عميد ألسن قناة السويس: توافق الرؤى بين مصر والصين يؤسس لتحالف استراتيجي

يوسف بنده

رؤية – شيماء مصطفى

وعد الرئيس الصيني “شي جين بينج”، بحقبة جديدة للصين الاشتراكية في خطابه الذي استغرق 3 ساعات خلال افتتاح المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني الذي يُعقد مرة كل خمس سنوات، في بكين، الأربعاء الماضي. كما وعد بلاده بمكانة أكثر مركزية على الساحة الدولية، وكذلك بتغيرات في العقيدة الاقتصادية الشيوعية.

وقد اعتمد الحزب الشيوعي استراتيجية الرئيس الصيني لقيادة البلاد في المرحلة المقبلة، حيث نشرت وسائل الإعلام الصينية أن الرئيس “شي جين بينج” عمل منذ أن استلم السلطة عام 2012م، على محاربة الفساد، وإصباغ الشيوعية بالخصائص الصينية، فقد وعد بمزيد من الانفتاح الاقتصادي نحو الخارج وفتح السوق الداخلية للمستثمرين الأجانب ومعاملة منصفة للشركات الأجنبية. وهو ما يضع الرئيس الحالي إلى جانب المُنظرين الشيوعيين الكبار في تاريخ الصين، أمثال الزعيم الراحل “دينج شياو بينج” (1904- 1997م) الذي تبنى اقتصاد السوق.

ومع الزعيم الصيني الحالي، بدأت بكين تغير من استراتيجيتها الخارجية جذريًا، حيث كانت سياستها الخارجية السابقة عبارة عن عدم إظهار قوتها وعدم الخروج من الظل، إلا أن بكين الآن تسعى إلى توسيع مناطق نفوذها في جميع أنحاء العالم، في محاولة منها لمواجهة الولايات المتحدة.

ومع تطوير دولة الصين لنظامها الاقتصادي، واعتمادها على محددات بعيدة عن الأيديولوجيا العابرة للأقطار في سياستها الخارجية، فهذا يعني أن الصين باتت تستعد لتقديم نفسها كقطب منافس للولايات المتحدة الأمريكية.

وهو ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى القلق على مستقبلها من صعود الصين، وقد أطلقت استراتيجية “نحو آسيا” من أجل كبح عنفوان التنين الصيني وحصاره داخل أراضيه.

وهذا يطرح تساؤلات عدة حول مستقبل منطقتنا العربية والشرق أوسطية في الشراكة مع الصين، بعد أن باتت بكين وجهة رئيسة للكثير من القادة العرب ومنطقة الشرق الأوسط، وباتت نقطة توازن في معادلات السياسة الدولية.

وهو ما يجيب عليه في حوار مع شبكة رؤية الإخبارية، الأكاديمي والخبير في شئون الدراسات الصينية والشرق الأقصى، الأستاذ الدكتور “حسن رجب” عميد كلية الألسن ومدير معهد كونفوشيوس بجامعة قناة السويس، حيث يجيب لنا على بعض الأسئلة الشاغلة للرأي العام المصري والعربي حول مستقبل العلاقات مع الصين.

ما الذي يجمعنا نحن المصريون مع الصين؟

أننا أصحاب الحضارة الشرقية القديمة، فالآن يدرك الجميع أن الصين باتت دولة ملء السمع والبصر، دولة ذات حضارة عريقة على مستوى التاريخ، فهي ومصر أقدم حضارتين في العالم، فإذا كانت مصر تسمى الشرق الأوسط فالصين تسمى الشرق الأقصى، كلاهما تجمع بينهما الثقافة الشرقية، القائمة على الكثير من الموروثات المتشابهة التي تنظم أوجه الحياة الاجتماعية كالاحترام المتبادل وقيمة العمل والحفاظ على التقاليد واحترام القدوة والنموذج، والكثير من المتشابهات الثقافية الأخرى التي تجمع بين حضارات المجتمعات الشرقية.

هل الصين الآن باتت بالقطب الذي يمكن التعويل عليه بعيدًا عن الولايات المتحدة الأمريكية؟

نعم، أعتقد أن الصين في المستقبل القريب سوف يكون لها باع طويل على المستوى الدُولي، وإذا نظرنا إلى تاريخ العالم، فإلى أين ذهبت الحضارات الرومانية أو اليونانية أو الفارسية؛ لقد انقرضت جميعها. وكل قومية وحضارة أعتقد تاخذ دورة زمنية ما بين 200 إلى 300 عام، ثم بعد ذلك تضمحل وتظهر حضارة أخرى. والآن جاء دور العودة للصين بحجمها ومقوماتها وتاريخها.

