2017.. عام كشف المستور عن “النخاسة” في ليبيا

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

خلال الأشهر الأخيرة من عام 2017، أصبحت قضية الإتجار بالبشر في ليبيا والتصدي لها الشغل الشاغل لساسة العالم والمدافعين عن حقوق الإنسان، وأثارت القضية جدلا عالميا، وتوالت الاتهامات لجماعات مسلحة بحماية شبكات الإتجار بالبشر، وتزايد الغضب الرسمي والشعبي في العالم وظهر نوع من الإجماع بين الساسة على أن إنهاء هذه المأساة يكمن في إيجاد حل سياسي للأزمة السياسية برمتها في هذا البلد الذي تمزقه الصراعات منذ 2011.

تجارة الرقيق

الانقسام السياسي والصراع العنيف على السلطة، أجج الهجرة غير النظامية في ليبيا فضعف الأجهزة الأمنية وعدم وجود حكومة أو سلطة مركزية قوية تبسط سيطرتها على المنافذ البرية حال دون كبح جماح عصابات تهريب البشر.

شكل التقرير الاستقصائي الذي بثته شبكة “سي إن إن” الأمريكية أخيرا، حول أسواق العبيد صدمة لليبيين والمجتمع الدولي، في وقت اعتبرت فيه المنظمات الحقوقية والمؤسسات الرسمية التابعة لحكومة الوفاق أن ليبيا ليست مسؤولة عما يحصل للمهاجرين الذين ينتهكون حرمتها.

وكشفت تقارير لـ”منظمة العفو الدولية”، عن وجود 9 أسواق لبيع وشراء المهاجرين غير الشرعيين الذين فشلوا في العبور إلى أوروبا، للعمل كعمال أو مزارعين من خلال مزادات علنية، وفتحت حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج والمعترف بها من قبل المجتمع الدولي الشهر الماضي، تحقيقا حول أنشطة بيع المهاجرين الأفارقة “كعبيد” في ليبيا.

في سبتمبر وبعد اشتباكات في المدينة الواقعة في غرب البلاد، اتضح وجود آلاف المهاجرين المحتجزين قرب الساحل وجرى نقلهم إلى مراكز احتجاز تحت السيطرة الشكلية للحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، وزادت أعداد المهاجرين في حوالي 16 مركزا إلى قرابة 20 ألفا من 5000-7000 في السابق، ما تسبب في تفاقم الأوضاع السيئة بالفعل.

بحسب تقرير حديث للمنظمة الدولية للهجرة، يوجد 423.394 مهاجر في22 منطقة, تم التعرف عليهم في 99 بلدية من أصل 100 و 525 محلة من أصل 675 محلة ليبية، وأشار التقرير إلى وجود مهاجرين في طرابلس بنسبة 18% ومصراتة 17% والمرقب 11%، فيما توزع باقي المهاجرين على بقية مناطق ليبيا بنسب متفاوتة.

تواطؤ دولي

وفي أعقاب صرخة عالمية مدوية بشأن بيع المهاجرين كعبيد في ليبيا، اتهمت منظمة العفو الدولية، الحكومات الأوروبية بالتواطؤ عن سابق علم وإصرار في التعذيب والانتهاكات التي يتعرض لها عشرات الآلاف من المهاجرين، وأكدت “العفو” أن الحكومات الأوروبية لم تكن فحسب على علم تام بهذه الانتهاكات؛ بل أنها دعمت السلطات الليبية لإغلاق المعابر المائية واحتواء الأشخاص داخل ليبيا.

وكشفت المنظمة، عن تفاصيل الدعم الذي تقدمه الحكومات الأوروبية للنظام المعقد من الانتهاكات والاستغلال للاجئين والمهاجرين الذي تشغِّله قوات خفر السواحل الليبي و “جهاز  مكافحة الهجرة غير الشرعية” ، بغية منع الأشخاص من عبور البحر الأبيض المتوسط.

يقول جون دالهاوزن، مدير برنامج أوروبا في منظمة العفو الدولية: يخضع مئات الآلاف من اللاجئين والمهاجرين العالقين في ليبيا لرحمة السلطات الليبية والميليشيات والجماعات المسلحة والمهربين، هذه الجهات التي تعمل في معظم الأحيان بالتنسيق فيما بينها على نحو باد للعيان لتحقيق مكاسب مالية، ولإغلاق أبواب أوروبا في وجه المهاجرين.

إعادة المهاجرين إلى أوطانهم

في محاولة لتخفيف الزحام الشديد في مراكز الاحتجاز حيث تضخمت الأعداد، اتخذت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة قرارها، بالإسراع من وتيرة إعادة المهاجرين إلى بلدانهم متخذة ليبيا كنقطة انطلاق، وبالرغم من توقف رحلات القوارب إلى إيطاليا من صبراتة مركز تهريب المهاجرين في ليبيا إلا أن أعداد المهاجرين لا تزال ضخمة.

وفي 6 ديسمبر بدأت المنظمة بنقل المهاجرين، فتم نقل قرابة 400 مهاجر إلى بلدهم نيجيريا على متن رحلتين من العاصمة طرابلس ومدينة مصراتة في غرب ليبيا، وحتى الآن نقلت المنظمة، أكثر من 14500 مهاجر إلى بلدانهم الأصلية في إطار برنامج للعودة الطوعية، وشهدت نيجيريا وغينيا وجامبيا ومالي والسنغال أعلى أرقام للعائدين.

وفي سابقة هي الأولى من نوعها، فتحت إيطاليا أول ممر إنساني من ليبيا إلى أوروبا، ورحب وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينيتي باستقبال اللاجئين، قائلا: “إنه يوم تاريخي”، مؤكدا عزم بلاده على مواصلة العمل مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في هذا الشأن.

وفي 22 ديسمبر نقلت طائرة عسكرية إيطالية، مجموعة من 162 لاجئا يعيشون ظروفا صعبة، وكانوا مقيمين في مخيمات في ليبيا إلى روما، في سابقة هي الأولى من نوعها في هذا البلد الأوروبي.

“ويتعين على الحكومات الأوروبية إعادة النظر في تعاونها مع ليبيا في مجال الهجرة، وأن تمكن الأشخاص من الوصول إلى أوروبا عبر ممرات بحرية وطرق مشروعة، بما في ذلك إعادة توطين عشرات آلاف اللاجئين، ويجب أن تصر على إنهاء السلطات الليبية سياسة القبض على اللاجئين والمهاجرين واعتقالهم تعسفاً، وما يرافق ذلك من إجراءات لاإنسانية، والإفراج فوراً عن جميع مواطني الدول الأجنبية المحتجزين في مراكز الاحتجاز، والسماح للمفوضية السامية للاجئين بالقيام بعملها من دون عراقيل”.. هذه هي توصية منظمة العفو لأوروبا لفتح صفحة جديدة مع اللاجئين.

ربما يعجبك أيضا