم الادعاء السويسري، رئيس نادي باريس سان جيرمان ناصر الخليفي، بفتح تحقيق جنائي معه لتورطه في قضايا فساد ودفع رشاوي للأمين العام السابق للـ”فيفا” جيروم فالك، مقابل بث مباريات مونديال 2026 و2030 لكرة القدم على قنوات مجموعته الإعلامية الرياضية “بي إن سبورتس”، الأمر الذي لاقى ردود أفعال دولية مرحبة بفضح الفساد في منظومة كرة القدم، لتتصاعد احتمالات سحب تنظيم مونديال 2022 من الدوحة.

استنفار أوروبي

فتحت السلطات الرسمية في العديد من الدول الأوروبية ملف “حقوق البث” عبر توجيه اتهامات رسمية بالفساد، تورط فيها مسئولون سابقون فى الفيفا ورجل الأعمال القطري ناصر الخليفي.

وتجري التحقيقات الجديدة مع الخليفي، حسب الادعاء العام السويسري بالتعاون مع السلطات في فرنسا واليونان وإيطاليا وإسبانيا، بالتزامن مع غلق مقار “بي إن سبورتس” ومصادرة ما بها من أوراق ومستندات في تلك الدول.

فيما بدأت دول غربية تحركات لسحب تنظيم بطولة كأس العالم 2022 من قطر التي تعيش أزمة حقيقية بسبب مقاطعة الدول العربية “مصر، السعودية، الإمارات، البحرين” على خلفية تورطها في دعم المنظمات الإرهابية وهي الاتهامات التي تتأكد بالدلائل والوثائق في أكثر من مناسبة سواء على صعيد الدول العربية أو الأوروبية.

وتقود دولة إنجلترا جبهة مع عدد من الدول الأوروبية لسحب تنظيم نهائيات كأس العالم 2022 من دولة قطر التي وصفتها الصحافة الإنجليزية بأنها بلا تاريخ كروي أو رياضي وتنظم الحدث الأهم في تاريخ الساحرة المستديرة في 2022 دون الاستعداد له.

كما يطالب المراقبون بسحب تنظيم البطولة، بعدما تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة، إذ تم إيقاف التشيلي هارولد ماين نيكولاس رئيس لجنة تقييم ملفات استضافة كأس العالم 2022، بعدما قامت قطر بتوظيف أحد أقاربه في أكاديمية أسباير، كذلك البلجيكي ميشيل ديهوج الذي وظف ابنه الطبيب في الدوحة، وابن ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي “الموقوف” الذي عمل في جهاز قطر للاستثمار، حسبما ذكرت صحيفة “لا ديبيشي” الفرنسية في افتتاحيتها.

الخليفي في قبضة الفيفا

فتح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) تحقيقاً أولياً بحق القطري، ناصر الخليفي، الرئيس التنفيذي لمجموعة “بي.إن” ونادي باريس سان جيرمان الفرنسي، في أعقاب التحقيق السويسري بحقه حول شبهات فساد تتعلق بحقوق البث التلفزيوني لمباريات كأس العالم.

وأوضح المتحدث باسم غرفة التحقيقات في لجنة الأخلاق التابعة للفيفا: فتحت الغرفة تحقيقاً أولياً بحق ناصر الخليفي.

وأشار بعض الخبراء في الشأن الرياضي الدولي، أن الخليفي يتنظر عدة قرارات حاسمة في شخصه، كما فعل الاتحاد الدولي لكرة القدم مع جيروم فالكة في 2016 يإيقافه عن ممارسة النشاط، ومنها:

– عزل ناصر الخليفي عن رئاسة فريق باريس سان جيرمان.

– إيقاف الخليفي عن ممارسة النشاط داخل لعبة كرة القدم في مدة تتراوح من 10 سنوات إلى 15عام، نظرا لإفساده المناخ الرياضي بالرشاوي.

– منع قنوات “بي إن سبورتس” من احتكار حقوق البث لمنطقة الشرق الأوسط والدول العربية من الشمال الأفريقي.

– تحديد موعد انتهاء حقوق بث الدوريات العالمية ومونديال العالم لـ “بي إن سبورتس”عقب نسخة 2022 المقامة في دولة قطر، إلا إذا سُحبت منها البطولة.

هدر حقوق العمال يعجل بفشل التنظيم

الانتقادات الموجهة إلى “إمارة الارهاب” بسبب إهدار حقوق العمال المشاركين في تشييد الملاعب والمنشآت الرياضية المستضيفة لفعاليات المونديال تعجل بفشل تنظيم العرس الكروي العالمي، إذ يعمل هؤلاء وسط ظروف قاسية أدت لوفاة البعض بسبب العمل تحت درجات حرارة قياسية.

ويتوقع المراقبون أن تعاني قطر خلال الفترة المقبلة من تأخر وصول مواد البناء اللازمة لتشييد المنشآت الرياضية والمرافق المتعلقة بالملاعب المخصصة لاستضافة فعاليات المونديال.

وفي حال تأكد الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” من عدم قدرة قطر على إنهاء تسليم المشاريع الخاصة ببطولة كأس العالم 2022 في المواعيد المتفق عليها، قد يلجأ “فيفا” لسحب تنظيم البطولة من الدولة الخليجية.

باريس سان جيرمان تحت المجهر

اعتبرت صحيفة “ليكيب” الفرنسية الشهيرة أن الاتهامات الموجهة ضد القطري ناصر الخليفي رئيس مجموعة “بي إن سبورتس” الإعلامية ونادي باريس سان جيرمان تسبب ضرراً على الجهتين المملوكتين قطرياً، بالإضافة إلى إمكانية إقامة مونديال كأس العالم 2022 في الدوحة.

وكتب جان فيليب لو كلير رئيس تحرير الصحيفة المتخصصة بالرياضة: “ما حدث للخليفي وعلاقته بجيروم فالك والاتهامات الموجهة إلى الرجل القطري بالفساد وتقديم امتيازات للرجل الثاني في الاتحاد الدولي لكرة القدم سابقاً، هو مجرد حلقة جديدة في مسلسل طويل لم يتوقف حتى الآن منذ حصول قطر على تنظيم كأس العالم 2022 قبل 7 أعوام”.

وواصل: “الضرر الذي سيسببه الخليفي، الرجل المهم في النشاطات الرياضية القطرية، لن يتوقف على مجموعة “بي إن” التي يرأسها فحسب، بل سيمتد إلى مشاريع قطر الرياضية، الأول كأس العالم 2022 والثاني باريس سان جيرمان لأن جميعها ترتبط بشخص واحد، واتهامات الفساد هذه ستفتح العديد من الملفات المتعلقة بالنادي والمونديال.

ربما يعجبك أيضا