أعتقد أن الحضارة الصينية مستعدة للريادة لأن لديها بوتق حضاري كبير، وما يجعلها تختلف عن الأقطاب الحالية، أن الصين تبحث عن ريادة عالمية، ليس عن طريق القوة والقهر المُسلح، ولكن عن طريق السلام والحوار والقوى الناعمة والمصالح المتبادلة.

إننا لو بحثنا في تاريخ الصين ومصر سوف نجد أنهما من أقدم حضارات العالم، وسوف نجد أنهما طوال تاريخهما لم يستغلا ولم يحتلا أي أرض أخرى، فحضارتهما قائمة بذاتها ومكتفية بنفسها. وكذلك تاريخهما متشابه، فالصين ومصر قد احتلتا من قبل القرن الثاني قبل الميلادي.

أعتقد أن الصين مع سياسة الانفتاح والاصلاح التي تبناها الزعيم الصيني “دينج شياو بينج” سنة 1989م، استطاعت خلال 30 عامًا أن تبنى نفسها وتعتمد على نفسها وتصبح قوة ملء السمع والبصر، ومن الواضح أنه خلال العشرين سنة القادمة سوف يكون لها باع طويل على مستوى الاقتصاد العالمي. الأن هي باتت تحتل المركز الثاني بعد الولايات المتحدة الأمريكية، ولكنى أعتقد أن أمريكا قد وصلت إلى ذروة الهرم، وأن نجمها في طريقه إلى الاُفول.

وإذا قرأنا التاريخ، فإذا كانوا يقولون أن القرن التاسع عشر الميلادي هو قرن الانجليز، وأن القرن العشرين هو قرن الأمريكان، فإن القرن الحادي والعشرين هو قرن الصينيين؛ لأن الصين باتت مصنع العالم، أي أن كل الماركات العالمية سواء من مأكل أو ملبس أو تصنيع يذهبون بها إلى الصين، بل حتى يأتون من أمريكا، ثم يرجعون بها إلى بلادهم ويديرون تجارتها.

أعتقد أن الصين بحكمتها وحنكتها باتت جديرة أن تتبوأ مكانة على المستوى الدولي في المستقبل المنظور.

هل مصر بعيدة عن الدخول في تحالف استراتيجي مع الصين؟

الواقع العملي يقول عكس ذلك، بل هناك اتجاه نحو التحالف الاستراتيجي بين البلدين، أعتقد أن مصر مع الزعيم “السيسي” والزعيم “شي جين بينج”، وما بين الزعيمين من كيمياء وتوافق في الرؤى سوف يدفع مصر إلى تحالف استراتيجي  قوي مع الصين، وأنا أعتقد أن منطقة خليج السويس وما بها الآن أكثر من عشرين شركة صينية، تعمل الحكومة الصينية على دفعها وإعطاءها القروض كي تستثمر في مصر، أن هذا سوف يجعل مصر في المستقبل من أهم الحلفاء الاستراتيجيين للصين في المنطقة.

ما موقع مصر من مشروع طريق الحرير؟

أعتقد أن موقع مصر الاستراتيجي يؤهلها أن تكون هي الباب الذهبي لطريق الحرير. وأن الزعيم الصيني قام في الفترة الاخيرة بتطوير طريق الحرير؛ وأعلن ما يسمى بمبادرة الحزام والطريق، أي أن كل الدول التي كانت تقع على طريق الحرير أصبحت ترتبط برباط اقتصادي مع الصين، وإذا نظرنا لمصر وحجمها نجد أنها تحتل محطة مهمة في هذا الطريق إن لم تكن احدى بوابته الأهم.

كما انشأ الزعيم الصيني ما يسمى ببنك الاستثمار والتنمية في أفريقيا، وقد وضع فيه 60 مليار دولار لكي يساعد الدول الافريقية في تطوير اقتصادها، كي تكون رافدًا مهمًا في طريق الحرير، وبالطبع مصر بوابة مهمة لأفريقيا وأسيا على رأس هذا الطريق.

وهنا يجب أن نقول، إذا كان الأمريكان يُخضعون الآخرين بالقوة، فإن الصينيين أكثر ذكاءً حيث يُخضعون الآخرين بالمساعدات الاقتصادية والتعاون والحوار والمصالح المتبادلة.

