“تصفية الساجدين”.. تكتيك دموي جديد يمارسه الإرهابيون في مصر

عاطف عبداللطيف

رؤية – عاطف عبد اللطيف

القاهرة – تكتيك دموي جديد لم تعهده مصر، اتبعته العناصر التكفيرية في الحادث الإرهابي البشع الذي استهدف مصلين أثناء أداء صلاة الجمعة بمسجد في العريش استخدمت فيه القنابل والأسلحة الرشاشة للمرة الأولى ضد المدنيين، ما أسفر عن استشهاد 305 وإصابة 109 آخرين في هجوم هو الأبشع والأعنف الذي تشنه العناصر الإرهابية ضد المصريين في تاريخ الدولة الحديث، كما يعد ثاني أكبر الهجمات الإرهابية ضراوة ووحشية من حيث عدد الضحايا خلال العام 2017، بعد الهجوم الذي وقع بالصومال، مسفرًا عن سقوط مئات القتلى والجرحى.

التكتيك الجديد يعمل على استهداف المساجد التي اتبعتها الجماعات التكفيرية التي تتمركز في شمال ووسط سيناء، استندت إلى العمل على تغيير نمط الهجمات ومكانها وطريقة القيام بها، حيث سادت وتيرة الهجمات على رجال الجيش والشرطة أو القضاء أحيانًا أو المتعاونين مع الجيش والشرطة من أبناء سيناء بخطفهم وقتلهم بطرق شتى، وربما يكون في التكتيك الجديد الإرهابي تحولاً جذريًا في مواجهة الإرهاب في المرحلة القادمة ستكشف عنها الأيام.

استراتیجیة الإرباك

ذكر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، في تقرير تحليلي جديد عن العملية الإرهابية التي حدثت في مسجد الروضة بمدينة شمال سيناء، أن تلك العملية كشفت عن اتباع التنظيمات الإرهابية استراتیجیة الإرباك بالخیارات المفتوحة في عملياتها الإرهابية والإجرامية الخسيسة، التي ترجمتها في مجزرة مسجد الروضة بالعريش.

وأوضح تقرير المرصد، أن أسلوب الإرباك بالخيارات المفتوحة يعتمد على تغيير مستمر لخيارات الهجمات الإرهابية من ناحية الهدف والزمان والمكان؛ سعيًا لتشتيت وتضليل والتشويش على القوات الأمنية التي تتصدى للجرائم الإرهابية.

أضاف تقرير المرصد، أن هذه الاستراتيجية تقوم على توسيع دائرة الأهداف التي تشن عليها عملياتها الإرهابية، بحيث تصل رسالة للدولة والمجتمع مفادها أنه لا يوجد مكان – حتى لو كان مسجدًا – هو في مأمن من أن تطاله عملياتهم الدنيئة، مما يشيع حالة من الصدمة والرعب بين المواطنين بهدف زعزعة ثقتهم في قدرة الدولة على توفير الأمن والحماية لهم.

أشار التقرير إلى أن هذه الجريمة الإرهابية تأتي عقب عدة ضربات موجعة وجَّهتها الدولة المصرية ضد الإرهاب وداعميه، حيث جاءت هذه العملية بعد الكشف عن شبكة تجسس تعمل لصالح تركيا، وقتل المتورطين في حادث الواحات، وقتل 3 من المتورطين في حادث اغتيال الشهيد العميد عادل رجائي، ينتمون إلى ما يسمى تنظيم “لواء الثورة”، الذي يتبع جماعة الإخوان الإرهابية، كما ألقت قوات الشرطة القبض على 9 آخرين من العناصر الإرهابية المنتمية لهذا التنظيم.

فضلاً عن أن الكفاءة الاستراتيجية والروح القتالية الاحترافية التي يتمتع بها جيش مصر وشرطتها هي ما حمت مصر وشعبها من تلك التنظيمات الإرهابية المجرمة ذات القدرات الكبيرة والتي تقف وراءها قوى دولية وإقليمية، فمصر تحارب وحدها الإرهاب المدعوم من جهات دولية وإقليمية توفر لها المال والعتاد والملاذ.

تحذيرات

وحذر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، خلال زيارته الأخيرة لفرنسا، من خطورة تأثير خسائر التنظيمات المتطرفة على ليبيا ومن بعدها مصر.

مشيرًا إلى أن “الخسائر في سوريا والعراق سيترتب عليها انتقال بعض العناصر منها في اتجاه ليبيا ومصر وسيناء وغرب أفريقيا.. ولا بد أن نتكاتف جميعًا ونمنع وصول هؤلاء المقاتلين أو الأسلحة أو التمويل لهم”.

ولفت خبراء إلى ضرورة تغيير استراتيجية المواجهة مع الإرهابيين وانخراط دولي أكبر في حل الأزمة الليبية، التي يستغل الإرهابيون حالة الفوضى بها لاستهداف الجوار.

وأكد مراقبون أن تأمين نحو 1200 كيلو متر من الحدود بين مصر وليبيا، مسألة شديدة التعقيد، لأنها صحراء منبسطة تكسوها وديان وعرة، ناهيك عن المثلث الذي تلتقي عنده حدود مصر مع كل من ليبيا والسودان، والذي أصبح ممرًا للإرهابيين والهجرة غير الشرعية.

وأعلن الجيش المصري، في أكثر من مرة عن تدمير قوافل خلال محاولات تهريب سلاح إلى الأراضي المصرية انطلاقًا من ليبيا.

السؤال الآن، مع صعوبة تأمين الحدود المصرية مع ليبيا لوعورة الطبيعة في الصحراء الغربية وطول الشريط الحدودي وصعوبة تأمينه بشكل كامل، وتضييق الخناق الأمني والعسكري على العناصر الإرهابية في شمال ووسط سيناء، هل تتبع التنظيمات المتطرفة سياسة التخبط وعشوائية الضربات وتطال مزيدًا من المدنيين في المرحلة القادمة فضلاً عن استهداف عناصر الجيش والشرطة كما هو معتاد سواءً في سيناء أو العمق المصري، الأيام ستجيب؟.

ربما يعجبك أيضا