رفض عربي عام يربك مخطط ترامب بشأن القدس

حسام السبكي

حسام السبكي

توالت ردود الأفعال العربية والإسلامية والعالمية المنددة بالخطوة الأمريكية التي باتت في حكم المنقضي، بقيادة الرئيس “دونالد ترامب”، بشأن نقل مقر السفارة الأمريكية من موقعها الحالي في مدينة تل أبيب، إلى مدينة القدس المحتلة، والتي تحمل في طياتها اعترافًا صريحًا ومباشرًا بيهودية المدينة، وينهي بالتالي حلم الدولتين، الذي يشكل بؤرة الصراع الحالي، وآخر ما آلت إليه المفاوضات التي جرت خلال الفترة الأخيرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

في التقرير التالي، نرصد أبرز ردود الأفعال وأحدث المواقف والقرارات، التي سبقت قرار ترامب الذي ربما يدخل حيز التنفيذ خلال الساعات المقبلة.

رد فلسطيني حاسم

أجمع الفلسطينيون على أن أي قرار من شأنه تغيير الوضع الديموغرافي لمدينة القدس المحتلة، وتبعيتها المباشرة والرسمية إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي، إنما يرمي إلى أخذ القضية الفلسطينية إلى نقطة اللاعودة، ويمنح الاحتلال مكافأة لا يستحقها، كما مُنح من قبل حق إقامة دولته الغاصبة على الأرض العربية الفلسطينية المحتلة.

وأعلن الرئيس الفلسطيني رسميا رفض القرار، وأجرى اتصالات بالرئيس الروسي فلاديمير بوتن وبابا الفاتيكان فرانسيس، لمطالبتهما بالتدخل ومنع ترامب من إعلان القدس عاصمة لإسرائيل.

ووصفت السلطة الفلسطينية الخطوة بـ “العمل المستهجن” الذي يتعارض مع دور واشنطن كوسيط لعملية السلام، ولوحت بأنها ستقطع الاتصالات مع الإدارة الأميركية، في حال أقدمت واشنطن على الخطوة، مؤكدة أن مشاعر جموع الفلسطينيين بشأن القدس لا يمكن السيطرة عليها.

من جانبه، قال الدكتور نبيل شعث – مستشار الرئيس عباس: إن السلطة الفلسطينية سوف ترد بخطوات قوية في حال قررت الولايات المتحدة اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.
 
وأضاف شعث “يجب أن يكون واضحا أنه إذا تم الموضوع لن يكون لنا استعداد لأي عملية سلام ترعاها الولايات المتحدة… وكما قررنا وقف الاتصالات مع الولايات المتحدة عندما قرروا إغلاق ممثلية المنظمة في واشنطن فإن قرارنا الآن أكثر قوة”.
 
وأوضح شعث -في تصريحات لتلفزيون فلسطين الرسمي- “اذا نفذ ترامب قراره فإنه سيشعل المنطقة برمتها وصولا إلى تهديد مصالح أمريكا في المنطقة”.

في هذا السياق، علق أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الدكتور صائب عريقات، بالقول: إن الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل سيضع أمريكا نفسها في معزل عن المنظومة والإرادة الدولية بمخالفة صارخة لمبادئ القانون الدولي، وسيخرجها ذلك من عملية التسوية.

وأوضح أن “أية دولة تتخذ مواقف معادية للقانون الدولي وللحقوق الوطنية الأساسية لشعبنا الفلسطيني غير مؤهلة أن تكون جزءا من المنظومة الدولية أو أية عملية سياسية محتملة، وليست مؤتمنة على حماية الامن والسلم الدوليين”.

وشدد عريقات على أن أمريكا ترتكب بذلك فضيحة سياسية وقانونية وتصطف إلى جانب استعمار فلسطين، وأن هذه التصرفات غير المسؤولة تدعم وتشجع بشكل مباشر الاحتلال الاستعماري ما من شأنه إذكاء وإشعال الحروب ونار الفتنة الطائفية والدينية، والتي لا تعبر مطلقا عن المصالح القومية للشعب الأمريكي بل تعمل ضده.

أما الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي فذكر أن: “القدس بالنسبة لفلسطين كانت وستبقى أول الحديث وآخره، شاء من شاء وأبى من أبى.. أهل القدس وأهل فلسطين لن يسمحوا بتصفية القدس، ولن يقبلوا بأي حل لا يضمنها عاصمة لشعبهم.

من جهتها أكدت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، أنه وبدون شك فإن الاعتراف الأمريكي بالقدس كعاصمة لإسرائيل، خطوة خطيرة جدًا واستفزازية وغير مسؤولة ولها أبعادها.

وعبرت عن أملها بألا يقدم الرئيس الأمريكي على مثل هذه الخطوة، لأنها ستضرب عملية السلام نهائيا وستقضي على احتمالات السلام، كما ستقضي على مصداقية الولايات المتحدة، الأمر الذي يجعلها غير مؤهلة للعب أي دور.

