كيف تواجه أوروبا تمدد داعش عبر الحدود؟

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

باتت الجماعات المتطرفة وابرزها تنظيم داعش تستغل فضاء حرية الحركة داخل دول اوروبا، خاصة فضاء الشنغن. وربما تعتبر باريس وبروكسل ولندن وبرلين، من أبرز عواصم أوروبا التي شهدت عمليات إرهابية أبرزها تفجيرات باريس “باتكالان” يوم 13 نوفمبر 2015.

وتزايدت وتيرة عمليات تنظيم داعش في أعقاب خسارة التنظيم معاقله في سوريا والعراق خلال عام 2017. العمليات الانتحارية أيضا، تراجعت حجما ونوعا في أوروبا وباتت نمطية بعمليات الدهس والطعن، والإرهاب غير المركزي.

تحقيقات أجهزة الاستخبارات الأوروبية، كشفت عن وجود ترابط شديد بين خلايا تنظيم داعش في أوروبا، التي تنشط عبر الحدود أبرزها الحدود البلجيكية، الفرنسية، الألمانية ، السويسرية، الإسبانية، البريطانية، ويبقى مثلث بلجيكا هولندا المانيا، موضع تحدي إلى دول الاتحاد الأوروبي.

 المداهمات المشتركة التي نفذتها أجهزة الاستخبارات في أكثر من دولة وفي آن واحد، ربما يبرهن هذه الحقيقة إلى جانب المداهمات المشتركة، عملت دول أوروبا على تشكيل فرق تحقيقات فنية مشتركة حول جملة القضايا الخاصة بالإرهاب والتطرف، لتداخل وتشابك البيانات والعناصر المنفذة.

الجغرافية وترابط الحدود داخل أوروبا
المراقبون يصفون سويسرا ربما بـ “أرض مدد” أي تلك الدولة التي تقدم الدعم اللوجستي إلى خلايا تنظيم داعش في عواصم أوروبية أخرى دون أن تشهد حوادث إرهابية.

الجغرافية وترابط الحدود بين باريس وبروكسل حولتها هي الأخرى إلى”أرض مدد” وفقا لمنظور الجماعات الإرهابية لتنفيذ تفجيرات باريس وربطت حدودا للجماعات المتطرفة، لكن هذا الوصف ما عاد ينطبق على بروكسل في أعقاب تفجيرات مطار بروكسل خلال شهر مارس 2016.

لقد أصبحت أوروبا واحدة من بين المناطقة الجغرافية التي تمدد إليها “الجهاد” رغم البعد الجغرافي نسبياً. الأوروبيون كانو حريصين على مكافحة الإرهاب في دول  الصراع لكي لا يقترب كثيراً من الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط، لكن رغم هذه السياسات الاحترازية، تحولت أوروبا إلى مناطق لتدفق اللاجئين والمقاتلين الأجانب، أبرزها من بلجيكيا وهولندا وألمانيا وبريطانيا.

المشكلة التي تواجهها دول أوروبا، أحيانا صعوبة التنسيق وسرعة تنفيذ الإجراءات ضد المشتبه بهم، كون دول الاتحاد الأوروبي تسمح لمواطنيها التنقل داخل حدودها بدون جواز سفر أو فرض مراقبة وسيطرة عند المعابر لحدودية.

اعتبر مركز “صوفان” الاستشاري للشؤون الأمنية في تقرير له، أن عودة ما لا يقل عن 5600 عنصر من تنظيم  داعش من العراق وسوريا، إلى دولهم سيشكل “تحديا أمنيا هائلا” لهذه الدول، وفي المجمل أن 30 بالمئة وتأكد مقتل 14 بالمئة ونحو 17 بالمئة منهم من النساء وإن 23 بالمئة اعتنقوا الإسلام.

عديد المقاتلين الأجانب من دول أوروبا عام 2017
ألمانيا : سافر 850 شخصًا وعاد 280 شخصًا.
بريطانيا : سافر900 شخص وعاد 450 شخصًا.
فرنسا : سافر 1000 شخص وعاد 210 أشخاص.
السويد : سافر300  شخص وعاد 150شخصًا.
النمسا : سافر 300 شخص وعاد 50 شخصًا.
هولندا : سافر 280 شخصًا وعاد 50 شخصًا.
بلجيكا : سافر 614 شخصًا وعاد 104 أشخاص.
إسبانيا والدنمارك والنرويج وإيطاليا وفنلندا:  مجتمعة حوالي 635 شخصا سافر إلى سوريا والعراق
 
فرض الرقابة داخل فضاء “الشنغن”
أعطت المفوضية الأوروبية خلال عام 2017، الضوء الأخضر لتمديد استثنائي مدته في كل مرة ثلاثة أشهر لإجراءات الرقابة على بعض الحدود الداخلية في فضاء “شنغن” .

وبذلك، تستفيد ألمانيا والنمسا والدنمارك والسويد والنرويغ من استثناء جديد من قواعد حرية الحركة عبر الحدود وتبريرا للتمديد الجديد، قال” فرانس تيمرمانس ” النائب الأول لرئيس المفوضية “تم تحقيق تحسن ملحوظ باتجاه إزالة الضوابط على الحدود الداخلية، لكن يجب تعزيزها بشكل إضافي”. وتؤثر الضوابط التي تفرضها المجر على دولتين غير أعضاء في شنغن، وهما كرواتيا وصربيا،وفرضت المجر أيضا ضوابط مؤقتة على الحدود مع سلوفينيا، وهي عضو في “شنغن”.

لقدادركت دول أوروبا، والمفوضية الأوروبية أيضا، بضرورة إيجاد تعاون تبادل المعلومات حول الجماعات الإرهابية، أبرزها مع دول حوض البحر الأبيض المتوسط، والدول التي تشهد جهودا في محاربة التطرف والإرهاب في معاقله. ووصلت المفوضية الأوروبية إلى حقيقة، أن استمرار الفوضى في دول المنطقة بدأ يضرب بتداعياته أمن دول أوروبا.

الإرهاب لم يعد يتحدد في جغرافية معينة، مستغلا مزايا العولمة ووسائل التواصل الاجتماعي، الذي باتت تهديداته لا تقل عن نشاط هذه الجماعات المتطرفة على الأرض. فلم تعد هناك جغرافية محددة للجماعات المتطرفة والإرهاب، ولم تعد أي دولة بمأمن الإرهاب.

وهذا ما يدعم فكرة التعاون الاستخباري بين الأطراف الدولية والإقليمية لتقاسم المعلومات من أجل محاربة التطرف ومكافحة الإرهاب دوليا.
 

*باحث في قضايا الإرهاب والاستخبارات

ربما يعجبك أيضا