في ليلة “الهالوين”.. الخوف الحقيقي يجتاح “مانهاتن”

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

بينما كان سكان مانهاتن يستمتعون بالأجواء اللطيفة على امتداد نهر هدسون تحديدا في ممر شارعي وست سترين وهيوستون ستريت، ويتحضرون لأمسية حافلة بأجواء التنكر وإضاءة الشموع ونحت القرع والاستمتاع بالعشاء مع الأسرة احتفالا بـ”الهالوين”، قرر رجل يدعى سيف الله سايبوف مساء أمس قيادة مركبته بصورة متهورة لدهس عدد من المارة ومن ثم اصطدم بحافلة مدرسية وترجل من مركبته حاملا سلاحين، إلا أن الشرطة المتواجدة في المكان تمكنت من إصابته قبل أن يفر من مسرح الجريمة.

ووقع الحادث في تمام الساعة 15 بالتوقيت المحلي لمدينة نيويورك، عندما قامت مركبة مستأجرة من متجر “هوم ديبو” بدهس عدد من المارة وراكبي الدراجات الهوائية بالقرب من موقع النصب التذكاري لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، لتسبب في مقتل ما لا يقل عن 8 أشخاص وإصابة 15 آخرين، ومن بين القتلى مواطنة بلجيكية وخمسة من الأرجنتينيين، بحسب بيان لوزارة الخارجية الأرجنتينية ذكر أن القتلى هم مجموعة أصدقاء من مدينة روزاريو، كانوا يحتفلون بذكرى انتهاء دراستهم في مدرسة البوليتكنيك، موضحا أن أرجنتينيا سادسا كان من ضمن مجموعة الأصدقاء هذه، أصيب بجروح جراء الاعتداء.

وأفاد بيان صادر عن أجهزة الأمن في ولاية نيويورك بأن رجال الشرطة تمكنوا من إصابة الجاني بطلق ناري في منطقة البطن شل حركته، وتم نقله إلى المستشفى ليخضع للعلاج تحت حراسة مشددة، تمهيدا للتحقيق معه فور تحسن حالته الصحية، موضحا أن الشرطة تتعاون مع مكتب التحقيقات الفدرالي لكشف ملابسات الحادث الذي يعتقد حتى اللحظة أنه حادث إرهابي فردي ينتمي لاستراتيجية الذئاب المنفردة، هذا على الرغم من العثور في موقع الحادث على ورقة كتب عليها بالإنجليزية أن الحادث نفذ باسم تنظيم “داعش”.
هوية الجاني

وعقب القبض على الجاني تبين أنه يدعى سيف الله سايبوف 29 عاما، وينحدر من أصول أوزبكية، وهو من سكان ولاية فلوريدا،  قدم إلى الولايات المتحدة عام 2010 مهاجرا من طشقند – أوزبكستان، وبحسب “نيويورك بوست” سايبوف متزوج منذ العام 2013 ويعمل سائق لدى شركة “أوبر”،وليس لديه سوابق سوى بعض المخالفات المرورية.

وقال أحد معارفه ويدعى كوبيلجون ماتكاروف لصحيفة “نيويورك تايمز”: كان سايبوف، خلال فترة وجوده في فورت مايرز بولاية فلوريدا منذ عدة سنوات شخصا جيدا جدا.. كان يحب الولايات المتحدة ولا يبدو إرهابيا،  ومنذ فترة انتقل إلى نيو جيرسي ليبدأ العمل لدى “أوبر”.

فيما أفادت الشرطة بأن المهاجم استأجر الشاحنة في تمام الساعة الثانية ظهرا، في نيو جيرسي من شركة هوم ديبوت ثم ذهب باتجاه نيويورك، ليقتحم بعد ساعة واحدة ممرا للدرجات الهوائية قاطعا مسافة نحو 18 ميل قبل أن يصطدم بحافلة مدرسية صغيرة ويتسبب في إصابة عدد من الركاب، ما تسبب في إثارة الذعر والفوضى في وسط مانهاتن وانتشار الدماء والمصابين على جانبي الطريق.

