الاستخبارات البريطانية.. لماذا تطلق تحذيراتها الآن ؟

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد
 
أفاد رئيس جهاز المخابرات الداخلية البريطاني MI5، يوم 17 اكتوبر 2017، بأن بريطانيا تواجه أخطر تهديد على الإطلاق من جانب الجماعات المتطرفة، وأكد “أندرو باركر” في كلمة، أن التهديد عند أعلى وتيرة يشهدها على مدار 34 عامًا من عمله في مجال المخابرات.
 
إن تحذير رئيس الاستخبارات الداخلية، أندرو باركر، هذا، لم يكن الأول، فقد أطلق باركر تحذيراته خلال عام 2015 وخلال عام 2016 وخلال عام 2017، والملاحظ أنه لا جديد في تحذيرات باركر لتصل إلى حد استنساخ النص.
 
ويقول الرئيس السابق للمخابرات البريطانية اللورد جوناثان إيفانز : تهديد الإرهاب مستمر لثلاثة عقود ومن المتوقع أن تواجه بريطانيا التهديدات الإرهابية على مدى الثلاثين عامًا المقبلة.
 
تركيب وأقسام أجهزة الاستخبارات البريطانية
 

لجنة المخابرات المشتركة التابعة لمكتب رئيس الوزراء”JIC,” Joint Intelligence Commit ومهمته بلورة التقديرات الاستخباراتية القومية وإدارة شؤون جميع أجهزة المخابرات من وجهة نظر شاملة وعامة.

هيئة المخابرات السرية المستقلة “Secret Intelligence Service “SIS/MI-6، وهي المسؤولة عن تجميع المعلومات المخابراتية والأعمال السرية خارج حدود الدولة والعمل على رعاية مصالح المملكة.

وكالة الأمن المستقلة “Security Service،MI5”، وهي مسؤولة عن الدفاع عن بريطانيا تجاه التهديدات الأمنية الكبرى، مثل المؤامرات، وأعمال التجسس، والإرهاب.

وكالة التنصت القومية ”Government Communications Headquarters” GCHQ“، وهي وكالة مستقلة تابعة لوزارة الخارجية.

 هيئة المخابرات بوزارة الدفاع “Defense Intelligence Staff DIS”، وهي على صلة وثيقة للغاية بأجهزة المخابرات العسكرية الأخرى في بريطانيا.
 
المقاتلون الأجانب في بريطانيا
 
تشير إحصاءات إلى أن عدد الإرهابيين الذين غادروا بريطانيا وانضموا إلى “داعش” في سوريا والعراق يتجاوز 2000 مقاتل، وكشفت الإحصائيات الأخيرة أن (74%) من المتهمين في قضايا إرهابية خلال الفترة من عام 2016 حتى مطلع عام 2017 كانوا من  ذوي الجنسية البريطانية، وهو ما يؤكد تصاعد تهديدات الإرهاب المحلي، وأشارت صحيفة “ذا تايمز” في 27 مايو 2017، إن ضباط المخابرات توصلوا إلى أن 23 ألف متطرف يعيشون في بريطانيا، وقال مصدر مطلع، إن وكالات الأمن البريطانية تدير 500 عملية مراقبة تتعلق بنحو ثلاثة آلاف شخص يعتقد أنهم يمثلون خطرا على البلاد.
 
حملات اعتقالات في بريطانيا لعناصر يشتبه بانتمائهم لداعش
 
ـ يوم 26 مايو 2017: اعتقلت الشرطة البريطانية شخصًا في منطقة “موس سايد” في مانشستر يشتبه بصلته بالهجوم الذي شهدته مدينة “مانشيستر”.
 
ـ يوم 4 يونيو 2017: اعتقلت الشرطة البريطانية 12 شخصًا، وشنت حملات دهم واعتقالات في حي “باركينغ” شرقي لندن، بعد الهجوم الإرهابي الذي وقع في العاصمة اللندنية
 
ـ يوم 16 يونيو 2017 : اعتقلت الشرطة البريطانية، رجلا للاشتباه في حيازته سكينا خارج قصر “ ويستمنستر” وتم إغلاق المدخل المؤدي للبرلمان.
 
