هل وضع ترامب العصا في دواليب العدالة الأمريكية؟

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسير باتجاه الصدام المباشر مع الأجهزة القضائية في بلاده، إذ تؤكد تقارير صحفية عدة أن لجنة التحقيق في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية برئاسة المحامي الخاص روبرت مولر تنظر بجدية خلال هذه الفترة إلى إمكانية عرقلة ترامب لسير العدالة، وسط الكشف عن وثائق سرية تفيد بوجود اتصالات متبادلة بين حملة ترامب الانتخابية ومسؤولين روس، كان أهمها وثيقة تتضمن ملاحظات دوّنها مدير حملة ترامب السابق بول مانافورت، ورسالة نوايا وقّع عليها ترامب بشأن بناء برج في موسكو.

هل يتحول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أو مسؤولون أمريكيون آخرون إلى متهمين بعرقلة سير العدالة؟ سؤال طرحته صحيفة “نيوزويك” في مقال رأي، محاولة البحث عن إجابة من خلال سرد التسلسل الزمني لفضيحة التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، لتحليل المشهد ومن ثم ترك الحكم للقارئ.

تقول الصحيفة، هناك ثلاثة سيناريوهات يمكن للمدعين العامين وأعضاء الكونجرس التحقيق فيها تحت عنوان عرقلة سير العدالة، وهي:

أولا: أي مخالفة غير قانونية لترامب أو فريقه تتعلق بإقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي أو وقف التحقيق مع مايكل فلين مستشار الأمن القومي السابق.

ثانيا: أي محاولات للتدخل بشكل غير قانوني  للتأثير على سير التحقيقات الخاصة بالتواطؤ المحتمل بين حملة ترامب والمسؤولين الروس خلال انتخابات عام 2016.

ثالثا: أي محاولات للتدخل بشكل غير قانوني للتأثير على لجنة التحقيق في قضية التدخل الروسي في انتخابات 2016 عموما.

يعرف القانون الأمريكي عرقلة سير العدالة بأنها أي محاولة للتأثير على سير تحقيق جنائي ما، وبالنسبة للمدعي العام الأمريكي فإن مجرد رصد رسالة أو تهديد بغرض التأثير على سير العدالة القضائية، يعد محاولة لعرقلة العدالة بغض النظر عما إذا كانت المحاولة نجحت أم لا.

ورصد مقال “نيوزويك” مجموعة من الأحداث ذات الصلة باعتبارات عرقلة ترامب وفريقه لسير العدالة ونذكر منها:

في أواخر يوليو 2016 وفقا لـ”نيويورك تايمز”، أعلن مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق جيمس كومي، بدأ التحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية عام 2016، بما في ذلك التحقيق في علاقات محتلمة بين حملة دونالد ترامب الرئاسية ومسؤولين روس.

فيما أمرت إدارة باراك أوباما في 29 ديسمبر 2016 بطرد عملاء المخابرات الروسية وفرض عقوبات جديدة على موسكو، وذلك بعد أن خلصت وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفدرالي إلى أن روسيا تدخلت بالفعل للتأثير على سير الانتخابات الرئاسية ودعم حملة ترامب.

واستمع مجلس الشيوخ في يناير 2017 لشهادة جيمس كومي حول علاقة حملة ترامب بفضية التدخل الروسي، حيث أكد كومي أن ترامب طلب منه التخلي عن التحقيق مع مستشار الرئيس للأمن القومي مايكل فلين، بشأن اتصالاته مع السفير الروسي لدى الولايات المتحدة، وفي الشهر نفسه خلصت لجنة التحقيق إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر رجاله بالتأثير على نتائج انتخابات عام 2016، لإضعاف هيلاري كلينتون، ومن ثم ترجيح ورقة رابحة “ترامب”.

