“الإيدز”.. عدوى لم تنته لمرض سيئ السمعة

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

الإيدز” كلمة مرعبة تصيب النفس بالرهبة والخوف، ذاك المرض الذي يجعلك تموت وأنت تستمع إلى نبضات قلبك، لا تعرف الليل من النهار فالعالم الخارجي أمامك ولكن دون ملامسته، فهناك حائل زجاجي ونظرات تأكل ما تبقى من جسدك النحيل، تتهمك بالسقوط في الهاوية وتتمنى لك ألا عودة حتى لو كان هناك طريق لها.

صحتي .. حقي

في اليوم الأول من ديسمبر يحتفل العالم باليوم العالمي للإيدز، وقد أصبح هذا اليوم واحدًا من الأيام الصحية الدولية المعترف بها، ويمثل فرصةً رئيسية لرفع مستوى الوعي، وإحياء ذكرى من رحلوا بسببه، ففي هذا العام تم رفع شعار “صحتي.. حقي”، حيث يهدف الاحتفال إلى ترسيخ فكرة أن لكل شخص الحق في العيش بصحة بصرف النظر عمّن هم أو أين يعيشون.

وبهذه المناسبة وجه “ميشال سيديبي”المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية رسالة قال فيها: “في هذا اليوم العالمي للإيدز، نسلط الضوء على أهمية الحق في الصحة والتحديات التي يواجهها الأشخاص المصابون بفيروس نقص المناعة البشرية والمتأثرون به في الوفاء بهذا الحق، والحق في الصحة حق أساسي من حقوق الإنسان – لكل شخص الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية يمكن بلوغه، على النحو المنصوص عليه في العهد الدولي الخاص بالحقوق”.

دستور منظمة الصحة

ينص دستور منظمة الصحة العالمية على أن لكل إنسان الحق في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه كحق من الحقوق الأساسية، على أن تتحمل كل بلد المسؤولية والالتزام بحماية حقوق الإنسان المتعلقة بفيروس نقص المناعة البشري “الإيدز” وتعزيزها، وذلك بحسب التعريف الوارد في المعاهدات الدولية.

ووفقا لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فإن التمييز الذي يتعرض له المصابون بفيروس نقص المناعة البشري، أو الذين يعتقد أنهم مصابون به، يعتبر انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان ، فمن المؤسف أن المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري يواجهون العديد من أشكال التمييز عند التماسهم الرعاية في المرافق الصحية  مع أنها نفس الأماكن التي يفترض أنها تمثل الخط الأول من الدعم لهم، وتمثل هذه التصرفات انتهاكًا لحقوق الإنسان الأساسية وللأخلاقيات المهنية.

ليست مجرد أرقام

تقول” تشو لو” رئيسة قطاع الإيدز في “اليونيسيف”: “عدوى الإيدز لم تنتهي، لا تزال تمثل خطرا على حياة الأطفال والصغار”.

وتضيف: “ليس مقبولا أن نظل نرى هذا العدد الكبير من الأطفال يموت جراء الإيدز، وألا نرى تقدما يذكر لحماية المراهقين من العدوى”.

 فيما كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونسيف”، في تقرير لها ، أن 18 طفلا كانوا يصابون بفيروس نقص المناعة المكتسبة “الإيدز” كل ساعة، خلال العام الماضي، وهو ما يشير إلى ضعف التقدم على صعيد حماية أطفال العالم من الفيروس المسبب الإيدز.

وتشير توقعات اليونيسيف وفقا لأحدث إحصاءاتها لهذا العام، إلى أنه إذا استمر المعدل الحالي فستكون هناك 3.5 مليون حالة إصابة جديدة بالفيروس بين فئة المراهقين بحلول عام 2030.

ووفقا لليونيسيف، كان هناك نحو 37 مليون شخص مصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة في أنحاء العالم العام الماضي.

ومن بين المصابين 2.1 مليون في سن المراهقة، بزيادة بنسبة 30 في المائة عن عام 2005، في حين توفي 120 ألف طفل تقل أعمارهم عن 14 عاما لأسباب مرتبطة بالإيدز.

ويواجه الأطفال المصابون الذين تقل أعمارهم عن أربع سنوات الخطر الأكبر مقارنة بالفئات العمرية الأخرى.