ـ يوم 1 يوليو 2017 : اعتقلت الشرطة البريطانية 5 أشخاص يشتبه بتخطيطهم لهجمات إرهابية، وذلك خلال عمليات أمنية نفذتها جنوب لندن وفي مطار “هيثرو” بالعاصمة.
 
ـ يوم 7 يوليو 2017: ألقت الشرطة البريطانية القبض على شاب عمره 19 عامًا، في مطار بشمال إنجلترا، للاشتباه في صلته بهجوم على حفل موسيقي بمدينة مانشستر أودى بحياة 22 شخصا.
 
ـ يوم 2 أغسطس 2017 : اعتقلت الشرطة البريطانية رجلا يبلغ من العمر 49 عاما، في مطار “ساوث إند” بالقرب من العاصمة لندن، للاشتباه في تحضيره بالقيام بعمل إرهابي.

 
إجراءات  جديدة لمكافحة الإرهاب في بريطانيا
 
تتخذ الحكومة البريطانية، ضمن إطار مكافحة الإرهاب والتطرف، بمجموعة من الإجراءات والتدابير الأمنية، أبرزها ما يلي:
 
ـ تتبع المكالمات التي يجريها المتطرفون عبر الهواتف، حيث تقوم طائرات التجسس بدون طيار باختراق أبراج الاتصالات التي تمر عبرها مكالمات المتصل.
 
ـ التحقيق مع المتطرفين وفرض القيود على تحركاتهم وأنشطتهم المالية.
 
ـ إطلاق النار على المتطرفين الذين يقودون المركبات لمنع استخدامها في تنفيذ عمليات إرهابية.
 
ـ تجريد المتطرفين المشتبه بهم من الجنسية مع سحب جوازات سفرهم لأسباب تتعلق بالأمن القومي.
 
ـ وضع السجناء المتطرفين في وحدات خاصة لمنعهم من إقناع سجناء آخرين بالتطرف .
 
ـ يفرض على المدارس والسجون والبلديات وغيرها من الهيئات العامة، التدخل أو التصرّف في حال رصد الأشخاص الذين ينحون باتجاه التطرف، بغية منعهم من التورط في أعمال إرهابية لاحقاً.
 
ـ منع الدعاة المتشددين من نشر مواد متطرفة على الإنترنت.
 
ـ تنظم دروس إجبارية للأشخاص الذين يمثلون تهديدا أمنيا لدفعهم للتخلي عن الأفكار المتشددة.
 
ويحدد القانون عمل الاستخبارات البريطانية كالتالي:
 
ـ توسيع صلاحيات الهيئات الأمنية المختصة خلال مراقبة المشتبه بهم عبر الإنترنت.
 
ـ إمكانية المراقبة عن طريق استخدام تصاريح خاصة مع فرض رقابة صارمة على استخدام هذه التصاريح.
 
ـ فرض مزيد من القيود على التعاملات والتحويلات المشبوهة، خصوصًا فيما يتعلق بأنشطة الإرهاب والجريمة المنظمة.
 
ـ تعيين عملاء جدد في محاولة لضم المزيد من الملونين والآسيويين، وتعرف تلك الطريقة في عالم المخابرات باسم ” التربيت على كتف الشخص لجذب انتباهه”.
 
ـ مراقبة ورصد وسائل الاتصالات باستخدام أجهزة التصنت.
 
ـ حماية النشاطات الاقتصادية للمملكة المتحدة من التهديدات الخارجية.
 
ـ تجميع المعلومات المخابراتية والأعمال السرية خارج حدود الدولة.
 
ـ الدفاع عن بريطانيا تجاه التهديدات الأمنية الكبرى، مثل المؤامرات، وأعمال التجسس، والإرهاب.
 
