لصوص الفن والثقافة.. “إسرائيل” تواصل سطوها على تراث العرب

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

ولأنها قامت على كل ما هو مغتصب، فلم يقف الأمر عند سرقة الأراضي العربية والمياه العربية والمقدسات العربية والتاريخ العربي بل تعدت “إسرائيل” كل الخطوط  لتضم لجرائمها جرائم أخرى الفلكلور والتراث العربي، حتى مقابر الأولياء الصالحين المدفونين في فلسطين قام اليهود بتغيير لوحات قبورهم وكتابة أسماء يهودية إسرائيلية باللغات العبرية والإنجليزية.

بدأت عمليات نهب التراث العربي بعد حرب 1967، فقد أرسلت إسرائيل بعثات لجمع الأغاني والموسيقى الشعبية من الفلكلور الشعبي لبدو سيناء، في الوقت الذي صعد فيه أحد قادة إسرائيل إلى منصة الكنيست وقال ليس هناك شعب اسمه الشعب الفلسطيني فهو لا يملك أدبا ولا تراثا، فرد عليه عضو الكنيست العربي الكاتب والصحفي “إيميل حبيبي” قائلا: “اقدم استقالتي من الكنيست وسأتفرغ لكتابة أدبٍ يعيش أكثر من دولتكم”، وفعلا نجح “إيميل حبيبي” في أن يكتب أدبًا سيعمر أكثر من ألف عام.

“إليزابيث تايلور” كلمة السر

بعد اتفاقية “كامب ديفيد” بدأت إسرائيل من خلال الفنانين اليهود السعي إلى كسر المقاطعة بينها وبين مصر فتوالت زيارات نجمة الإعلانات اليهودية “فرح فاوست” من إسرائيل إلى مصر، ونجمة السينما “إليزابيث تايلور” التي قالت في أحاديث نشرتها معظم الصحف العالمية بأنها سعيدة بوجودها في القاهرة ليس لسبب شخصي، وإنما للتقارب الذي يتم بين مصر وإسرائيل، هذه التصرفات نبهت الجهات الفنية في مصر وجعلتها تتخذ مواقف مضادة، مثل البيان الذي أصدرته جمعية “نقاد السينما” عام 1979، طالبت فيه بعدم التعاون مع الأجهزة الصهيونية وكذلك عدم التعامل مع الجهات السينمائية المصرية التي تتعامل مع إسرائيل سواء بعرض أفلامها أو الكتابة عنها أو قبولها في مسابقاتها، وعدم وجود تبادل ثقافي بين الدولتين الجارتين، وهي تعتبر نقطة ضعف استغلتها “إسرائيل” للسطو على الأعمال الدرامية والفنية وهي على يقين أن لا أحد سوف يطالبها بأي رسوم لأن إذا حدث ذلك سيعد تطبيعا صريحا مع إسرائيل”.

وبمجرد إعلان هذا البيان بدء “إسحق نافون” رئيس الكيان الصهيوني الأسبق الحرب الثقافية بين مصر وإسرائيل، ففي نفس العام عند بدء الاستعداد لإقامة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، حضر المنتج الإسرائيلي “جورج باري” والنجمة “فرح فاوست” التي كانت تمثل في أحد افلامه.

وفي هذه الزيارة اقترح “باري” على إدارة المهرجان دعوة إسرائيل للاشتراك في المهرجان، في مقابل تيسيره لدعوة “اليزابيث تايلور”، ووافقت إدارة المهرجان وأرسلت الدعوات معه إلى إسرائيل.

وفي افتتاح المهرجان صفق الحاضرين لـ”إليزابيث تايلور”، وهي تصعد على خشبة المسرح لترد التحية بالعبرية”شالوم”، وعند انعقاد الندوة الأسبوعية لجمعية نقاد السينما المصريين لمناقشة المهرجان لم توجه الدعوة إلى الصحافيين الإسرائيليين وعندم اعترضوا كان الرد:”اننا نرفض احتلال الارض العربية”.

وبهذا الموقف بدأت إسرائيل في اتباع أساليب أخرى للوصول إلى أهدافها المشبوهة، فقامت الإذاعة الإسرائيلية بالاحتفال يوميا بمطرب أو مطربة من مطربي العرب خلال سهرتها، بل إنها خصصت ساعة يوميا لصوت أم كلثوم.

لصوص آثار

وجه صحفي إسرائيلي سؤال إلى “مناحم بيجين”، رئيس الوزراء الإسرائيلي حول سير مفاوضات السلام مع الجانب المصري ليجيبه قائلا: “عانيت في المفاوضات كما عانى أجدادي في بناء الأهرامات”، وعندما أتى لزيارة مصر صرح بكونه يشعر بالزهو والفخر وسط الأهرامات التي بناها أجداده، وعقب حرب 67، تمت سرقة المئات من القطع الأثرية الفرعونية تحت إشراف “موشي ديان”.

الآثار العراقية أيضا، كان لها حظها من عمليات النهب والسلب، وبخاصة خلال سنوات غزو العراق، منذ عام 2003، فقد أقامت منظمة “العاد” الإسرائيلية، حفلا بمناسبة امتلاكها ما قيل، إنه أهم الآثار التاريخية في العراق، حيث وصل عدد ما حصلت عليه إسرائيل من سجلات عراقية إلى ما يقرب من 3 آلاف وثيقة، و1700 تحفة نادرة توثق لعهدي السبي البابلي الأول والثاني، إضافة إلى آثار خاصة باليهود فى العراق، وأقدم نسخة تاريخية للتلمود والتوراة.

