رؤية مصر (1).. كيف تتحول الجامعات الى مراكز تخطيط إقليمي؟

هيثم البشلاوي

هيثم البشلاوي

يرتكز التخطيط القومي للدول على مجموعات من خلايا التفكير التي تعمل على صياغة رؤيتها المستقبلية من خلال دراسة ( الموارد – المدي الزمني – الأقاليم المستهدفة) وعلى تلك القاعدة ينبغي أن تعمل مصر على تطوير وتفصيل رؤيتها المستقبلية 2030 التي اعتمدت فيها على نمط التخطيط المركزي كخيار عاجل للمرحلة.

ونستهدف من خلال هذا المقترح أن ينتقل هذا التخطيط المركزي لمستوي التخطيط الإقليمي، وذلك من خلال إنشاء شبكة مراكز تخطيط إقليمية بالاعتماد على الجامعات كبيوت خبرة متخصصة والانتقال بها من حيز الإطار العلمي الافتراضي إلي الواقع العملي القومي ، وذلك بإشراكها في صياغة رؤية مصر المستقبلية

وحقيقة التخطيط الإقليمي، أنه لا يتعارض مع التخطيط القومي الشامل بكل هو مكمل وأكثر دقة في تحديد الأهداف والأولويات.. فهو بمثابة تخطيط من القاعدة للقمة بما يحقق التوازن بين الأقاليم Regional Balance والتخلص تدريجيا من ظاهرة الاختلال الإقليمي بتضييق الفجوات الاقتصادية والتباينات الاجتماعية بين المناطق المختلفة.  
   
توصيف مقترح مراكز التخطيط الإقليمي بالجامعات:
في البداية وقبل الخوض في الطرح يجب إعادة النظر في هيكلية الجامعات المصرية من حيث التخصصات والمهام ليدرج على لائحة المجلس الاعلى للجامعات نص يسمح باستحداث تخصصات وتغيير مناهج ومسميات بعض الكليات وفصل أقسام داخل الكلية الواحدة لكليات منفصلة وإتاحة تأسيس الجامعات والاكاديميات المتخصصة. ومنح الجامعات حق تشكيل مجلس أمناء لها بمعايير وشروط محددة.

ليكون هذا التطوير مقدمة لإنشاء مركز للتخطيط الإقليمي في كل جامعة بلائحة موحدة وجدول زمني ملزم التنفيذ. وتعمل تلك المراكز بقدر كبير من الاستقلالية في طرح رؤيتها بما لا يتعارض مع تكليفات المخطط القومي الشامل للدولة.. ويتكون مقترح مجموعة من البرامج البحثية المتخصصة  الطى تعمل على الخروج بمشروع إقليمي  متكامل  في مجال اختصاصها.. ونستعرض مقترح تلك البرامج كالتالي:

1- برنامج التطوير الإداري :
ويكون بمثابة المستشار الإداري للمحافظة ويعمل البرنامج المقترح  من خلال قسم إدارة الأعمال بكليات تجارة ويفضل فصل قسم إدارة الأعمال ليصبح كلية منفصلة تشمل أقسام أكثر تخصصا في الإدارة .ويشمل إطار عمل البرنامج  كل إدارات الحكم المحلي داخل الاقليم .

وتتم الية العمل في هذا البرنامج تحديدا بالتكليف المباشر ضمن إطار الخطة القومية لتطوير وإعادة هيكلة منظومة الحكم المحلي. ويتمثل الناتج البحثي للبرنامج في توظيف الجهد البحثي لطلبة الدراسات العليا المتمثل في  الدراسات والرسائل العلمية لتصب في إطار التكليف القومي لبرنامج التطوير الإداري. ويعمل البرنامج بالتزامن في مختلف الجامعات على جدول أعمال مشترك حسب أولويات الخطة القومية للتنمية الإدارية وذلك بدعم وزارة التنمية المحلية ووزارة التخطيط.