ـ كما يمكن إلغاء وثائق سفرهم، ورفض إعادة دخولهم ما لم يوافقوا على شروط مثل التسجيل في برنامج لنبذ التطرف أو إبلاغ الشرطة على أساس منتظم، ويعتقد أن الحالة الوحيدة لـ”أوامر الاستبعاد المؤقتة”، هو ذكر قاتل مع تنظيم “داعش” الإرهابي.
 
 
 
لماذا تصدر الاستخبارات تحذيراتها؟
 
تطلق أجهزة الاستخبارات البريطانية بين فترة وأخرى تحذيراتها، وفي الغالب تكون متزامنة مع  العمليات العسكرية للتحالف الدولي في مناطق النزاع في العراق وسوريا، هذه المرة جاءت مع إعلان تحرير الرقة، السورية، المعقل السابق لما يسمى بـ”دولة الخلافة”. المقصود من التحذير هو عودة المقاتلين الأجانب إلى بريطانيا.
 
السؤال ماذا تريد الاستخبارات البريطانية من إعلان تحذيراتها؟ ولماذا تأتي في توقيتات معينة؟
 
ـ التحذيرات ربما تهدف حصول أجهزة الاستخبارات على صلاحيات جديدة أوسع، من أجل رصد ومتابعة المقاتلين الأجانب.
 
ـ إيجاد ضغوطات على السلطة التشريعية، البرلمان من أجل المصادقة على أي مسودة لقوانين جديدة في مكافحة الإرهاب.
 
ـ الحصول على مزيد من الميزانية والدعم السياسي.
 
ـ تبرير استمرار حالة التأهب أو الإنذار القصوى.
 
ـ اتخاذ درجات أعلى من اليقظة والحذر عند المواطن البريطاني.
 
ـ تعزيز دور الاستخباارات بالتنبيه عن المخاطر والتهديدات، وإنها تقوم بواجبها.
 
ـ إسقاط فرض، التحذيرات محاولة للأبعاد التهم والانتقادات عن أي تقصير محتمل مستقبلا.
 
ـ إرسال رسالة إلى الجماعات المتطرفة، بأن الاستخبارات البريطانية، على درجة من اليقظة والتأهب، وهنا ممكن تصنيف التحذيرات بالاجرائات الاستباقية أو الوقائية، رغم عدم وجود أي تفاصيل عن عمليات محتملة.

 
التوصيات
 

تأتي إجراءات الاستخبارات البريطانية في هذا الوقت، متأخرة جدا، بسبب تراكم السياسات البريطانية ولسنوات طويلة في مجال مكافحة الارهاب وكذلك السياسة الخارجية، والتي اتسمت بمهادنة الجماعات المتطرفة وسياسات غض النظر. التحذيرات تعكس هاجس وقلق الاستخبارات البريطانية من عمليات انتحارية محتملة، بسبب عدم توفر الإمكانيات وربما القدرات والتي تتعلق بالميزانية والموارد البشرية، أكثر من الخبرات، ما ذهبت إليه الاستخبارات الداخلية MI5 يأتي نتيجة واقع مجمع الاستخبارات البريطانية، وممكن اعتبارها مطالبات من الاستخبارات البريطانية إلى الحكومة والبرلمان البريطاني للحصول على صلاحيات ودعم أكثر.
 
النقص الذي تعانيه الاستخبارات البريطانية، ربما يجعلها عرضة للعمليات الانتحارية، لا تتحدد بالجماعات المتأسلمة بل تتعدى ذلك إلى جماعات اليسار واليمين المتطرف، لتكن بريطانيا أمام وقع إرهاب مزدوج  محليًا وخارجيًا.
 
التحذيرات لا تمنع وقوع عمليات إرهابية، إن لم تكن قائمة على معلومات مصنفة من مصادر سرية موثوقة.
 
* باحث في قضايا الإرهاب والاستخبارات

ربما يعجبك أيضا