ماذا حدث في أوروبا 2017؟

سحر رمزي

رؤية – سحر رمزي

أمستردام – توقع كثيرون قبل بداية عام 2017 أنه سيكون عاماً صاخباً من الناحية السياسية ، بل كارثيًا على عدة أصعدة، وبالتحديد توقعات سلبية تجاه القضايا الرئيسية على الساحة الأوروبية وعلى رأسها الأمن والعلاقات مع واشنطن وقضايا الإرهاب والهجرة .

صدمة تولي دونالد  ترامب الرئاسة الأمريكية

تفاقم القلق الأوروبي منذ وصول الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” إلى السلطة الذي اعترض على عدم التقسيم العادل بين الأعضاء بشأن الإسهام في ميزانية الحلف خلال حملته الانتخابية وعما إذا كان على الولايات المتحدة أن تحمي حلفاءها التقليديين في أوروبا بالتزامن مع إنفاقهم القليل على أوجه الدفاع، بالإضافة لرفعه شعار “أمريكا أولًا” واتباعه مبدأ الصفقات في التعاملات الخارجية، كما وصف “ترامب” الاتحاد الأوروبي بأنه منظمة “عفى عليها الزمن”. الأمر الذي دفع المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” بمطالبة الدول الأوروبية بعدم الاعتماد على واشنطن مستقبلاً فيما يتعلق بقضايا الأمن والدفاع الجماعي.

تزايد أزمة اللاجئين

أعلنت المنظّمة الدوليّة للهجرة عدد المهاجرين الّذين وصلوا إلى أوروبا عبر البحر المتوسّط (منذ بداية سنة 2017 إلى غاية 20 سبتمبر الماضي)، قد بلغ 133 ألفا و640 مهاجرًا، فيما غرق 2556 مهاجرًا.

أمّا على الصعيد العالمي، فقد تُوفّي أربعة آلاف مهاجر أو فُقدوا في عرض البحر، خلال العام الجاري.

كما أشارت المنظّمة إلى أنّ أكثر من 75٪ من هؤلاء وفدوا إلى إيطاليا، بينما انقسم الباقون بين اليونان وقبرص وإسبانيا.

كارثة الانفصالات

صُدِمت أوروبا مرة ثانية باستفتاء بريطانيا العضو الدائم في مجلس الأمن والقوة النووية الأوروبية إلى جانب فرنسا بانسحابها من الاتحاد الأوروبي عام 2016، بالإضافة استفتاء إقليم كتالونيا للانفصال عن إسبانيا في النصف الثاني من عام 2017.

كما بدأت الكثير من الأصوات الأوروبية في الكثير من المقاطعات والأقاليم بالمطالبة بتوسيع صلاحيات الحكم الذاتي تمهيدًا للانفصال الرسمي، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي علي سيادة الدولة والوطنية وقدرتها في بسط نفوذها على كامل أقاليمها.

آفة الإرهاب

مما لا شك فيه أن تكرار العمليات الإرهابية داخل القارة الأوروبية لم يعد مجرد موجة عابرة تقتضي اتخاذ إجراءات أمنية تقليدية، حيث أصبحت أوروبا أرضاً خصبة للعمليات الإرهابية غير التقليدية، مثل الدهس والطعن، والتي يتبناها تنظيم “داعش”، والتي برزت بصورة واضحة من خلال هجوم برشلونة الإرهابي، في  السابع عشر من أغسطس الماضي، الأمر الذى دفع رئيس الوزراء الإسباني ماريان وراخوي إلى التصريح عقب الهجوم بـ “أن الحرب على الإرهاب هي اليوم الأولوية الأولى للمجتمعات الحرة والمنفتحة مثل مجتمعاتنا. إنه تهديد عالمي، والرد يجب أن يكون عالميا”.

وقد تزامن انتشار الهجمات الإرهابية في الداخل الأوروبي مع انحسار التنظيم، وتراجع نفوذه في سوريا أو العراق، خاصة بعد الخروج من “الموصل” و”تلعفر”، وقبلها من “حلب” السورية، فضلا عن تهديد معقله الرئيسي في “الرقة”، على يد قوات سوريا الديمقراطية، ورغبته في تعويض تلك الخسائر عبر شن هجمات إرهابية خارجية، عبر مناصريه ومؤيديه، وهم ما يطلق عليهم “الذئاب الداعشية المنفردة”، وذلك لإرسال رسائل مزدوجة، مفادها أنه لم يتأثر بفقدان نفوذه في العراق وسوريا، وأنه لا يزال قادرًا على تنفيذ عمليات داخل الدول الأوروبية، الأمر الذي قد يدفع آخرين من المتعاطفين معه لتنفيذ عمليات مماثلة في مناطق متباعدة من العالم. وذلك حسب ما نشر في السياسة الدولية .

تهديدات إرهابية مستقبلية

في  ظل حرص تنظيم “داعش” على استهداف القارة الأوروبية، التي يعدّها، واحدا من أهم أعدائه، إلى جانب الولايات المتحدة. لذا، فإن الدول الأوروبية غالبًا ستعاني خلال المرحلة القادمة عددا من التهديدات، خاصة في  ظل تراجع التنظيم في العراق وسوريا، يمكن تحديد أهمها في الآتي: 

هجمات “الذئاب المنفردة”: وهم الأشخاص المتأثرون بأفكار التنظيم من خلال الرسائل الإعلامية التي يبثها التنظيم، دون أن يكونوا مرتبطين به تنظيمياً، ولكنهم على استعداد لتنفيذ عمليات عنيفة، سواء كانت بأسلحة تقليدية، مثل البنادق والمتفجرات، أو من خلال وسائل غير تقليدية، مثل الدهس بالسيارات، الذي يعد واحدة من أبرز الوسائل، حيث يعد “داعش” من أنجح التنظيمات الإرهابية في إلهام المتعاطفين معه لتنفيذ عمليات الإرهاب الفردي.

هجمات المقاتلين “العائدين”: حرص “داعش” منذ ظهوره على استقطاب مقاتلين أجانب وذلك لجرأتهم الشديدة والتزامهم الفكري والتنظيمي، وتحقيقاً لفكرة الأممية. لذا، من المحتمل أن يقوم عدد من هؤلاء العائدين بشن هجمات إرهابية، عقب عودتهم إلى بلادهم، خاصة في  ظل وجود العديد من المقاتلين الأوروبيين في  صفوف “داعش”، لاسيما أنهم سيعدون وهم محملون بالأفكار المتطرفة والعنيفة.
المطلوب  للحفاظ علي الأمن الأوروبي

الحكومات الأوروبية باتت مطالبة بتطوير خططها الأمنية، ورفع مستوى التنسيق الأمني والاستخباراتي، واتخاذ الإجراءات الأمنية، مثل تعزيز التعاون الاستخباراتي بين الدول الأوروبية في مجال مكافحة الإرهاب. 

ويعد اقتراح  إنشاء مكتب  تحقيقات فيدرالي أوروبي مماثل لـ FBI  في أوروبا لإنشاء قاعدة استخباراتية حقيقية لوقف المعابر الحدودية التي لم يتم التصدي لها بشكل أساسي، من أبرز أشكال التعاون الأمني الأوروبي لمواجهة التطرف والإرهاب.

ربما يعجبك أيضا