ردود الأفعال

عقب الحادث كثفت الشرطة تواجدها في مسرح الجريمة ومحيطه، فضلا عن رفع حالة التأهب الأمني إلى أقصى درجاتها  في كافة أرجاء نيويورك تزامنا مع احتفالات “الهالوين”، وتعزيز الإجراءات الأمنية في قبل العاصمة المالية وفق ما أعلنه حاكم نيويورك أندرو كومو لوسائل الإعلام، قائلا نعرف منذ أيلول 2001، أننا مستهدفون، لكننا سنعيش حياتنا ولن نسمح للإرهاب بالتغلب علينا، وسنعزز من إجراءاتنا الأمنية في كل مكان.

وعلى عكس حادث لاس فيجاس بادر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتغريد معلقا على “مانهاتن”،  بالقول إن من يقف وراء الحادثة شخص مريض وخطير، وإن الشرطة تتابع التحقيقات، ووجه أصابع الاتهام نحو “داعش” كاتبا: لن يُسمح لداعش بالعودة أو دخول الولايات المتحدة بعد هزيمته في الشرق الأوسط.

فيما وصف عمدة نيويورك بل دي بلازيو الحادث بـ”العمل الإرهابي الجبان” قائلا في تصرحيات صحفية، إنه يوم مؤلم جدا في مدينتنا، هذا عمل إرهابي جبان استهدف المدنيين الأبرياء دون سابق إنذار.

على الصعيد الدولي أدانت عدة دول الحادث معربة عن دعمها للولايات المتحدة في جهودها لمكافحة الإرهاب، كان أبرزها فرنسا وبريطانيا، حيث بادر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقب الحادث مباشرة بالتغريد عبر حسابه على “تويتر” قائلا: كل التضامن مع نيويورك، نضالنا من أجل الحرية يوحّدنا أكثر من أي وقت مضى.

أما رئيسة الوزراء البريطانية فغردت: هذا الهجوم الجبان روَّعني، وأفكاري تتوجه إلى كل الذين أصيبوا، معاً سندحر الإرهاب.

وصباح اليوم أدان عدد من البلدان العربية الحادث، فيما أًصدرت الجامعة العربية بيانا معربة عن خالص التعازي لأسر الضحايا، وقالت مثل هذه الأعمال الإرهابية التي تستهدف الأبرياء بوحشية ودون تمييز، وتسعى لزعزعة أمن واستقرار المجتمعات، تؤكد مجددا على مدى خسة مرتكبيها، مضيفة أن تواتر وقوع هذه الحوادث في أنحاء مختلفة من العالم، ودموية ما تتسم به من ملابسات، يضع المزيد من المسؤولية على عاتق المجتمع الدولي للتوصل إلى سياسات ناجعة للتعاون والتنسيق بين الحكومات يمكن من خلالها مكافحة الخطر المستشري لظاهرة الإرهاب بشكل عاجل وفعال.

يسلط حادث مانهاتن الذي يعد الأكثر دموية في نيويورك منذ أحداث 11 سبتمبر، الضوء مرة أخرى على خطر الإرهاب وتحديدا ما يعرف بإرهاب الذئاب المنفردة، وربما لم يعد كافيا لدول العالم وفي مقدمتهم أمريكا التعويل على تشديد إجراءات الفحص الخاصة بالمهاجرين في معركتها ضد “الذئاب”، فهناك حاجة ملحة لطرق أكثر فاعلية للتصدي لاستراتيجية الذئب المنفرد التي تبناه “داعش” في 2010، محاولا الوصول إلى قلب أوروبا وأمريكا عبر ذئاب كانت في البداية مجرد فريسة لجيشه الإلكتروني الذي بات عابرا للقارات ويمثل خطرا حقيقيا ربما أقوى بكثير من خطر الجيش التقليدي للتنظيم.

ربما يعجبك أيضا