ولفتت عشراوي إلى أن هذه الحركة الاستباقية من قبل الولايات المتحدة تدل على تحيز تام وواضح لإسرائيل، وأنه حين يتم تقرير وضع القدس من جانب واحد فهذا يعني أن لا حاجة للمفاوضات على الإطلاق.

و أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية مساء الثلاثاء أن إقدام الإدارة الأمريكية على الاعتراف بمدينة القدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال ونقل سفارتها للقدس تجاوز لكل الخطوط الحمراء.

وقال “هنية” خلال رسالة بعثها لزعماء الدول العربية والإسلامية والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامية، والأمين العام لجامعة الدول العربية، وهيئات ومنظمات عربية ودولية، إن الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده كافة لن يسمح لهذه المؤامرة أن تمر، وستبقى خياراته مفتوحة للدفاع عن أرضه ومقدساته.

وأضاف أن الإدارة الأمريكية أثبتت عبر تاريخها أنها منحازة للاحتلال بشكل سافر، من خلال الوقوف في صف أجندته العنصرية والإجرامية ضد الشعب الفلسطيني، وعبر تبنيها لمواقف حكومة الاحتلال.

واعتبر ذلك تحدياً صارخاً لكل المواثيق والأعراف الدولية، واستفزازا كبيرا لمشاعر الأمة العربية والإسلامية، وسيكون بمثابة إطلاق شرارة الغضب الذي ينفجر في وجه الاحتلال.

وشدد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أن نقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس تصعيد خطير يشكل غطاء أمام حكومة نتنياهو المتطرفة لتنفيذ مخططاتها الإجرامية في تهويد مدينة القدس.

وأضاف أن الأمة العربية والإسلامية بدولها وحكوماتها ومؤسساتها وشعوبها مدعوة لتضطلع بمسئولياتها التاريخية تجاه مدينة القدس المحتلة، وأن تقف صفاً واحدا ضد مواقف الإدارة الأمريكية المنحازة للاحتلال.

ودعا هنية إلى عدم الاعتراف بهذا القرار الخطير والعمل على رفضه وتجريمه، والعمل من أجل حشد المواقف العربية والإسلامية للضغط على الإدارة الأمريكية لوقف هذا القرار.

وشددت على أنه يجب أن تكون هناك تدخلات حثيثة الآن قبل أن يصبح الأمر واقعًا، وحينها لا يمكن لأحد أن يضمن النتائج، وبالتالي لابد من تحذير عربي إسلامي حول مغبة هذه الخطوة.

الإمارات: استفزاز لمشاعر المسلمين

أعربت دولة الإمارات العربية المتحدة عن قلقها “البالغ والعميق مما يتردد في وسائل الإعلام بشأن عزم الإدارة الأميركية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها”.

ونقلت وكالة أنباء الإمارات عن مساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي لشؤون حقوق الإنسان والقانون الدولي، أحمد عبد الرحمن الجرمن، قوله إن “الإقدام على هذه الخطوة يعد إخلالا كبيرا بمبدأ عدم التأثير على مفاوضات الحل النهائي ويخالف القرارات الدولية والتي أكدت على حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والراسخة في القدس التي لا يمكن المساس بها أو محاولة فرض أمر واقع عليها”.

وأضاف أن “هذه الخطوة – في حال اتخاذها – ستمثل تغييرا جوهريا وانحيازا غير مبرر في موقف الولايات المتحدة الأميركية المحايد في الوقت الذي يتطلع فيه الجميع إلى أن تعمل الولايات المتحدة الأميركية على تحقيق الإنجاز المأمول في مسيرة عملية السلام”.

كما حذر الجرمن من أنه “سيكون لهذه الخطوة تداعيات بالغة الخطورة وإضفاء المزيد من التعقيدات على النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي وتعطيل الجهود الحثيثة القائمة لإحياء عملية السلام .. كما أن من شأنها استفزاز مشاعر المسلمين كافة حول العالم في ظل محورية القدس وأهميتها القصوى”.

وأكد مساعد الوزير وزير الخارجية والتعاون الدولي لشؤون حقوق الإنسان والقانون الدولي “موقف دولة الإمارات الثابت من القدس ووقوفها الراسخ والدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني لينال حقوقه المشروعة وإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية”.

العاهل السعودي: سيضر بمفاوضات السلام ويزيد التوتر بالمنطقة

أكد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، في اتصال هاتفي تم بينه وبين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن أي “إعلان أميركي بشأن وضع القدس يسبق الوصول إلى تسوية نهائية سيضر بمفاوضات السلام ويزيد التوتر بالمنطقة”، موضحا أن “سياسة المملكة كانت ولا تزال داعمة للشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية”.