هل بذلك الصين تضع حلولًا لأزمات القوى والمنظمات الدولية؟

نعم، وهذا ملحوظ بشكل واضح، فوقوف الصين وراء تشكيل منظمة “بريكس” التي تشكلت من دول عدة صاحبة الاقتصاديات الناشئة، والتي تشكل مساحتها ربع مساحة اليابسة، وعدد سكانها يقارب 40% من سكان الأرض. ومن المتوقع بحلول عام 2050م أن تنافس اقتصادات هذه الدول، اقتصاد أغنى الدول في العالم حاليًا. وكذلك انشاء “البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية”، وكذلك “بنك التنمية الجديد” (بريكس)، تحت مظلة هذه المنظمة. كل هذا يعني أن الصين عازمة على التخلص من النظام العالمي أحادي القطب، وأن هذه البنوك تعمل على إصلاح ما أفسده “البنك الدولي” الذي يقع تحت الوصاية الغربية لاخضاع العالم.

ما دور الاستثمارات الصينية في رؤية مصر المستقبلية “2030”، سيما في مجال التكنولوجيا والصناعة؟

الاستثمارات الصينية بدأت الآن تأخذ الطريق نحو ذلك وسوف تزداد في المستقبل، وتدرك الصين تمامًا أهمية موقع السوق المصري ومدى ما يتمتع به من قوى عاملة وإمكانات وفرص استثمارية، وأن مصر مهتمة بتحقيق الاستقرار عن طريق التنمية وجذب والاستثمارات الأجنبية في كافة المجالات الزراعية والصناعية، ولدينا شراكات تكنولوجية عدة مع الصين في تلك المجالات.

ودليل ذلك، أن هناك مصنع يُسمى “جوشي” للفايبر جلاس، في منطقة خليج السويس، وهو أكبر مصنع على مستوى العالم في هذا المجال، وقد زرته بنفسي وشعرت بفخر أن المنتج يُكتب عليه “صُنع في مصر”، ويعمل به حوالي 2500 عامل، وأن هذه الشركة في السبيل إلى انشاء مصنع ثاني وثالث أيضًا.  واعتقد ان هذه هى البداية، وأن المستقبل يحمل الكثير من الاسثمارات الصينية في مصر.

هل يلعب طريق الحرير دورًا في ربط مصر مع ممرات التجارة العربية، في مناطق الخليج على سبيل المثال؟

نعم، أعتقد أن طريق الحرير سيكون بمثابة الرباط الحيوي للربط بين ممرات التجارة العربية، وسوف تكون مصر هى بوتقة أو معين للصادرات الصينية ينطلق منها إلى منطقة الخليج العربي وإلى قلب أفريقيا.

هل الاعلام المصري مقصر أمام التجربة الصينية؟

نعم، أعتقد أن بُعد المسافة بين مصر والصين، وكذلك تقصير الاعلام في اطلاعنا على التجربة الصينية بشكل مباشر- وإن كانت الصين نفسها حريصة على نقل تجربتها النهضوية- هو ما جعل بين الشعبين سوء فهم أو سوء تقدير، وكل ذلك أدى إلى بطء ادراكنا الحقيقي للتجربة الصينية، فالكثير منا مازال يعتقد أن الصين هي مجرد مورد للبضاعة الرديئة أو البضاعة التي تتلف بسرعة، رغم أنها تقدم حلًا للكثير من المشاكل، وفي الحقيقة العيب في ذلك يرجع إلى التاجر الذي يذهب الى الصين لكي يبحث عن الربح قبل الجودة من أجل تعظيم ثروته.

لكننا في الحقيقة في حاجة إلى تركيز إعلامي على التجربة الصينية في كافة المجالات؛ لأن هناك دول في جوارنا تنافس على استلهام التجربة الصينية، وتوظف كافة الآليات لذلك.

هل من السهل تقبل المجتمع المصري للثقافة الصينية؟

نعم، أعتقد من السهل جدًا، لأنه مثلما قلتُ في البداية، أن الثقافة الشرقية هي التي تجمعنا، فبرغم أن الثقافة الغربية دخلت المجتمع الصيني، إلا أن أنهم مازالوا محافظون على الثقافة الشرقية وروح الشرق. وأن ما يجمعنا نحن أهل الشرق كثير.

