لوفر” أبو ظبي “.. صرح حضاري عالمي

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

ساعات باقية تفصلنا على افتتاح متحف “اللوفر” بجزيرة “سعديات” بالعاصمة الإماراتية أبو ظبي، ليكون بذلك أول متحف عالمي في العالم العربي رمزا للانفتاح والتسامح، فهو أشبه بحي مصغر من مدينة البندقية الإيطالية، حيث تتجاور المياه مع عماراته الموزعة في منطقة رملية تقع قرب البحر.

تراث متعدد الثقافات

وقعت المملكة الأردنية ودولة الإمارات مذكرة تفاهم تم بموجبها إعارة المتحف ولمدة خمس سنوات، أحد تماثيل “عين غزال” الـ36 التي عثر عليها في موقع “عين غزال” الأثري عام 1982، وهي أحد أهم مظاهر الاستيطان والحياة الزراعية المستقرة عالمياً والتي تعود للألف الثامن قبل الميلاد.

وسيكون هناك تعاون مستقبلي بين متحف لوفر أبو ظبي ودائرة الآثار العامة الأردنية من خلال إتاحة الفرصة أمام أمناء المتاحف في متاحف الآثار العامة لحضور دورات علمية متخصصة في مجال المتاحف في الأردن ودولة الإمارات.

متحف لعالم اليوم

أكد رئيس اللوفر “جان لوك مارتينيز” أن افتتاح متحف اللوفر في أبو ظبي اعترافا بنجاح المؤسسة الفرنسية الأم أي اللوفر في باريس أكثر المتاحف استقطابا للزوار في العالم، وتحديا أيضا للفرق المنخرطة في هذا المشروع الفريد من نوعه، فهو متحف إماراتي تابع للحكومة الإماراتية التي أبدت رغبتها في أن تواكب هذا المشروع”، ليكون “متحف لعالم اليوم”.

يوضح “جان لوك مارتينيز” أن “هذه الخبرة ثمرة 30 سنة من تطوير المتاحف الفرنسية، هي التي كان الاماراتيون يبحثون عنها في باريس” ، فـ” التحدي لنا هو البقاء على قدر المطلوب منا للحفاظ على هذه السمعة” ، فهو”أول متحف عالمي في العالم العربي انه حالة فريدة”، وبطريقة ما أعاد المشروع الجدل في شأن فكرة العالمية بذاتها، وأضاف “تطلب الأمر تجديد الطابع العالمي للوفر الذي يحمل المسؤولون الإماراتيون أيضا قيمته”.

التحدي الكبير بحسب رئيس اللوفر يتمثل في “فهم الجمهور الذي سيقصد هذه المؤسسة مستقبلا والذي سيكون إماراتيا بالدرجة الأولى ولكن أيضا من الشرق الأوسط وآسيا”، ويقول: “ماذا ستكون سياسة المتحف؟ فالزوار الصينيون أو الكوريون لا يتمتعون دائما بالمعارف التاريخية أو الجغرافية المطلوبة”.

مليار يورو

تقدر تكلفة هذا المشروع الضخم بنحو مليار يورو  إلا أن متحف ” لوفر” حظي بمبلغ ناهز 965 مليون يورو من الحكومة الإماراتية على شكل صندوق هبات، توزعت كالآتي: 400 مليون يورو لاستغلال الجانب الإماراتي لماركة “لوفر” لمدة 30 عاما، 190 مليون يورو لاستعارة الأعمال الفنية لمدة 10 سنوات، 165 مليون يورو للمساعدة التقنية على إنشاء مركب يمتد على 24 ألف متر مربع، و13 مليون يورو لبرمجة معارض وصالونات لمدة 15 عاما.

شراكة إمارتية فرنسية

يقول “مانويل راباتيه”، مدير متحف اللوفر أبو ظبي، إن المتحف المقرر افتتاحه اليوم للرؤساء، والسبت القادم للجمهور سيكون فريدا من نوعه، وجاء اسمه دليلا على الشراكة بين الإمارات وفرنسا.