وفي يناير الماضي أيضا، اعترف ترامب للمرة الأولى بأن روسيا سعت إلى اختراق أنظمة الكمبيوتر التابعة لأعضاء الحزب الديمقراطي، لكنه أكد أن هذه الأنشطة لم تؤثر على نتيجة الانتخابات، وفي 19 يناير تحديدا ذكرت صحيفة نيويورك تايمز لأول مرة أن الاستخبارات الأمريكية تجري تحقيقا حول علاقة ترامب وفريقه بمسؤولين روس والتعاملات التجارية السابقة بين مستشاري ترامب وروسيا.

وأخذت تطورات المشهد في واشنطن منحى أكثر دراماتيكية مع استقالة مستشار الأمن القومي مايكل فلين في 13 فبراير الماضي، عقب الكشف عن تورطه في تضليل نائب الرئيس مايك بينس ومسؤولين آخرين حول اتصالاته مع السفير الروسي سيرجي كيسلياك في ديسمبر 2016 ،ومن ثم حاول ترامب وقف أي إجراء قضائي ضده، بحسب شهادة كومي أمام الكونجرس، والذي أكد أن ترامب هدده بشكل غير مباشر بعزله من منصبه في حال أصر على التحقيق مع فلين، كما طلب ترامب بحسب تسريبات شبه مؤكدة من المخابرات الأمريكية التدخل لوقف التحقيق مع فلين.

في مايو 2017 تم تعيين مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق روبرت مولر محققا خاصا بقضية التدخل الروسي في الانتخابات، وعلق ترامب على هذه الخطوة قائلا -عبر “تويتر”- إن الولايات المتحدة تشهد أكبر “مطاردة للساحرات” تستهدف سياسيا في التاريخ الأمريكي، مؤكدا أن الكثير من الأشياء غير الشرعية حدثت أثناء فترة رئاسة الرئيس السابق باراك أوباما وخلال الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون.

وهدد نائب وزير العدل الأمريكي رود روزنشتاين في مايو الماضي، بالاستقالة بعد أسبوعين من تعيينه في هذا المنصب، وذلك احتجاجا على الطريقة التي سعى فيها البيت الأبيض إلى تبرير إقالة جيمس كومي، عبر الادعاء بأن قرار الإقالة جاء بناء على توصيات روزنشتاين.

وفي يوليو الماضي ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن دونالد ترامب الابن رتب اجتماعا في برج ترامب مع محامية مرتبطة بالكرملين في يونيو 2016، وادعى ترامب الابن وقتها أن اللقاء تركز أساسا حول برامج للتبني.

وبالأمس ذكر تقرير إعلامي أمريكي، أن فريق المحققين في قضية التدخل الروسي استجوب السكرتير الصحفي السابق للبيت الأبيض شون سبايسر الذي استقال من منصبه في يوليو الماضي، وبحسب مصادر مطلعة سُئل سبيسر عن إقالة ترامب لمدير مكتب التحقيقات الاتحادي السابق وكذلك اجتماعات الرئيس مع المسؤولين الروس، بما في ذلك وزير الخارجية سيرجي لافروف.

وعلى الرغم من أن “نيوزويك” تركت الحكم للقارئ في نهاية المقال، إلا أن كل الوقائع سابقة الذكر تؤكد أن موسكو متورطة بشكل أو بأخر في وصول ترامب إلى البيت الأبيض، وهذا ما أكدته هيلاري كلينتون في أحدث تصريحاتها حول فضية التدخل الروسي عندما قارنت التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية بهجمات 11 سبتمبر المدمرة قائلة لدينا بالفعل خبراء أمن واستخبارات مخضرمين يقولون إن هذا أشبه بهجوم 11 سبتمبر إلكترونيا من حيث الإعتداء المباشر على المؤسسات الأمريكية.. هذا قد يبدو دراماتيكيا، لكننا نعلم أنهم حاولوا الدخول إلى أنظمة الانتخابات، مؤكدة أن ترامب لا يزال يحاول إرضاء بوتين.

ربما يعجبك أيضا