صناعة البتروكيماويات.. مستقبل الخليج في مرحلة ما بعد النفط

حسام عيد – محلل اقتصادي

بدأت الحكومات الخليجية وشركات القطاع الخاص بالالتفات بشكل جدي إلى ضرورة الاستفادة من مصادر الإيرادات الهامة القادمة من النفط الخام.

ومع استمرار أزمة تراجع أسعار النفط العالمية منذ منتصف عام 2014، أصبح التوجه اليوم لاستخدام هذا الخام في التصنيع، بدلا من تصديره واستيراد مشتقات بتروكيماوية.

لذلك يبدو أن الاتجاه القادم هو لصناعة بتروكيماويات مزدهرة في منطقة الخليج العربي، تساهم في تنويع مصادر دخل اقتصادات الخليج، والنهوض بمعدلات النمو في مرحلة ما بعد النفط.

صناعة الكيماويات عالميًا

تشكل حجم المبيعات من صناعة الكيماويات على مستوى العالم 3.48 تريليون دولار فقط في عام 2015، وتعد من أكثر القطاعات نموًا بمعدل سنوي 3.9%، ومتوقع أن تصل المبيعات بحلول 2020 إلى ما يقارب 6.8 تريليون دولار.

وتستحوذ آسيا على النصيب الأكبر من المبيعات العالمية للكيماويات بنسبة 61%، فيما تبلغ حصة الصين 40%، وأوروبا 17%، وأمريكا الشمالية 4%، وتبلغ حصة باقي دول العالم 2% من قيمة المبيعات العالمية.

تحولات متسارعة

– أعاد قطاع الكيماويات العالمي بناء نموذج الأعمال الذي يرتكز أكثر على خدمة العملاء وإعادة هيكلة التكاليف، لتخدم عمليات النمو أكثر من غيرها.

– التطور التكنولوجي في تقنيات التصنيع وتحديدًا فيما يتعلق بإنترنت الأشياء، الأتمتة “التشغيل الآلي” بشكل واضح وكبير.

– توسع القدرات في أسواق الناشئة.

– تزايد أنشطة الاندماج والاستحواذ التي كانت أقواها بين العام 2011 وحتى العام 2016.

صناعة الكيماويات في الخليج

كشف تقرير جديد للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات “جيبكا” أن صناعة الكيماويات الخليجية حققت عائدات مبيعات بلغت 77 مليار دولار في العام 2016.

وساهمت صناعة الكيماويات خلال عام 2016 بنحو 43.8 مليار دولار في اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي وهو ما يعادل ما نسبته 29% من القيمة المضافة للصناعات التحويلية بشكل عام.

كما سجلت صناعة الكيماويات الخليجية أسرع وتيرة نمو خلال خمس سنوات حيث ارتفع إنتاج الكيماويات بنسبة 5.3%، لتصل إلى 167 مليون طن في 2017، وتعود الإضافات في سعة الإنتاج إلى أن المملكة العربية السعودية حققت زيادة سنوية في الإنتاج بلغت 12.7%.

توجه نحو الصناعات الكيماوية

في السعودية؛ وقعت شركتا “أرامكو” السعودية و”سابك” مذكرة تفاهم لتنفيذ أكبر مجمع متكامل في العالم لتحويل النفط الخام إلى منتجات كيماوية في المملكة وبحجم استثمار مقدر يفوق 30 مليار ريال “8 مليارات دولار”.

ومن المخطط إطلاق أعمال المشروع في الربع الأول 2018 وإنجازه في العام 2020، حيث سيتم تشييده في مدينة ينبع الصناعية.

ومن المتوقع أن يستهلك هذا المشروع العملاق 400 ألف برميل يوميا من النفط الخام وذلك لإنتاج حوالي 9 ملايين طن من المواد الكيماوية سنويا.

وتتقاسم الشركتان الاستثمار في المشروع مناصفة وسيسهم المجمع في زيادة الناتج المحلي الإجمالي السعودي 1.5% بحلول 2030.

وسيولد المشروع نحو 30 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة للشباب السعودي.

في الإمارات؛ وافق المجلس الأعلى للبترول على استراتيجية شركة “بترول أبوظبي الوطنية – أدنوك” لإنفاق أكثر من 400 مليار درهم “108.90 مليار دولار” لترفع من استثماراتها المحلية والدولية في التكرير والبتروكيماويات وتطوير الموارد غير التقليدية من 4.5 ملايين طن حاليا إلى 11.4 مليون طن بحلول 2025.

وستتيح خطة “أدنوك” الجديدة فرصاً كبرى للعمل للشباب الإماراتي وغيرهم على مستوى المنطقة.

في الكويت؛ هناك مشروع مصفاة الزور الذي يعمل على تطوير مشروع مجمع البتروكيماويات بكلفة تقديرية 2 مليار دينار، وبطاقة إنتاجية تصل إلى 650 ألف برميل يوميا.

التحديات في الخليج

صناعة البتروكيماويات والكيماويات الخليجية تواجه في الوقت الحالي تحديات تتمثل في بيع الغاز الصخري المستخدم في الصناعة في الولايات المتحدة بأسعار زهيدة، فضلاً عن استخدام الصين تقنيات جديدة في الصناعة تعتمد على الفحم الحجري، ما زاد من تنافسية المنتجين في كلتا الدولتين.

كما أن الصناعة تحتاج إلى أن تصبح أكثر مرونة، وسرعة، وفي حاجة إلى الاستثمار في مجالات التقنية والابتكار على النحو الصحيح الذي يساعد في تحقيق النتائج المرجوة.

وأيضا هناك تحديات متسارعة، تتمثل في الاتجاهات الحمائية التي تواجه المبيعات والمنتجات خاصة في الأسواق الآسيوية.

ربما يعجبك أيضا