ويشير “راباتيه” إلى أن هناك أعمالا فنية كثيرة مملوكة لحكومة أبو ظبي، كما سيضم أعمالا فنية عريقة من المتاحف الفرنسية، ومن بينها اللوفر في باريس ، فمن زار “اللوفر” في فرنسا يعلم أن جولته لاستكشاف الحقبة التاريخية التالية ستأخذه إلى متحف Orsay وبعده إلى Centre Pompidou واللوفر أبوظبي سيضم أعمالا من معروضات مجموعة كبيرة من المتاحف الفرنسية تحت سقف واحد وهو ما سيميزه.

ومن المنتظر أن يعزز المتحف الدور الثقافي لأبوظبي على مستوى العالم، حيث سيضم أكثر من 600 عمل فني، نصفها سيأتي من 13 مؤسسة ثقافية فرنسية من بينها اللوفر في باريس.

وسيبلغ سعر تذكرة الدخول 60 درهما بشكل عام، و30 درهما لمن هم بين عمر 13 عاما و22 عاما، فيما ستكون مجانية لمن هم دون 13 عاما.

يذكر أن متحف اللوفر أبو ظبي وفق اتفاق بين حكومتي الإمارات وفرنسا في 2007، وكان محددا افتتاحه في 2012 إلا أن هذا الموعد تأخر بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية وانخفاض أسعار النفط آنذاك وهو ما دفع الإمارات إلى ترشيد إنفاقها.

وشيد المتحف بموجب الاتفاقية الموقعة بين مدينة أبو ظبي مع الحكومة الفرنسية، والمتداولة لمدة 30 عاما على مساحة تصل لـ24 ألف متر مربع تقريبا في جزيرة السعديات، وذلك بتكلفة تقدر ما بين 83 لـ108 ملايين يورو.

ووفقا لتصريحات لمسئولي المشروع، فإن هذا المتحف سوف يكون معرضا للآثار الفنية الآتية من جميع أنحاء العالم، والهدف الأساسي من المشروع أن يكون حلقة وصل بين الفن الشرقي والفن الغربي.
بحضور كل من “محمد بن زايد”، ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبو ظبي، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي، وأعضاء المجلس الاتحادي بالإمارات العربية المتحدة، يفتتح اليوم متحف “اللوفر” في أبو ظبي ، وستكون “فرنسا” ضيفة الشرف بحضور رئيسها “ماكرون”، بالإضافة إلى زعماء وقادة عدد من دول العالم منهم العاهل المغربي “محمد السادس”.

ونشر “محمد بن زايد” على حسابه الشخصي على شبكة التدوينات القصيرة “تويتر” تغريدة قال فيها: “موعدنا اليوم بإذن الله مع افتتاح صرح حضاري عالمي، إضافة معرفية جديدة يمثلها لوفر أبوظبي بما يجمع تحت سقفه من تراث إنساني متعدد الثقافات”.
تُقدّم فرقة “آوا من سانغا” من مالي “إفريقيا الغربية” في متحف اللوفر أبو ظبي، اليوم الساعة الـ3 بعد الظهر، استعراضا فخما يُمثّل أقنعة الدّوغون التقليدية، ويرافقه عازفو الإيقاع وموسيقيون آخرون.

ويعيش الدّوغون الرائعون والغامضون على مرتفعات صخرية وسط مالي؛ حيث استقرّوا في القرن الـ14. وترتبط الموسيقى والأداء التعبيري عند الدّوغون، الذين يعيشون من القنص وصيد الأسماك والزراعة، بتقويم موسمي طقسي تُستعمل فيه الأقنعة، وأثناء الأداء التعبيري يظهر أسلافهم جنبا إلى جنب مع الكائنات الخيالية والبشرية فضلا عن أشياء ترمز إلى ثقافتهم.

دافينشي في ضيافة أبو ظبي

سيسجل افتتاح متحف “اللوفر” في أبو ظبي حضور عدة أعمال فنية شهيرة، من بينها لوحة ليوناردو دافينشي “حداد جميل” ولوحة “بونابارت عابرا جبال الآلب” التي ستغادر قصر فرساي في باريس إلى أبو ظبي، والرسم الذاتي لـ”فان جوغ” الذي سيستعار من متحف “أورساي”.

“عين الغزال” في مقدمة الحضور

أقنعة الدوغون

ربما يعجبك أيضا