ترامب يلعب بالنار.. القدس أولًا وثانيًا وأخيرًا

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

يدرس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الإسرائيلي المحتل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ضمن خطوات من شأنها تأجيج التوتر بمنطقة الشرق الأوسط.

وتعهد ترامب العام الماضي بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، لكنه أرجأ في يونيو الماضي تنفيذ ذلك، مشيرا إلى رغبته في إعطاء فرصة لحملة السلام التي يقودها صهره ومستشاره المقرب جاريد كوشنر، ولم تحرز هذه الجهود تقدما يذكر.

وعلى الفور وبتعليمات من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، طالب وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي بعقد اجتماعين طارئين لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، على مستوى المندوبين الدائمين، لبحث المخاطر المحدقة بالمقدس والمقدسات.
 
ردود أفعال غاضبة

وأثار إعلان نية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بها كعاصمة للاحتلال الإسرائيلي ردود أفعال غاضبة على مستوى العالمين العربي والإسلامي.

ورأت محافل سياسية أن خطوة الرئيس الأمريكي إن نفذت بالفعل ستؤجج المنطقة ككل، وتدخلها في فوهة بركان من الصراع، وتدمير رئيسي لعملية السلام المتوقفة أصلا.

ووصف الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، هذا التصرف بأنه “ليس له ما يبرره، ولن يخدم السلام والاستقرار، بل سيغذي التطرف واللجوء للعنف”.

وأعربت منظمة التعاون الإسلامي، عن قلقها البالغ إزاء ذلك معلنة في بيان صحفي، رفضها لأي إجراء أو محاولة من شأنها المساس بالوضع القانوني لمدينة القدس المحتلة، داعية إلى عدم الإقدام على هذه الخطوة “غير القانونية” محذرة من تبعاتها وتداعياتها الخطيرة على المنطقة والعالم أجمع.

كما أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أن أي تغيير سياسي لواقع مدينة القدس يُهدد مستقبل عملية السلام، محذرا من تداعياتها على المنطقة بشكل عام.

وقال إن “أي خطوة أمريكية تتعلق بالاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، أو نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، تمثل تهديدا لمستقبل العملية السياسية، وهي مرفوضة فلسطينيا وعربيا ودوليا”.

من جهته حذر وزير شئون القدس في الحكومة الفلسطينية، عدنان الحسيني، من نقل السفارة الأمريكية للقدس، مؤكدا أنها خطوة لن تكون مقبولة فلسطينيًا أو عربيًا أو إسلاميًا، وأن هذا النهج الأمريكي سيفجر الموقف ويُبعد أية عملية سلام ممكن أن تحدث.

كما حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إدارة ترامب من الإقدام على تلك الخطوة، مؤكدا أن ذلك سيضر بجهود السلام التي تبذلها الإدارة الأمريكية وسيعزز المنظمات الإرهابية في الشرق الاوسط.

فضيحة سياسية وقانونية

وعلق أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الدكتور صائب عريقات، بالقول: إن الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل سيضع أمريكا نفسها في معزل عن المنظومة والإرادة الدولية بمخالفة صارخة لمبادئ القانون الدولي، وسيخرجها ذلك من عملية التسوية.

وأوضح أن “أية دولة تتخذ مواقف معادية للقانون الدولي وللحقوق الوطنية الأساسية لشعبنا الفلسطيني غير مؤهلة أن تكون جزءا من المنظومة الدولية أو أية عملية سياسية محتملة، وليست مؤتمنة على حماية الامن والسلم الدوليين”.

وشدد عريقات على أن أمريكا ترتكب بذلك فضيحة سياسية وقانونية وتصطف إلى جانب استعمار فلسطين، وأن هذه التصرفات غير المسؤولة تدعم وتشجع بشكل مباشر الاحتلال الاستعماري ما من شأنه إذكاء وإشعال الحروب ونار الفتنة الطائفية والدينية، والتي لا تعبر مطلقا عن المصالح القومية للشعب الأمريكي بل تعمل ضده.

يقول الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي: “القدس بالنسبة لفلسطين كانت وستبقى أول الحديث وآخره، شاء من شاء وأبى من أبى.. أهل القدس وأهل فلسطين لن يسمحوا بتصفية القدس، ولن يقبلوا بأي حل لا يضمنها عاصمة لشعبهم.

من جهتها أكدت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، أنه وبدون شك فإن الاعتراف الأمريكي بالقدس كعاصمة لإسرائيل، خطوة خطيرة جدًا واستفزازية وغير مسئولة ولها أبعادها.

وعبرت عن أملها بألا يقدم الرئيس الأمريكي على مثل هذه الخطوة، لأنها ستضرب عملية السلام نهائيا وستقضي على احتمالات السلام، كما ستقضي على مصداقية الولايات المتحدة، الأمر الذي يجعلها غير مؤهلة للعب أي دور.

ولفتت عشراوي إلى أن هذه الحركة الاستباقية من قبل الولايات المتحدة تدل على تحيز تام وواضح لإسرائيل، وأنه حين يتم تقرير وضع القدس من جانب واحد فهذا يعني أن لا حاجة للمفاوضات على الإطلاق.

وشددت على أنه يجب أن تكون هناك تدخلات حثيثة الآن قبل أن يصبح الأمر واقعًا، وحينها لا يمكن لأحد أن يضمن النتائج، وبالتالي لابد من تحذير عربي إسلامي حول مغبة هذه الخطوة.
 
وعود أمريكية كاذبة

قبل عام أعرب ترامب عن رغبته في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس كجزء من حملاته الانتخابية الرئاسية، لكنه لم يفعل ذلك حتى الآن، كما لم يفعل ذلك نحو 20 رئيسا أو مرشحا لرئاسة الولايات المتحدة في الماضي.

يقول السفير الإسرائيلي الأسبق في الولايات المتحدة، زلمان شوفال: “ليس على القيادة الفلسطينية أن تقلق، فجميع مرشّحي الرئاسة وعدوا بنقل السفارة إلى القدس، أَما بعد ذلك فيتراجعون”.

ويضيف: “في الواقع، سبق لعشرين مرشحًا رئاسيا أمريكيا منذ العام ‏1972‏ أن وعدوا بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ولكن لم يحدث ذلك فقد قال جورج بوش الابن عام ‏1999 “في يومي الأول في المكتب البيضاوي، سأنقل السفارة الأمريكية إلى القدس‎”.

‎‏بعد ذلك بعام، قال بيل كلينتون: إنه يدرس نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، حتى الرئيس رونالد ريغان الذي قال عام ‏1984‏ إنه سوف ينقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، غيّر رأيه بعد شهر قائلا: “‎‏مع ذلك، ربّما أدرس نقل السفارة الأمريكية إلى القدس‎”.

‎‏وكان مجلس الشيوخ الأمريكي قد عبّر عن رأيه بشكل حازم عام ‏1995‏، مشرّعًا‏‎ ‎‏قانون نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في موعد لا يتأخر عن ‏31‏ مايو ‏1999‏ ولكنّ ذلك لم يحدث أيضا.
 
البيت الأبيض يعلق

أعلن جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مساء اليوم الأحد أن البيت الأبيض لم يتخذ بعد قرارا حول الاعتراف رسميا بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل.

وقال كوشنر، خلال مشاركته في مؤتمر “سابان” حول السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط نظمها معهد بروكينغس للأبحاث في واشنطن: “إنه لا يزال يدرس عددا كبيرا من العوامل المختلفة، وبعد ذلك، وعندما يتخذ قراره، هو من سيعلن ذلك، وليس أنا”.

ربما يعجبك أيضا