بادرت الامارات بجعل اللغة الصينية اختيارية في 10 مدارس ثانوية، في خطوة تجريبية، وهناك تعاون بين جامعتي الشارقة وشيان الصينية في مجال تدريس اللغة العربية، كيف تنظر إلى هذه الخطوات من جانب بلد عربي يواكب التحولات مثل الامارات؟

أعتقد أنها خطوة سباقة، وأن دلت فهي تدل على بُعد نظر دولة الإمارات الشقيقة، وأعتقد أن مصر في حاجة إلى مثل هذه التجربة، وقد طرحتُ على السفارة الصينية أن تخاطب وزارة التعليم المصرية، بأن تجعل اللغة الصينية لغةً ثانية في المدارس الثانوية إلى جانب اللغات الغربية كالإنجليزية والفرنسية؛ لأن معظم علماء اللغة يقولون أن العشرين سنة القادمة، ستكون اللغة الأولى في العالم هي الصينية، بسبب حجم السكان وحجم الإنتاج وكذلك الانتشار الثقافي والمعرفي.

مصر اتخذت خطوات مشابهة، وأنتم شاركتم في صناعة هذه الشراكة الثقافية والتعليمية، هل هذا يعنى ان هناك توجه فعلي نحو شراكة عربية متعددة الأوجه مع الصين، لا تقتصر على الجانب الاقتصادي، بما يجعل الثقافة الصينية تحتل مكانة إلى جانب الثقافة الغربية في العالم العربي يوم ما؟

أعتقدُ انه في الفترة الأخيرة بعد ما دارت المنطقة العربية وكذلك دول الخليج في فلك الغرب وانتهينا إلى ما أنتهينا إليه، إلى ما يسمى “الربيع العربي” ومآسيه التي مازلنا نعيش فيها حتى الآن؛ فلا مفر من الصين، لأنها قد أصبحت الخيار الوحيد أمامنا الذي يجب التوجه إليه، كقطب “آمن” يبحث عن الشراكة وليس عن الاحتلال والعداوة والحروب، فهي لا تقوم بتصدير الأيديولوجيا لأنها مكتفية بذاتها ومقتنعة بها، وأعتقد أن التعاون بين العالم العربي والصين في الستقبل سوف يشهد الكثير من التطور.

كذلك، نجد أن الصين باتت الآن هى المستورد الأول للنفط العربي، سيما من المملكة العربية السعودية، لكنها لم تخرب بلادنا مثلما فعلت الولايات المتحدة والقوى الغربية من أجل الحصول على النفط.

إذن، هل نحن في حاجة إلى عودة إلى الشرق بعد قطيعة استمرت لمدة أكثر من قرنين، وهل الصين وجهة آمنة؟

نعم الصين وجهة آمنة كما أسلفت، لقد عشت في الصين خمس سنوات وعايشت الصينيين عن قرب، وعندما جاء وقت الرحيل، لقد انهمرت دموعي لفراق الأصدقاء، لم أكن أشعرُ بالغربة هناك، فالثقافة الشرقية كما تحدثت في البداية، لعبت دورًا في شعوري الذي تشكل، وأعتقد أنها ستعلب نفس الدور مستقبلًا في التقارب بين الصين والشعوب العربية والشرقية.

تقيم الصين الآن مؤتمر الحزب الحاكم لمدة أسبوع، لمناقشة أيديولوجيتها المستقبلية مع طرح تعديلات تتماشى مع اقتصاد السوق المهيمن على العالم، هل هذا تراجع عن الشيوعية أم مراجعة لها، لتلبية حاجات الحاضر والمستقبل؟

أعتقدُ أن العقلية الصينية هي عقلية براجماتية في الأساس، فالصيني مشاهد ومراقب جيد ويسجل ويطور نفسه بنفسه، ويواكب العالم، خاصة أنه يدرك تحولات العالم جيدًا حوله، فليس يعيش في عزلة عن ما يجري من تحولات وتطورات خارج حدوده، وبالتالي يراقب انعكاس ذلك على الداخل أيضًا، ويقوي داخله ليكون قادرًا على التواصل مع الخارج.

وهذه التحولات في المنظور الشيوعي، ليست خوفًا من الغرب، فالصينيون لا يخافون منهم، بل لديهم تحدي لهم. والصين مازال لديها الكثير من المشاكل خصوصًا في تنمية الريف، وتحتاج إلى تدفق رؤوس الأموال، ولذلك تطور من أيديولوجيتها حتى تكون قادرة على مناطحة العالم الغربي ومنافسته في الاقتصاد الدولي.

