رؤية مصر (3).. كيف تتحول الجامعات الى مراكز تخطيط إقليمي؟

هيثم البشلاوي

هيثم البشلاوي

استكمالا لمجمل الطرح السابق من سلسلة رؤية مصر، سنعمل في هذا الجزء على تقديم الحزمة الاخيرة من البرامج البحثية المقترحة لتحويل الجامعات المصرية إلى مراكز بحوث إقليمية، لتكون بمثابة أكبر شبكة علمية لبيوت خبرة متخصصة تتكامل فيما بينها لإنتاج رؤية مستقبلية لمصر على أساس علمي، ونستكمل المقترح  كالتالي:

برنامج الدراسات الاستراتيجية:
يتضمن مقترح هذا البرنامج البحثي إنشاء عدد من مراكز الدراسات الاستراتيجية داخل كل كليات اقتصاد والعلوم السياسية وكليات تجارة التي تتضمن قسم للعلوم السياسية، وهذا المقترح موجود فعليا داخل بعض الكليات، ولكن بحاجة لوضع اطار مستقل تعمل من خلاله وبشكل مركزي دون الحاجة لوجود اكثر من مركز داخل نفس الكلية.

بمعني أن يكون لكل كلية مركز واحد يمتلك منصة الكترونية ووحدات بحثية حسب أقسام الكلية، ويعتمد هذا الطرح على الجهد البحثي للطلبة والدراسات العليا، ويكون جدول أعمال تلك المراكز من خلال التنسيق المباشر مع رئاسة الجمهورية ومركز المعلومات واتخاذ القرار برئاسة الوزراء والهيئة العامة للاستعلامات ووزارة الخارجية المصرية.

ويقترح أن يكون لهذا البرنامج اجتماع دوري يضم كل مراكز الدراسات الاستراتيجية داخل جمهورية مصر العربية لمناقشة جدول أعمال المراكز حسب التوجه الاستراتيجي للدولة المصرية تجاه ملفاتها الداخلية والخارجية، لتكون تلك المراكز بمثابة شبكة من think tank  للدولة المصرية لدراسة محيطها الإقليمي والدولي.

برنامج إدارة الأزمات:
هذا البرنامج يعد أحد أهم البرامج البحثية المقترحة وقبل العمل على هذا البرنامج يجب فصل قسم إدارة الأعمال بكليات التجارة ليكون كلية منفصلة (كلية العلوم الإدارية) ويقترح أن تتضمن قسم لإدارة الأزمات. ويكون أستاذ كرسي إدارة الأزمات بالكلية بمثابة مدير لمركز الأزمات بديوان عام المحافظة.

ويعمل هذا المركز من خلال تكليفات المركز القومي إدارة الأزمات والكوارث المزعم إنشاؤه. وتكون من صلاحيات هذا البرنامج تكليف البرامج البحثية الأخرى داخل الجامعة بجمع معلومات وتحليلها حسب دور كل منها في إدارة الازمة .لتكون مهمة هذا البرنامج رسم خريطة لأهم المخاطر والأزمات المحتملة في كل محافظة والعمل على صياغة رؤية لمواجهتها ثم إرسالها إلى المركز القومي للتخطيط  للنظر فيها واعتمادها كخطة طوارئ للمحافظة.

برنامج الدراسات الاجتماعية:
يعمل ذلك البرنامج في إطار مشترك بين كليات (آداب قسم العلوم النفسية – كليات الخدمة الاجتماعية)، وذلك بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي ووزارة التنمية المحلية ووزارة الصحة والسكان والجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، ويستهدف هذا البرنامج دراسة ديموغرافيا المجتمع المصري من خلال تنفيذ وتحليل المسوحات الاجتماعية وتقديم تقرير سنوي عن الحالة الاجتماعية للإقليم، ويتم تجميع كل التقارير الاجتماعية على مستوى الجمهورية لتعمل الدولة من خلالها على تحديد أكثر نقاط الأقاليم فقرا أو جهلا أو تطرفا في الأفكار. ويعمل هذا البرنامج بشكل منفصل في كل إقليم ولا يجوز نقل البيانات بينها أو نشر محتوى التقارير إلا بعد تصديق الجهة المختصة من الدولة.

برنامج توثيق التاريخ الإقليمي:
يقع البرنامج المقترح في إطار مشترك بين كليات (آداب-آثار) ويعمل بالتعاون مع وزارة الثقافة ووزارة الآثار، ويهدف البرنامج إلى توثيق تاريخ وتراث الإقليم بمختلف الحقب التاريخية. ويتمثل نتاج البرنامج البحثي في جهد ادارة الدراسات العليا بالكليات ومشاريع التخرج وذلك بالتنسيق بين الجامعات المشتركة في نفس الإقليم وفقا للتكليف القومي، ويكون ذلك من خلال عقد حلقات نقاش دورية مع المؤسسات المعنية بملف التوثيق، ويستهدف البرنامج إصدار أكبر موسوعة وثائقية لتاريخ مصر قائمة على ثوابت علمية. وتوثيق سيرة أهم الشخصيات التاريخية والفكرية بالإقليم.

ختاما:  
نعود ونؤكد أن العمل على هذا المقترح يشترط ضرورة إعادة النظر في هيكلية الجامعات المصرية من حيث التخصصات والمهام بما يتيح استحداث تخصصات علمية جديدة وتغيير المناهج ومسميات بعض الكليات وفصل أقسام داخل الكلية الواحدة لكليات منفصلة وإتاحة تأسيس الجامعات والأكاديميات المتخصصة، ومنح الجامعات حق تشكيل مجلس أمناء لها بمعايير وشروط محددة. ليكون هذا التطوير مقدمة لإنشاء مركز للتخطيط الإقليمي في كل جامعة بلائحة موحدة وجدول زمني ملزم التنفيذ. وتكون تلك المراكز مستقلة في طرح رؤيتها بما لا يتعارض مع تكليفات المخطط القومي الشامل للدولة.

ولهذا  حاولنا في تلك السلسة تقديم مقترح تحويل الجامعات المصرية لمراكز تخطيط ودعم قرار إقليمية، وذلك من خلال البرامج البحثية المتخصصة القائمة على مقومات بشرية، وإمكانيات مادية تمتلكها مصر فعليا بما يحقق صياغة علمية لرؤية مصر.

ربما يعجبك أيضا