ماذا قدمت تركيا للقدس؟ توظيف القضية في الخطاب الشعبوي

مجدي سمير

رؤية – مجدي سمير

“القدس خط أحمر للمسلمين” هكذا وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القرار الأمريكي، الأسبوع الماضي، باعتبار مدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، داعيًا إلى عقد جلسة طارئة لمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول للتصدي للقرار، لكن ماذا يمكن أن تقدمه تركيا إلى القضية الفلسطينية لحماية القدس؟ وماذا قدمت لهذه القضية منذ تطبيعها للعلاقات مع إسرائيل في صيف 2016؟

خلال عهد حكومة “العدالة والتنمية” نجد أن العلاقات التركية – الإسرائيلية دائمًا ما تسير في اتجاهين متوازيين، أولاهما الإطار الشعبي وهو ما تنجح فيه تركيا عبر التوجه الإعلامي وإجادة الخطاب الشعبي الذي يخترق أفئدة المواطن العربي، وثانيهما الإطار الرسمي والعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية التي تعكسها البيانات الرسمية.

التطبيع

في يونيو/ حزيران 2016 أعلنت الحكومة التركية عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل والتوصل إلى اتفاق بشأن تعويض ذوي ضحايا هجوم “مافي مرمرة” ورفع الحصار جزئيًا عن قطاع غزة والسماح لأنقرة بإدخال المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية إلى القطاع، ووقع أردوغان على الاتفاق في أغسطس/ آب من نفس العام واصفًا إياه بخطوة نحو حل القضية الفلسطينية .

لكن أردوغان المعروف بواقعة “One minute” إعلاميًا وحكومة بن علي يلدريم التركية لم يقدما للقضية الفلسطينية، منذ تطبيع العلاقات سوى العديد من الإجراءات ومذكرات التفاهم مع إسرائيل عمقت العلاقات بين أنقرة وتل أبيب.

توطيد العلاقات

شهدت العلاقات بين البلدين منذ اتفاق التطبيع وحتى اللحظة الكثير من التطور والتعزيز متجاوزةً علاقات تركيا مع بعض الدول العربية ذاتها، ويمكن ذكر أهم سمات هذه العلاقات في الآتي:-

– في مايو/ آيار الماضي امتنع مندوب أنقرة لدى منظمة “يونسكو” السفير أحمد ألتاي، عن التصويت لصالح مشروع قرار تبنته المنظمة لسحب السيادة الإسرائيلية عن مدينة القدس الشرقية المحتلة.

– نص اتفاق التطبيع الموقع بين حكومتي تركيا وإسرائيل على اعتراف ضمني بكون “القدس” عاصمة إسرائيل، إذ احتوى على عبارة (هذا الاتفاق وقع بين أنقرة والقدس بتاريخ 28 يونيه 2016 من ثلاث نسخ…)، أي أن أنقرة عاصمة تركيا والقدس عاصمة إسرائيل، وهي نسخة موقعة بين مسؤولي البلدين وتم تداولها إعلاميا داخل تركيا.


– سمحت الحكومة التركية خلال العام الحالي، بإعادة افتتاح معبد يهودي تاريخي بمدينة إزمير في إطار تطبيع العلاقات بين البلدين.

– كما أعلنت إسرائيل -خلال قمة المجلس الأطلسي المنعقدة باسطنبول في مايو/ آيار الماضي- عن تزويد تركيا بالغاز الطبيعي الإسرائيلي خلال الصيف المقبل، ونقل الغاز منها عبر أنابيب، مرورًا بتركيا إلى أوروبا وذلك خلال عامين.

– في مارس/ آذار الماضي، أكد السفير التركي لدى تل أبيب كمال أوكيم، على ضرورة تعميق العلاقات بين البلدين، وأن “تركيا لا تدعم حماس. وإنما تدعم المبادئ التي تعتقد أنها تصب في مصلحة الشعب لفلسطيني”.

– ارتفع حجم الصادرات التركية إلى إسرائيل من 2.446 مليار دولار عام 2015 إلى 2.755 مليار دولار عام 2016، كما ارتفع حجم الصادرات التركية إلى إسرائيل خلال الأربعة أشهر الأولى من العام الحالي إلى 1,053 مليار دولار.

– ورصد موقع “أوضه تي في” التركي، لقاء جمع وكيل وزارة الخارجية التركي أوميت يالجين بنظيره الإسرائيلي في العاصمة التركية يوم الخامس عشر من فبراير/ شباط الماضي لبحث سبل تعزيز التعاون الأمني وتبادل المعلومات الاستخباراتية لمنح الجانب التركي معلومات بشأن الأكراد خارج الحدود التركية مقابل حصول إسرائيل عن معلومات بشأن النفوذ الإيرانية في المنطقة.

– عودة العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين متمثلة في عودة السفير الإسرائيلي إلى أنقرة لأول مرة بعد غياب نحو عشر سنوات، وكذلك عودة السفير التركي إلى تل أبيب نهاية عام 2016.

– تركيا لم تقدم خلال العام الأخير سوى سفينتي مساعدات “زيتونة” و”أمل” اعترضتهما البحرية الإسرائيلية وسحبتهما إلى ميناء أشدود للتفتيش.

ماذا يمكن أن تقدمه تركيا؟

أثارت صحيفة “ميللي” التركية قضية سجلات أراضي القدس، وهي سجلات امتلاك أراضي بمساحة 30 ألف فدان في مدينة القدس منذ سيطرة الدولة العثمانية على المدينة، وهذه السجلات محفوظة في إدارة أرشيف وزارة البيئة والصحاري اسطنبول، وتنص على أحقية الدولة العثمانية في أراضي القدس منذ عهد السلطان سليم، وفي عهد السلطان عبد الحميد عرض اليهود شراء القدس بكميات كبيرة من الذهب، إلا أن السلطان العثماني رفض. وطالبت الصحيفة بإخراج هذه الوثائق والتحكيم الدولي بهدف سحب سيطرة إسرائيل على المدينة.
كما يمكن لأنقرة خفض التمثيل الدبلوماسي أو قطع العلاقات كليًا وإعلان السفير الإسرائيلي غير مرغوب به داخل تركيا، وهو ما هدد به أردوغان الأسبوع الماضي، في أحد خطاباته عن الخطوات التصعيدية إزاء إعلان واشنطن “نقل سفارتها إلى مدينة القدس باعتبارها عاصمة لإسرائيل”. والحد من التعاون العسكري والأمني وخفض حجم التبادل التجاري بين البلدين عبر تعزيز التعاون مع دول الجوار واستبدال الاتفاقيات التجارية مع إسرائيل بنظيرتها مع الدول العربية.

توصلت منظمة التعاون الإسلامي برئاسة تركيا إلى قرارات موحدة وفعالة للتصدي للسيطرة الإسرائيلية لفلسطين وتعزيز الدور الإقليمي في حل الأزمة والتغلب على تداعيات القرار الأمريكي.

ربما يعجبك أيضا