تقرير أممي يُدين الأسد.. وقرار دولي ينتظر فيتو روسي

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبد النبي

تقرير أممي ليس بجديد ولكنه تأكيد لما تضمنته الاتهامات السابقة، حيال استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية على بلدة خان شيخون شمال غربي سوريا في أبريل الماضي، ما أدى إلى مقتل الآلاف وإصابة المئات، وسط إنكار سوري وتجاهل روسي لنتائج لجان التقصي.. فهل يسهم التقرير الصادر عن الأمم المتحدة في إصدار قرار إدانة للنظام؟ أم سيتدخل الفيتو الروسي لحماية جرائم الأسد مُجددًا؟

تقرير الأمم المتحدة

أصدرت الأمم المتحدة أول أمس الخميس، تقريرًا حملت فيه الحكومة السورية المسؤولية عن الهجوم الكيماوي على بلدة خان شيخون التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة شمال غربي سوريا في أبريل الماضي.

وأكد التقرير الصادر عن لجنة تحقيق مشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية والأمم المتحدة، أن دمشق استخدمت غاز السارين في بلدة خان شيخون، ليؤكد الاتهامات السابقة بحق النظام الأسد كما قالت نيكي هايلي المندوية الأمريكية لدي الأمم المتحدة.

وقالت هايلي -في بيان- “مرارًا وتكرارًا، نرى تأكيدًا مستقلا عن استخدام نظام الأسد السلاح الكيمياوي. وعلى الرغم من هذه التقارير المستقلة، نرى بعض الدول ما تزال تحاول حماية النظام”.

كانت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية قد خلصت في 19 أبريل إلى استخدام غاز السارين في الهجوم على خان شيخون، بينما قامت المخابرات الفرنسية بتحديد مسؤولية النظام من خلال الاستناد إلى طريقة تصنيع الغاز المستخدم ومقارنته مع عينات من هجوم في 2013 على سراقب (شمال غرب) نُسب وقتها إلى النظام.

وعلى إثرها، أكدت دول عديدة على رأسها فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وتركيا والولايات المتحدة إضافة للاتحاد الأوروبي، تورط النظام السوري في قصف السوريين بغاز السارين السام في بلدة خان شيخون، والذي أودى بحياة 1000 شخص وإصابة 500 آخرين بالاختناقات بينهم أطفال ونساء، إلا أن الحليف الروسي كان حائلًا مُلقيًا اللوم على جماعات المعارضة السورية ومتهمًا إياها بأنها وراء الهجوم الكيماوي.

سوريا تنكر وروسيا تُشكك

على الجانب الآخر، أنكر الرئيس السوري بشار الأسد وحليفته روسيا في وقت سابق، الحادث معتبرين أن الحادث “مُلفق” ، وزعموا بأن هجومًا جويًا ضرب مستودعًا للمعارضة السورية كان مليئًا بالأسلحة الكيماوية.

وبعد ساعات من صدور التقرير، رفضت الحكومة السورية ما جاء به من اتهامات لها باستخدام غاز السارين في الهجوم، وعززت من تواجدها العسكري ميدانيًا.

واعتبر مسؤول بالحكومة السورية، أن التقرير جاء “تنفيذًا لتعليمات الإدارة الأمريكية والدول الغربية لممارسة مزيد من الضغوط السياسية والتهديدات العدوانية لسيادة سوريا”، مؤكدًا في الوقت ذاته التزام دمشق باتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية نصًا وروحًا.

أما موسكو فقد سارعت بالتنديد، حيث قالت على لسان مساعد وزير الخارجية سيرجي ريابكوف إن التقرير تضمن العديد من التناقضات واستخدم أدلة و شهادات مشكوك في صحتها.

وقد سبق التقرير الأممي، قيام روسيا يوم الثلاثاء باستخدام حق النقض “الفيتو” ضد تمديد عمل جهاز التقصي التابع للأمم المتحدة، وهو الجهاز الرسمي الوحيد الذي يحقق في استخدام الأسلحىة النووية في سوريا، وانضمت إليها بوليفيا بينما امتنعت الصين عن التصويت.

بحسب الخبراء، فإن استخدام الفيتو الروسي قبيل صدور التقرير ما هو إلا محاولة جديدة من روسيا لتقويض مصداقية التقرير الدولية، والتصدي لأي قرار دولي لإدانة النظام السوري.

ماذا ينتظر مجلس الأمن؟

رغم الاتهامات السابقة باستخدام نظام الأسد للأسلحة الكيماوية على بلدة خان شيخون، إلا أن الجميع عول على تقرير الأمم المتحدة الذي أكد بدوره على تورط النظام السوري في قصف البلدة بغاز الأعصاب “السارين” ما تسبب في مقتل الآلاف من السوريين.

من جانبها، دعت نيكي هايلي مندوية الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، مجلس الأمن الدولي لإرسال رسالة واضحة مفادها عدم القبول باستخدام الأسلحة الكيماوية مع ضرورة تقديم دعم كامل للمحققيين.

أما منظمة “هيومن رايتس ووتش”، فطالبت مجلس الأمن بفرض عقوبات على الحكومة السورية ومعاقبة المسؤولين عن هذا الهجوم.

كما حضت الولايات المتحدة وبريطانيا، مجلس الأمن الدولي على فرض العقوبات على سوريا بعد أن حملتها لجنة خبراء دولية مسؤولية الهجوم الكيماوي على خان شيخون.

أما فرنسا فقالت -عبر وزير خارجيتها، جان إيف لو دريان- إن دمشق ارتكبت انتهاكًا واضحًا لقرار الأمم المتحدة رقم 2118، الذي ينظم عملية نزع اسلحة الدمار الشامل السورية وتدميرها، مؤكدًا أن بلاده ستعمل مع الشركاء لتحديد أفضل السبل لمعاقبة المسؤولين عن هذه الهجمات ومكافحة انتشار الأسلحة الكيماوية.

ولكن من المتوقع أن تستخدم روسيا الفيتو ضد أي مشروع قرار يتضمن فرض عقوبات على النظام السوري، كما استخدمته ضد مشروع القرار الأمريكي بتمديد عمل لجنة تقصي الحقائق، وبعد أن شككت في مصداقية ما تضمنه التقرير الدولي الأخير.

تقارير ليست بالجديدة، أكدتها لجنة تقصي حقائق مستقلة تابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، وكذلك المخابرات الفرنسية التي برهنت بالأدلة على أن الأسلحة المستخدمة في هجوم بلدة شيخون استخدمها النظام في هجوم السابق على بلدة أم حوش في 2013.. فهل يكتفي أعضاء مجلس الأمن الدولي بالأدلة والتقارير الدولية ليصدر قرارًا يدين النظام السوري؟ أم سيكون لفيتو روسيا الكلمة الأخيرة ليظهر من جديد تقويضه لأي محاولة لإدانة النظام السوري؟

ربما يعجبك أيضا