تدخلات “أردوغان” تعصف بالليرة التركية في 2017

حسام عيد – محلل اقتصادي

واصلت الليرة التركية في عام 2017 مسلسل التراجعات مع غياب أية محفزات، ومع استمرار حالة عدم اليقين والقلق لدى المستثمرين حول مستقبل العملة، ولا سيما أن العوامل التي كانت وراء هذه الانخفاضات لم تزل تضغط على الليرة.

تراجعات قياسية أمام الدولار

بمتابعة أداء الليرة أمام الدولار الأمريكي، نلاحظ أن العملة التركية سجلت تراجعات قياسية على مدار عام 2017، ففي نوفمبر حتى جلسة يوم الأربعاء الموافق 22 ارتفع الدولار إلى ما يقارب 3.3%.

على مستوى 2017، وصلت ارتفاعات الدولار مقابل الليرة إلى 11%.

وعلى صعيد التحليل الفني، بات متوسط حركة الـ 100 يوم يتجه لمستويات أدنى من متوسط حركة 200 يوم، وهذا يعني أن الليرة أمام المزيد من التراجعات والتي ربما تكون أكبر من تلك التي تشهدها حاليًا.

الأسواق التركية تواصل سلسلة الخسائر

هناك تراجعات كبيرة على مستوى العائد على السندات التركية لأجل 10 سنوات، فهي الآن تتجاوز مستويات الـ 12% ليسجل أعلى مستوياته التاريخية، فقط في 2017 ارتفع العائد بما يقارب 155 نقطة أساس، ليتجاوز متوسط العائد التي تسجله الأسواق الناشئة، وحتى تلك التي تصنف ائتمانيا أقل من تصنيف تركيا.

وشهد أداء مؤشر بورصة إسطنبول “BIST 100” تراجعات قاربت 3.8% فقط في جلسات نوفمبر وتحديدا حتى 22 نوفمبر.

العوامل التي كانت وراء التراجعات

معدلات التضخم؛ منذ عام 2008 تشهد تركيا تذبذبًا في معدلات التضخم، ولكن في نوفمبر من العام الجاري قفزت المعدلات إلى أعلى مستوياتها، حيث بلغت 12.98%.

عدم استقلالية المركزي التركي

ما يثير القلق لدى المستثمرين هو أنه في حالة ارتفاع التضخم لا بد من تدخل البنك المركزي التركي ورفع معدلات الفائدة لكبح جماح التضخم المتسارع.

متوسط معدلات الفائدة الآن في تركيا عند 12%، والبعض يرى أن المركزي التركي بحاجة إلى رفع معدلات الفائدة بـ200 نقطة أساس لكي يتمكن من امتصاص جزء من هذا التضخم المرتفع.

لكن الإشكالية هنا تتمثل في أن الرئيس رجب طيب أردوغان يعارض هذه الخطوة بشكل واضح، لتحفيز النمو الاقتصادي بشكل عام، وكانت هناك تصريحات هاجمت البنك المركزي واتهمته بأن سياسته كانت خاطئة وان سياسة رفع الفائدة لكبح جماح التضخم هي سياسة فاشلة وتؤدي لارتفاعه بدلا من انخفاضه، وأنه لا بد من الحكومة أن تتدخل في مسار السياسة النقدية.

وبالتالي بات المستثمرون يحظرون من عدم استقلالية البنك المركزي التركي وإمكانية تأثير أردوغان على السياسة النقدية في البلاد.

وفي الواقع يهدف أردوغان من تدخلاته في السياسة النقدية للبنك المركزي التأثير إيجابيًا على نظرة الشعب للاقتصاد لضمان فوزه بولاية رئاسية جديدة خاصة وأن الانتخابات المقبلة ستعقد في 2019.

التوترات الجيوسياسية

شهدت تركيا في الفترة الأخيرة الكثير من التوترات الجيوسياسية، أبرزها، تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في محاكمة تاجر تركي بانتهاك العقوبات المفروضة على إيران، وهو ما وصفته تركيا بأنه تدخل وانتهاك غير قانوني يستهدف الاقتصاد التركي.

وأيضا عودة الخلافات مجددا بين أوروبا وتركيا، ولا سيما الخلاف الذي يتعلق بحلف الناتو.

محاولات الحد من تراجع الليرة

قام البنك المركزي التركي بالعديد من الخطوات غير رفع أسعار الفائدة، بهدف امتصاص هذه التراجعات لليرة، وهي:

– رفع تكاليف الإقراض بين البنوك بما يقارب 25 نقطة أساس.

إطلاق مزاد للعقود الآجلة بما يعادل 3 مليارات دولا لمساعدة التجار على تغطية مراكزهم.

– تسهيل إقراض المصدرين.

– تخفيض حد الاحتياطيات الأجنبية المطلوبة من البنوك وهو ما سمح لها بتوفير ما يقارب من 1.4 مليار دولار.

ربما يعجبك أيضا