أكلات عربية بعلامة إسرائيلية

لم يقف الأمر عند الاستيلاء على الفن والثقافة، بل وصل الأمر إلى السطو على الأكلات الشعبية العربية، فقبل نكبة عام 48، لم يكن هناك ما يسمى “بالمطبخ الإسرائيلي”، واقتصرت الأكلات الخاصة باتباع الديانات اليهودية، بتلك الأكلات المصاحبة للأعياد والمناسبات الدينية.

“الطعمية المصرية والحمص والمحشىي والممبار والتبولة اللبنانية”، كلها أكلات انتقلت إلى المطبخ الإسرائيلي، وتم الترويج لها في عدد من دول أوروبا وأمريكا، بوصفها جزءًا من التراث التاريخي للدولة، وانتشرت في المطاعم تحت علامات تجارية إسرائيلية، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل توغل إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تحصل على حاجتها من الحمص، من الصادرات الإسرائيلية، رغم أنها في الأصل أحد أهم المنتجات الزراعية الفلسطينية .

الفول مش مصري

زعمت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن مصدر “الفول المصري” المعروف في العالم هو إسرائيل، مدعية العثور على حبوب فول عمرها 14 ألف عام في منطقة “حيفا”.

وقال موقع “مكور راشون” الإسرائيلي، والذي تشرف عليه الخارجية الإسرائيلية، إنه برغم من أن الفول يعتبر طعاما وطنيا مصريا، إلا أن الباحثين الإسرائيليين وجدوا مؤخرا أربعة حبوب سوداء لنبتة الفول بالقرب من حيفا، وهي بقايا قديمة لهذه الحبوب.
وعندما سئل باحث إسرائيلي إذا كان الكشف يثبت أن مصدر الفول ليس في مصر”، أجاب قائلا: “الزراعة في بلاد النيل أقل تطورا من الزراعة لدينا”، على حد زعمه.

جحا اليهودي

وفي دراسة بحثية تناولتها العديد من الصحف جاء فيها إلى أن هناك محاولات مستمرة، تقوم بها إسرائيل للاستيلاء على الموروث الثقافي الشعبي المصري والعربي، تحت مزاعم انتقال هذا التراث مع يهود الدول العربية عند نزوحهم إلى فلسطين، حتى إن الأرشيف الخاص بجامعة حيفا يحتوي على أكثر من 20 ألف قصة رواها اليهود والمهاجرون من جميع العالم.

مؤكدة على أن هناك عدة محاولات إسرائيلية لإدخال عدد من الشخصيات أمثال شخصية “جحا” التراثية الفلكلورية التي يعود أصولها إلى مدينة الكوفة العربية ضمن التراث العبري التوراتي.

فقد ظهر “جحا” تحت اسم “هيرشل اليهودي”، ليحاكي شخصية “جحا” العربية، بالإضافة إلى “على بابا والأربعين حرامي ، وكليلة ودمنة ، وألف ليلة وليلة ” ، كل ذلك سيكون جزءا من التراث التورتي.

ولم يقف الأمر إلى هذا الحد بل نسبت إسرائيل قصة “علاء الدين”، و”إيزيس وأوزوريس” إلى التراث اليهودي، وحوَّلتها أيضًا إلى أفلام كارتون وأغانٍ للأطفال الإسرائيليين، حتى إن أغنية الأطفال المعروفة باسم “جدو على” التى يقوم بغنائها المطرب محمد ثروت، قامت بتحويلها إلى شخصية إسرائيلية تُدعى “عمو موشيه”.

اتفاقية اليونسكو

فى عام 2003، اعتمدت اليونسكو اتفاقية جديدة لحماية التراث الثقافي غير المادي، والتى وصلت إلى الحفاظ على كل تراث الدول بما فيها العادات والتقاليد، مؤكدة أن الحفاظ على هذا التراث هو حماية للهويات الثقافية، وشمل التراث غير المادي على سبيل المثال لا الحصر، المهرجانات التقليدية والتقاليد الشفهية والملاحم، والعادات، وأساليب المعيشة، والحرف التقليدية، حيث اتسع نطاق مفهوم التراث الثقافي بشكل كبير خلال القرن الماضي، حتى شمل حالياً المناظر الطبيعية، الآثار الصناعية، وأشكال أخرى مختلفة لها صلة بمفهوم التراث العالمى أو التراث المشترك بين البشر.

فشل المشروع الثقافي الصهيوني

فشلت اللغة العبرية في احتضان مركبات الهوية الثقافية الإسرائيلية كما أمل مؤسسو الحركة الصهيونية والدولة العبرية ، فحسب تقرير أعده البرفيسور “إلياهو كاتس” والدكتور “هيد سيلع” تبين أن جميع الخبراء في مجال الثقافة الذين تحدث إليهم الباحثان يؤكدون أن إسرائيل لا تملك سياسة ثقافية ، فكلما ازداد عدد المهاجرين اليهود للدولة ازدادت الشروخ  في الهوية الثقافية الإسرائيلية .

لقد فشلت الثقافة الإسرائيلية في استيعاب الثقافات الأخرى وعجزت عن صهرها، ليكون ذلك دليلا على نهاية المشروع الثقافي الصهيوني.

 كل هذا يتم قبل أن يعم السلام بين الشعبين ، ترى ماذا سيحل بالفن العربي إذا عم السلام الحقيقي بين إسرائيل والدول العربية؟!
https://www.youtube.com/watch?v=VLWVxMVKxj8
https://www.youtube.com/watch?v=6MvJ71jhHK0

ربما يعجبك أيضا