فعلى سبيل المثال: تكلف كل برامج التطوير الاداري بمختلف مراكز التخطيط الإقليمي بالجامعات بإعداد مشروع  تطوير وإعادة هيكلة لدواوين عام المحافظات وتسلم كل المشروعات وفقا للجدول الزمني الموحد لوزارة التخطيط ثم يجتمع مديرين البرامج لطرح المشروعات والمناقشة والخروج في النهاية بهيكل موحد يعتمد ويعمم تطبيقه حسب مراحل الخطة الشاملة للتنمية الإدارية التي تتبناها وزارة التخطيط.

2- برنامج تخطيط العمراني:
ويعمل البرنامج المقترح في إطار كلية الهندسة بكل جامعة من خلال تأسيس مكتب للاستشارات الهندسية ويكون هو جهة الاعتماد لكل الإنشاءات التي تنفذها إدارة الحكم المحلي بالمحافظة. ويعمل البرنامج من خلال توظيف جهد إدارة الدراسات العليا بأقسام كلية هندسية (مدني – معماري) وتوجيه مشروعات التخرج حسب تكليفات المخطط الإقليمي المستهدف إعداده. فمثلا: يكلف طلبة قسم عمارة بإعداد مشروعات تخرج لأبنية أو مدن الجديدة مزعم إنشائها. وبالقياس على مختلف الأقسام كل حسب اختصاصه.

3- برنامج التخطيط الصناعي والتكنولوجي:
ويعمل على المقترح بعض أقسام كلية الهندسة وكليات علوم الحاسب ويتبع للبرنامج المدارس الصناعية في الإقليم بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم ووزارة الصناعة والتجارة وتتمثل المهمة الأولي للبرنامج في إعداد مناهج المدارس الصناعية وتدريب أعضاء هيئة التدريس بها. وإعداد مخطط متكامل لتطوير الصناعات المستوطنة في الإقليم ومسارات التطوير الصناعي المستهدفة من حيث الآلات والخامات.

 فمثلا: يعمل قسم ميكانيكا بكلية هندسة جامعة طنطا على دراسة تكنولوجيا صناعة الغزل والنسيج وأحدث المعدات المستهدف تطوير مصانع الغزل والنسيج في المحلة من خلالها. وبالقياس ستعمل مختلف الاقسام ذات الصلة بالبرنامج.

4- برنامج التخطيط الزراعي:
كلية الزراعة هي المسئولة عن تفعيل البرنامج المقترح ويتطلب تفعيل البرنامج تعاون مباشر ودائم بين وزارة الزراعة وقطاع التعليم الفني بوزارة التربية والتعليم ففي ظل هذا البرنامج تخضع كل المدارس الزراعية لإشراف كليات الزراعة وتكون مهمة البرنامج الأولي هي وضع مناهج التعليم الزراعي ووضع برنامج تدريبي مكثف لأعضاء هيئة تدريس المدارس بالاشتراك مع كليات تربية ونعتقد ان هذا البرنامج بحاجة لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ليكون مؤهل بالبيانات والموارد البشرية لصياغة مشروع زراعي خاص بالإقليم القائم عليه.

وتدور مهمة البرنامج حول دراسة أفضل المحاصيل المناسبة للقطاع الإقليمي وتقسيمها لأحواض جديدة ووضع مخطط لشبكة ري حديثة ودراسة أمكانيات التوسع الرأسي Vertical Expansion (زيادة إنتاجية الأرض الحالية) أو الأفقي Horizontal Expansion (استصلاح أراضي جديدة).. ونعتقد أن إعداد هذا المخطط التفصيلي في ثلاث سنوات على مستوي كل أقاليم الجمهورية هو مقدمة  قوية لصياغة مشروع زراعي متكامل على المستوي القومي يكون قادر على تحقيق معدلات من الاكتفاء الذاتي لعدد من المحاصيل الاستراتيجية.

هذا الطرح هو مجرد تصور أولي بحاجة لمزيد من الدراسة والتطوير ليصبح مؤهل للتطبيق سنتابع طرح بقية البرامج البحثية التي نستهدف من خلالها تقديم مقترح متكامل لشبكة من مراكز التخطيط الإقليمي تحقق فيما بينها تكامل لصياغة رؤية مصر.

ربما يعجبك أيضا