تحاول أمريكا الحصول على قرن جديد من الازدهار، ولذلك تركز كافة سهامها نحو أسيا، والمستهدف هو الصين، ولذلك تحاول تجنيد كافة القضايا هناك في خدمة هدفها، وهو ما جعل قضية المسلمين في الصين تثار في الإعلام العربي والدولي، ما تعليقك؟

من المعروف أن منطقة اقليم “شينج يانج” أو كما يُطلق عليها “تركستان الشرقية” تقع في شمال غربي الصين وهي ملتقي قارتي آسيا وأوروبا. وتعتبر منطقة “شينج يانج” التي تبلغ مساحتها أكثر من مليون وستمائة وستين ألف كيلومتر مربع، فهي أكبر منطقة من حيث المساحة على مستوى مقاطعات الصين.

وتجاور “شينج يانج” ثماني دول من جهة الشمال والغرب وهي منغوليا وروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأفغانستان وباكستان والهند. ويمتد خط الحدود الصيني في منطقة “شينج يانج” أكثر من خمسة آلاف وأربعمائة كيلومتر، الأمر الذي يجعلها تمتلك أطول وأكثر خط حدود عبورًا في الصين.

وهذا التوضيح يضع الإجابة، فاشتعال هذه المنطقة التي تربط أسيا بأوروبا، يعني أن الولايات المتحدة نجحت في عزل الصين عن العالم؛ لأنها وقتها ستكون منشغلة بحل مشاكلها الداخلية.

لعبة “أسلمة” القضايا لتعبئة المرتزقة المجاهدين من كل مكان هي لعبة قديمة قامت بها الولايات المتحدة من قبل لحرق الأرض ووأد الحضارات وافراغها، وهو ما شاهدناه في دول أسيا وكذلك في أحداث الربيع العربي.

أقولها بكل أمانة المسلمون في الصين يعيشون بكل حرية تامة، في مجتمع صناعي متطور، تقدم لهم الحكومة الصينية ما لا تقدمه حكومات أخرى لشعوبها، إننا لا نتحدث عن أوضاع مسلمين يعيشون قي أفريقيا، بل يعيشون في بلد مثل الصين يقدم العمل والاجتهاد على أي شئ.

ولا ننسى أن الصين تقع في جوار دول مصدرة للتطرف مثل أفغانستان وباكستان وجمهوريات أسيا الوسطى، وشاهدنا كيف تم توظيف أبناء هذه البلدان لحرق سوريا والعراق. فكما نقلق نحن في بلادنا الإسلامية من الجماعات الدينية التي تغسل عقولها لوبيات دولية وتوظفها ضد وطنها، كذلك الأمر بالنسبة للصين، فهي تقلق من تمدد التطرف إلى داخل أراضيها وأن تجد نفسها في النهاية منشغلة بمحاربة مارد الإرهاب.

والوجود الإسلامي بثقافته وحضارته موجود منذ قرون في الصين، ولعب دورًا في نهضة الصين قديمًا، وكذلك الآن تفتخر الصين بهذا الوجود وتوظفه في التواصل مع الحضارات العربية والإسلامية. الصين ليست بلد طائفي أو متعصب دينيًا، ونجدها تقدم للمسلمين صناعة رموز عبادتهم بداية من السبحة حتى السجادة.

وأقولها بكل أمانة أن مصلحة المسلمين مع الدولة الصينية الأم، ولكن أمريكا تلعب بهذه الورقة من خلال ما يسمى بمنظمة “تركستان الشرقية”، التي تعيش زعيمتها “ربيعة قدير” الآن في أمريكا، وبطريق غير مباشر عبر الاستخبارات وعن طريق دول مثل تركيا ودول أخرى تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتحريك نزعة الإنفصال هناك لتوجيه ضربة للصين وعزلها عن العالم.

وقد قلتُ سابقًا عندما ظهرت الاضطرابات التي كانت تقف وراءها تركيا، انه إذا انفصل اقليم “شينج يانج”، فإننا سوف نكون أمام “صومال جديد“، سوف يقاتلون بعضهم البعض، ولذلك أرى أن مصلحة المسلمين الصينين هى البقاء مع الدولة الأم؛ لأنهم لن يجنون إلا حروب أمراء الطوائف من هذا الإنفصال.

ربما يعجبك أيضا