تهويد الأرض وما عليها وما تحتها

محمود

رؤية – محمد عبد الكريم
 
القدس المحتلة – لن تكون الـ280 شجرة زيتون التي نهبت ثمارها، اليوم الأربعاء، في قرية دير شرف المحاذية لمستوطنة “شافي شمرون” بمحافظة نابلس شمال الضفة، الأولى ولن تكون الأخيرة، فمنذ بداية شهر أكتوبر الماضي (موسم قطاف الزيتون)، ووسائل الإعلام المحلية الفلسطينية تنقل يوميا أخبار سرقة المستوطنين الصهاينة لثمار الزيتون يوميًا في كافة أنحاء الضفة.
 
 
والاحتلال الإسرائيلي في فلسطين لا يكف عن تهويد وسرقة كل الأشياء، فبعد محاولة سرقة الأكلات الشعبية الفلسطينية، واللباس التقليدي الفلسطيني، والحفر أسفل الأرض في محاولة يائسة لإثبات ارتباطه بالأرض خاصة بالقدس، ومع سرقة كافة الموارد الطبيعية في فلسطين المحتلة وتهويدها لخدمة اطماعه الاستعمارية، فإن آخر ضحاياه هي ثمار الزيتون.
 
المستوطنون الذين يتوزعون على أراضي سرقت من الفلسطينيين، لم يكتفوا بما سرقوه من أراضي تشير دراسة سربتها حركة “السلام الآن” بعد أن أوقفت محاكم الاحتلال جلسة استماع حول التماسهم بسرقة الأراضي الخاصة من الفلسطينيين بالضفة، ان 1.26% فقط من الأراضي التي تقوم عليها المستوطنات هي أراض “يهودية” (وهي بالمناسبة أراض بمعظمها خضعت لعمليات تزوير ملكية)، فيما بلغت الأراضي المصادرة بالأحكام العسكرية والتي يسميها الاحتلال أراضي “دولة” 54.31%، أما الأراضي التي هي ملكيات خاصة للفلسطينيين فبلغت 38.76%، أما الأراضي التي لم تنته فيها عمليات التسوية (الطابو) فبلغت 5.76% من حجم الأراضي المحتلة التي تقوم عليها المستوطنات بالضفة، يستهدفون عتب ورزق الفلسطينيين يوميا.
 
ساعات طويلة وصلت لمنتصف الليل، والمواطن تيسير ذياب (60عاما)، من قرية بيت عور الفوقا غرب رام الله، يبحث عن جرار زراعي يقله إلى أرضه المحاذية لمستوطنة بيت حورون، والتي تشكل حالة لحظة دخولها.
 
الأرض التي ورثها عن والده وحمله الأمانة بالحفاظ عليها ومقارعة المحتلين من أجل استردادها، والتي ابتلعها جدار الضم والتوسع العنصري، وبعد عناء البحث وجد موسى من يقل العائلة إلى الأرض لقطاف ثمار الزيتون، رغم خطورة وصعوبة الوصول إليها، بعد حرمان طال لأكثر من 14 عاما، والسماح لهم بدخولها بعد التنسيق لها، إلا أن عناء الرحلة ذهب هباء، بعد اكتشاف سرقة ثمار الزيتون لما يقارب 350 شجرة، من قبل المستوطنين.
 
“كان دائما أبي يوصيني وإخوتي، قبل وفاته العام الماضي بهذه الأرض، والحفاظ عليها، ومتابعة الإجراءات القانونية لاستردادها، بعد قرار وضع اليد عليها، والأراضي المجاورة لها، فهي تقع بالقرب من مستوطنتي “راحيل” و”عادي عاد”، ويقول بالحرف (رح أغضب عليه الي بفرط فيها)”. يقول المواطن تيسير ذياب.
 
ويشكل الزيتون إضافة إلى كونه مصدرا أساسيا من مصادر الاقتصاد الوطني الفلسطيني، علامة من علامات التمسك بالأرض.
 
“بعد 14 عامًا من حرمان دخولها، سمح الاحتلال لنا بفلاحتها، وقطف ثمار الزيتون فيها في العام 2014، وذلك من خلال تنسيق مسبق، وكان الذهول خيم علينا عندما وجدنا تغير معالمها من اقتلاع أشجار فيها، وهدم مساكن، وغرف أنشئت قبل العام 1967، والتي كان يقطنها والدي وجدي قبل اندلاع الانتفاضة”، يضيف.
 
ويتابع، “ما زالت القضية قائمة ولم يبت فيها رغم رؤية المستوطنين وهم يسرقون، والمفارش والسلالم دليل واضح على هذه الجريمة، في حين تتذرع المحكمة بضرورة إثبات ملكية للأرض، التي فيها سند مالي، وإخراج قيد”.
 
“هناك تواطؤ من المنظومة القضائية الإسرائيلية بإخلاء سبيل المستوطنين الذين يتم اعتقالهم اثناء تنفيذ عمليات السرقة بحجة أنهم أطفال، أو عدم وجود شكاوى من قبل الفلسطينيين، أو عدم إحضار إثبات ملكية الأراضي التي تمت سرقتها، وهذا ما يدفع المستوطنين إلى تكرار اعتداءاتهم. حسب ما أفاد به مدير قسم الضفة الغربية في منظمة “حاخامات لحقوق الإنسان” زكريا السدة.
 
“تصاعدت الاعتداءات وسرقة ثمار الزيتون، أكثر من الاعتداءات الجسدية على المزارعين هذا العام أكثر منها من الأعوام السابقة”، يقول السدة.
 
ويشير السدة، إلى أنه جرى توجيه عدد من الرسائل للإسرائيليين والتنويه لخطورة المواقع المهددة بالسرقة من قبل المستوطنين، إلا أن جنود الاحتلال والشرطة لا يعملون كما يجب، لمنع مثل هذه السرقات بالضفة، وتكرار هذه الأحداث، قبل بدء موسم قطف الزيتون.
 

ربما يعجبك أيضا