أحلاها مر.. خيارات المقاومة للرد على هجوم النفق

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها طيران الاحتلال نفقاً للمقاومة الفلسطينية قرب حدود قطاع غزة مع النقب، إلا أن توقيت العملية وردود الفعل الأولية عليها تكشف وبشكل جلي أنها وضعت أطرافاً كثيرة داخل غزة وخارجها أمام مفترق صعب ومعقد  تغدو فيه كل الخيارات مكلفة مهما كان اتجاهها.

إسرائيل التي سارعت إلى الإعلان على أن القصف كان ضمن تدريبات على الحدود، تراجعت بعد برهة لتعلن أنه استهدف نفقا كشف عنه بقدرات تكنولوجية متطورة مما يوحي بوجود قرار إسرائيلي مسبق ومدروس بعناية يمكن أن تكون له تداعياته الميدانية.

خيارات قاسية

القصف الإسرائيلي “المفاجئ والنوعي” الذي أدى إلى استشهاد 7 مقاومين بينهم قياديان من سرايا القدس – الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي – وآخر من كتائب عز الدين القسام – الجناح العسكري لحركة حماس – وضع قيادة كلتا الحركتين أمام خيارات قاسية.

فإضافة إلى إنشغالهما بترتيبات المصالحة وما ينتظرها من ملفات شائكة ومتشابكة يتعين تجاوزها خلال فترة وجيزة، فإن الرد على الخروقات الإسرائيلية قد يدخل القطاع المنهك من حصار طويل في حرب جديدة وهو لم يتعاف بعد وبشكل كامل من الآثار التي خلفها العدوان الإسرائيلي الأخير صيف 2014 .

صحيح أن المقاومة أعلنت مراراً أنها لن تتوقف لحظة عن تطوير قدراتها العسكرية وأنها مستعدة للتعامل مع أي محاولة إسرائيلية للتحرك نحو القطاع، لكنها تدرك تماماً حجم الفاتورة الباهظة التي ستجبر حاضنتها الشعبية على دفعها، حال تحول المشهد إلى حرب مفتوحة وإن كانت المقاومة تدرك أيضاً أن عدم الرد على القصف الإسرائيلي سيكون له ثمنه كذلك.

ففضلاً عن ذلك أنه قد يغري تل أبيب على استهداف مزيد من الأنفاق، فإن المقاومة كذلك لا تريد خذلان أنصارها الذين دعوها إلى الثأر لدماء الشهداء.

ارتباك فلسطيني إسرائيلي

على الجانب الآخر من المشهد الفلسطيني تبدو حكومة الوفاق الوطني في رام الله عاجزة عن “خلط الأوراق” الذي أحدثه الهجوم الإسرائيلي على منطقة يفترض أنها تحت مسؤولياتها وفق إتفاق المصالحة الأخير.

فتجاهل إدانته قد تكون له إنعاكسات سلبية على ترتيبات المصالحة لا سيما مع مطالبات رئيس المكتب السياسي لحركة حماس “إسماعيل هنية” السلطة بأن يكون لها موقف من القصف الإسرائيلي وبأن توقف التنسيق الأمني مع العدو الذي يقتل “شبابنا” حسب قوله.

على ما يبدو فإن الارتباك لم يكن من نصيب الأطراف الفلسطينية وحدها، فالإشارات الصادرة عن تل أبيب تشير إلى أنها أيضاً فوجئت بتداعيات استهداف نفق المقاومة خصوصاً مع إعلان الناطق باسم جيش الاحتلال أنه لم يكن هناك نية مبيتة لتصفية من كان بداخله.

جهود مصرية متواصلة

هجوم النفق وضع السلطات المصرية في وضع صعب، لا سيما في ظل الجهود التي تبذلها القاهرة من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية والتقدم الكبير الذي أحرزته في هذا المجال، ورغبة القاهرة في تحقيق مصالحة فلسطينية فلسطينية تنعكس على الوضع في الأراضي المحتلة والتهدئة مع الكيان المحتل.

فمصادر فلسطينية أكدت وجود حراك من قبل الاستخبارات المصرية، لمنع التصعيد بين الفصائل الفلسطينية وقوات الاحتلال بعد حادثة تفجير النفق، وقالت المصادر إن قيادة جهاز الاستخبارات المصرية، أجرت اتصالات مختلفة بين قيادات الفصائل من جهة، والمسؤولين الأمنيين الإسرائيليين من جهة أخرى، بهدف العمل على احتواء الموقف.

هو إذن تصعيد إسرائيلي يهدف إلى خلط الأوراق في الساحة الفلسطينية كما قالت الفصائل لا سيما بعد التقدم في ملف المصالحة الفلسطينية، وأياً كانت التداعيات السياسية لهذا التصعيد الميداني فإن الأنظار معلقة نحو رد فعل المقاومة الفلسطينية التي ستكون لها كلمتها بغض النظر عن المساعي الإقليمية لاحتواء الموقف.

ربما يعجبك أيضا