بعد تنحي بارزاني.. هل تنجح عملية التطبيع بين أربيل وبغداد؟

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

من حلم الاستقلال القريب البعيد إلى قرار الاستقالة، رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، سيتنحى مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني، تأكيد جاء في خطاب تليفزيوني إثر إخطار برلمان الإقليم أعلن فيه الزعيم الكردي عدم رغبته في تمديد ولايته وعدم الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ليبقى التساؤل أي حال سيترك بارزاني الإقليم الذي كان أول رئيس له عام 2005؟

في عيون الأنصار والخصوم

لا شك أن بارزاني كان يأمل في مغادرة منصبه في سياق أفضل وظروف تزيد من مجده السياسي، لولاه “تسرعه” ربما في اتخاذ قرار الاستفتاء الذي أوصل الأمور إلى نقطة اللا عودة.  

في عيون أنصاره يرونه محنكاً سياسياً جعل الإقليم يتقدم اقتصادياً، وأن قرار التنحي هو وفاء بوعد قديم وشجاعة منه لحقن الدماء ودفن الخلافات داخل البيت الكردي ومع حكومة بغداد.

بالنسبة لمنتقديه، فإن بازراني ارتكب الكثير من الأخطاء وآخرها قرار الاستفتاء عن العراق، تاركاً  الأكراد لمستقبل قاتم بعد أن انقلب حلم الاستقلال إلى كابوس.

وأن ما تشهده الساحة السياسية في إقليم كردستان العراق وعلى رأسها تخلي رئيس الإقليم مسعود برزاني عن سلطاته جاء نتيجة أسباب يراها منتقدوه إخفاقات عنوانها برزاني نفسه بامتياز، وأهمها الإصرار على إجراء الاستفتاء على مصير الإقليم رغم كل الضغوط التي مورست عليه للعدول عن ذلك من كل حدب وصوب.

انتكاسة مع بغداد والجوار

قرار الاستتفاء الذي اتخذه بارزاني تسبب في انتكاسة في العلاقات مع بغداد ودول الجوار لا سيما تركيا وإيران، وعشية الاستفتاء تتالت قرارات بغداد العقابية بحق الإقليم بداية بتجميد الرحلات الدولية من وإلى كردستان وغلق الحدود والتضييق على تصدير النفط.

 وفي ظرف أسبوعين فقط استعادت بغداد أغلب المناطق الواقعة خارج منطقة سيطرة الاقليم، كما مثلت سيطرة القوات الحكومية على مدينة كركوك الغنية بالنفط منتصف الشهر الحالي ضربة قاصمة لإقليم كردستان، فآبار البترول في المدينة تمد الإقليم بنصف عائداته وهو الغارق أصلا في ديونه.

تفاهمات مشتركة .. ولكن !

بـ”الإيجابية” وُصفت أجواء اللقاء الذي جمع وفدي بغداد وأربيل العسكريين، إلا أن الخلافات حول بعض النقاط لم تنته بعد، الحديث عن تفاهمات مشتركة وأجواء إيجابية جاء على لسان وفد الحكومة المركزية، ليبقى الرد النهائي مرتبط بالوفد الكردي في مواضيع أخرى بعدما طلب وفد أربيل فرصة للتشاور مع قيادته لإعطاء قرار نهائي.

فالحكومة المركزية تسعى لتمكين القوات الحكومية من القيام بصلاحياتها وإعادة الانتشار على حدود ما يسمى بالخط الأزرق وهو الخط الفاصل بنص الدستور بين الإقليم والأراضي الاتحادية ويضم مدن السليمانية وحلبجة ودهوك وأربيل، مع إصرار الحكومة المركزية على عودة البشمركة إلى حدود عام 2003، بينما توسعت السلطات الكردية منذ عام 2003 في محافظات كركوك ونينوى وصلاح الدين وديالى.

أضف إلى ذلك عدم التوافق حول ملف النفط والمنافذ الحدودية، ناهيك عن التجارة الخارجية ما يجعل الأمر صعباً بالرد الكردي في ظل تسارع وتيرة الأحداث.

يرى كثيرون أن إنشاء لجان فنية لحل الخلافات الميدانية بين أربيل وبغداد خطوة عملية قد تسهم في تخفيف حدة التوتر بين العاصمة والإقليم، لكن المشكلة السياسية وتبعات استفتاء الشهر الماضي تتطلب مقاربة سياسية واتفاقاً على المرجعيات، لإعادة الأمور إلى نصابها، ما يطرح تساول حول فرص نجاح الأسلوب الذي ينتهجه حيدر العبادي في احتواء الموقف؟ وهل سيسهل خروج بارزاني من المشهد عملية التطبيع بين أربيل وبغداد؟

يودع البارزاني الرئاسة تاركاً وراءه ملفات كثيرة تواجه الإقليم وأحلام وإنجازات كبرت ربما أكثر من اللازم في بيئة جغرافية وسياسية وأمنية ليست فيها كل الأحلام مشروعة، لكنه يبقى أحد أبرز القادة الأكراد وككل القادة نجح في محطات تاريخية من حياته السياسية وأخفق في أخرى.

ربما يعجبك أيضا