الحسناء “أوكويفا”.. هل طالتها مخالب “الدب الروسي” في كييف؟

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

يثير حادث اغتيال الناشطة الشيشانية أمينة أوكويفا، مرة أخرى الجدل بشأن حرب الظل الروسية لتصفية الخصوم السياسيين، فأوكويفا طبيبة حملت السلاح دفاعا عن سيادة الأراضي الأوكرانية عقب انضمام شبه جزيرة القرم إلى روسيا، واشتهرت بمعارضتها الشديدة لسياسية رئيس بلادها رمضان قاديروف والرئيس الروسي فلاديمر بوتين.

اغتيلت أوكويفا الإثنين الماضي، على بعد نحو 16 ميلا خارج مركز كييف أثناء تواجدها داخل سيارة برفقة زوجها آدم عوثماييف، عندما أمطرهما الرصاص بواسطة أسلحة خفيفة ومتوسطة، ليتعطل محرك السيارة وتصاب هي برصاصة قاتلة في الرأس، فيما كانت إصابة زوجها أقل خطورة.

وهذه المرة الثانية التي يتعرض فيها الزوجان عثمايف لمحاولة اغتيال، ففي يونيو الماضي تصدت أمينة لمهاجم حاول قتل زوجها طعنا بالسكين، عندما أطلقت عليه النار بواسطة مسدس كان في حوزتها، لتتوج بطلة في قلوب الأوكرانيين بإنقاذها لزوجها قائد كتيبة “جوهر دوداييف” وهي عبارة عن مجموعة من المتطوعين يقاتلون إلى جوار الأوكرانيين ضد الانفصاليين المدعومين من موسكو، وعثمايف اعتقل في 4 فبراير 2012 بتهمة محاولة اغتيال الرئيس فلاديمير بوتين.

وقبل أوكويفا شهدت كييف اغتيالات متتالية تثير العديد من التساؤلات حول هوية الجناة والتي يبدو أنها لن تخرج عن كونها أجهزة مخابرات روسية أو أوكرانية، ففي مارس الماضي اغتيل عضو منشق عن البرلمان الروسي في العاصمة الأوكرانية، وفي سبتمبر قتل شيشانيين قاتلا في الجانب الأوكراني جراء انفجار سيارة مفخخة في كييف.

وهناك العديد من جرائم الاغتيالات السياسية التي طالت ناشطين ارتبطت أسمائهم بملف الحرب الروسية ضد الشيشان، تشير الأدلة إلى ضلوع موسكو فيها،  لعل أبرزها حادث اغتيال الناشطة آنا بوليتكوفسكايا في 2006 بالرصاص أمام شقتها في موسكو، والناشطة الحقوقية ناتاليا استيميروفا في 2009.

تقول “نيوزويك” في تقرير بعنوان “هل أمر بوتين باغتيال الأوكرانيين؟”، إن موسكو تعتبر المستفيد الأول من سلسلة الاغتيالات الأخيرة في كييف والتي كان أخرها اغتيال أوكويفا، وذلك ضمن حربها لزعزعة استقرار أوكرانيا والتخلص من خصومها السياسيين على حدودها.

وتنقل الصحيفة الأمريكية عن مؤسس المعهد الأوكراني للمستقبل تاراس بيريزوفيتس قوله إن الكمين الذي نصب لآدم وأوكويفا قد يكون جزءا من العمليات السرية الروسية لزعزعة الوضع في أوكرانيا، فلا يمكن أن يظهر أي منشق روسي أو شيشاني في كييف.

وفور اغتيال أوكويفا وجه المسؤولون الأمنيون في أوكرانيا أصابع الاتهام إلى موسكو معتبرين الجريمة جزء من الحرب الروسية ضد بلادهم، وقال ألكسندر تورشينوف رئيس مجلس الأمن والدفاع الوطني الأوكراني، إن روسيا واصلت عدوانها في شرق أوكرانيا وأطلقت العنان للإرهاب العميق خلف الخطوط، مما أدى إلى مقتل مدافعين عن بلادنا.

ويضيف ميكولا بيليسكوف، الباحث في معهد السياسية العالمية في كيييف، نظرا للصراع المستمر مع روسيا، من الطبيعي أن تتهم موسكو بأنها العقل المدبر وراء كل حوادث الاغتيال التي استهدفت ناشطين وصحفيين وسياسيين في أوكرانيا منذ 2016 وحتى الآن، إلا أن هذا الاستنتاج السهل قد لا يكون له أي أساس من الصحة، فإذا كانت روسيا تحاول إجبار كييف على الاستسلام لكانت اتبعت سيناريو الهجمات المتكررة في أوديسا 2014 و2015، عندما كان الهدف هو المواطنون العاديون.

ويتابع حتى لو كان الكرملين متورط على الأقل في اغتيالات وتفجيرات 2017، فإنه من الصعب جدا تصور كيف يمكن أن تجبر هذه الخطوة السلطات الأوكرانية على تقديم تنازلات سياسية لصالح موسكو.

لكن بعض الخبراء أكدوا أن موسكو لجأت في أعقاب وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا في 2015 بموجب اتفاقية مينسك -2، إلى حرب من نوع أخر لزعزعة استقرار أوكرانيا ربما لتقديمها للعالم كدولة فاشلة، وذكل عبر سلسلة من الهجمات الإلكترونية والاغتيالات والتفجيرات، ففي أعقاب اغتيال النائب الروسي المنشق دينيس فورونينكوف في منفاه بكييف  عام 2016، قال الرئيس الاوكراني بترو بوروشينكو في بيان إننا نرى مرة أخرى طريقة كتائب القوات الخاصة الروسية في تصفية الخصوم.

ولم يكن من قبيل المصادفة تقول “نيوزويك” أن تتزامن بعض الاغتيالات مع هجمات إلكترونية يطل منها شبح الدب الروسي، ففي 27 يونيو الماضي، قتلت سيارة مفخخة في كييف العقيد ماكسيم شابوفال، قائد العمليات الخاصة الأوكرانية، وفي اليوم نفسه تسبب هجوم إلكتروني على شبكات كييف في شل حركة المصارف والاتصالات والمواقع الإعلامية والشبكات الحكومية وأنظمة النقل الجماعي.

الواقع أن موسكو المستفيد الأول من نشر الفوضى في كييف والترويج لها كعاصمة غير آمنة، فمنع وقوع جرائم العنف والاغتيالات يعد إحدى السمات الأساسية لأي دولة فعالة، ويبدو أن هذا لم يعد ممكنا في كييف وسط استمرار حرب الظل الروسية.

ربما يعجبك أيضا