وشدد سلمان على أن “من شأن هذه الخطوة الخطيرة استفزاز مشاعر المسلمين كافة حول العالم نظرا لمكانة القدس العظيمة والمسجد الأقصى القبلة الأولى للمسلمين”.

الرئيس المصري: موقفنا ثابت بشأن الحفاظ على الوضعية القانونية للقدس

أكد الرئيس المصري، في الاتصال الذي اجراه معه ترامب، على الموقف المصري الثابت بشأن الحفاظ على الوضعية القانونية للقدس في إطار المرجعيات الدولية والقرارات الأممية ذات الصلة.

وشدد على ضرورة العمل على “عدم تعقيد الوضع بالمنطقة من خلال اتخاذ إجراءات من شأنها تقويض فرص السلام في الشرق الأوسط”.

العاهل الأردني: تداعيات سلبية وخطيرة!

وحذر العاهل الأردني، ترامب خلال مكالمة هاتفية، جمعت الجانبين، من “التداعيات الخطيرة والسلبية للخطوة”، مبينا أن هذه الخطوة تتناقض مع كل القرارات الدولية.

ولاحقا، أعلنت وزارة الخارجية أن الأردن يعتزم الدعوة لاجتماع طارئ للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي يومي السبت والأحد لبحث تحركات ترامب حيال القدس.

العاهل المغربي: تؤجج مشاعر الغبن والإحباط وتغذي التطرف والإرهاب

أما العاهل المغربي الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، فقد بعث برسالة إلى الرئيس الأميركي، باسم 57 دولة تشكل اللجنة، ليحذر من خطورة هذه الخطوة التي من شأنها “تأجيج مشاعر الغبن والإحباط التي تغذي التطرف والإرهاب”.

وذكرت الرسالة أن مدينة القدس، وفق القرارات الدولية ذات الصلة، تقع في صلب قضايا الوضع النهائي، وهو ما يقتضي الحفاظ على مركزها القانوني، والإحجام عن كل ما من شأنه المساس بوضعها السياسي القائم.

وأضاف العاهل المغربي: “منطقة الشرق الأوسط تعيش على وقع أزمات عميقة وتوترات متواصلة، تقتضي تفادي كل ما من شأنه تأجيج مشاعر الغبن والإحباط التي تغذي التطرف والإرهاب، والمساس بالاستقرار الهش في المنطقة”.

رفض عراقي مقتضب

كما أعرب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، عن رفض بلاده قرار ترامب المحتمل نقل السفارة الأميركية في إسرائيل إلى القدس.

شيخ الأزهر: ستفتح أبواب جهنم على الغرب قبل الشرق

حذر شيخ الأزهر، أحمد الطيب، من “اتجاه بعض الدول إلى نقل سفاراتها إلى القدس”، قائلا: “لو فتح باب نقل السفارات الأجنبية إلى القدس؛ ستفتح  أبواب جهنم على الغرب قبل الشرق”.

وشدد الطيب على أن الإقدام على هذه الخطوة سيؤجج مشاعر الغضب لدى جميع المسلمين، ويهدد السلام العالمي، ويعزز التوتر والانقسام والكراهية عبر العالم.

أردوغان: يهدف لزعزعة استقرار المنطقة وقد نقطع علاقاتنا بإسرائيل

هدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بقطع العلاقات مع إسرائيل إذا اعترفت الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لها.

وقال أردوغان إن مثل هذه الخطوة تعد تجاوزا لـ”لخط أحمر” بالنسبة للمسلمين.

واعتبر أردوغان،عزم الولايات المتحدة نقل سفارتها في إسرائيل إلى مدينة القدس، بمشروع يرمي إلى زعزعة منطقة الشرق الأوسط برمتها.

وأوضح أردوغان، في كلمة ألقاها خلال حضوره مؤتمر “المرأة في الأعمال الدولية” بأنقرة، أنّ تركيا ستلجأ إلى كافة الوسائل الدبلوماسية للتصدي لتلك الخطوة المحتملة.

ماكرون: قلق بشأن وضع القدس ومستقبل عملية السلام!

خلال مباحثات هاتفية جمعته بنظيره الأمريكي، عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن قلقه من احتمال اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل من جانب واحد”، وفق ما جاء في بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية.

وأكد الرئيس ماكرون، بحسب البيان، أن مسألة وضع القدس يجب حلها في إطار مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بهدف إقامة دولتين – إسرائيل وفلسطين – تعيشان جنبا إلى جنب بأمن وسلام.

التعاون الإسلامي: خطوة “غير قانونية” وتداعياتها خطيرة

أكدت منظمة التعاون الإسلامي، في بيان صحفي، رفضها لأي إجراء أو محاولة من شأنها المساس بالوضع القانوني لمدينة القدس المحتلة، داعية إلى عدم الإقدام على هذه الخطوة “غير القانونية” محذرة من تبعاتها وتداعياتها الخطيرة على المنطقة والعالم أجمع.

ربما يعجبك أيضا