خطة الرئيس للإغاثة

وفي السياق ذاته يقول ” جون سوليفان” نائب وزير الخارجية الأمريكي:”في اليوم العالمي للإيدز لعام 2017، ولأول مرة في التاريخ الحديث، لدينا الفرصة للسيطرة على وباء من دون لقاح أو علاج، ممهدين الطريق للقضاء على الإيدز في نهاية المطاف بمساعدة الإنجازات العلمية”، واصفا ذلك بأنه “لحظة غير مسبوقة”.

وذكر سوليفان، في كلمة بمناسبة اليوم العالمي للإيدز أنه عندما أعلن الرئيس الأسبق “جورج دبليو بوش” انطلاق البرنامج الذي عرف اختصارا بـPEPFAR، كان هناك 50 ألف شخص فقط يتلقون العلاج في إفريقيا.
واليوم تظهر النتائج تقديم الحكومة الأمريكية عبر هذا البرنامج دعمها لأكثر من 13 مليون شخص عن طريق العلاج بالأدوية المضادة للفيروسات.

وكانت الولايات المتحدة قد أطلقت عام 2003 برنامج “خطة الرئيس الطارئة للإغاثة من الإيدز”، وساعد هذا البرنامج في إنقاذ الملايين حول العالم ، ويقدم البرنامج الأمريكي الدعم لأكثر من 2.2 مليون طفل ولدوا من دون الإصابة بمرض الإيدز من أمهات مصابات.

كما يقدم الدعم لأكثر من 15 مليون رجل وفتى غير مصابين بالإيدز، عبر تدابير وقائية للحد من خطر انتقال المرض إليهم.

ويساعد البرنامج أكثر من 6.4 ملايين شخص من أطفال أيتام وضعفاء ومن القائمين على رعايتهم، لمساعدتهم على تخفيف وطأة وباء الإيدز عليهم من النواحي الجسدية والمعنوية والاقتصادية.

الأوروبيين لا يعلمون

في دراسة حديثة كشفت عن أن نصف الأوروبيين المصابين بفيروس “إتش آي في” المسبب لمتلازمة المناعة البشرية المكتسب “الإيدز” لا يعلمون بمرضهم إلا بعد أن يصلوا إلى مرحلة متقدمة من الإصابة به.

وتم تشخيص إصابة أكثر من 29 ألف شخص بفيروس الإيدز في أنحاء الاتحاد الأوروبي عام 2016، أي بانخفاض طفيف عن العام السابق، وذلك وفقا لتقرير صادر عن المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، ومنظمة الصحة العالمية.

وتشير مديرة المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها “أندريا أمون” إنه يستغرق الأمر في المتوسط ثلاث سنوات بين الإصابة بالمرض وتشخيصه.

وتضيف “أمون” في بيان لها “إن أوروبا تحتاج إلى بذل المزيد في مجال التصدي لفيروس نقص المناعة البشرية”.

في أنحاء المنطقة الأوروبية الأكبر -التي تشمل روسيا وكزاخستان وأوزبكستان، تم تسجيل تشخيص 160 ألف حالة جديدة مصابة بالمرض العام الماضي، مما يجعلها المنطقة الوحيدة في العالم التي يتزايد فيها معدل الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية.

وكان أعلى معدل للإصابة في أوكرانيا، حيث هناك 33.7 مصابا بالمرض بين كل مئة ألف شخص، في حين سجلت لاتفيا أدنى مستوى، حيث تصل نسبة المصابين بالمرض هناك 18.5 شخصا بين كل مئة ألف شخص.

الإيدز في الوطن العربي

بالرغم من أن بلدان الوطن العربي تعتبر الأقل إصابة بالمرض في العالم، نتيجة لأسباب عدة منها التقاليد والعادات والوازع الديني، إلا أن هناك بعض الدراسات تشير إلى أن تعاطي المخدرات أهم أسباب انتشار المرض في الوطن العربي.

ومن الأسباب الأخرى، البطالة والفقر التي تتسبّب بجنوح الفتيات نحو الدعارة، التي تعتبر أحد أهم أسباب انتشار “الإيدز”.

ربما يعجبك أيضا