ازدواجية الإسلام السياسي وخديعة الفكر “الجهادي”

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

شهد عام 2017، ربما جهوداً دولية وإقليمية في مكافحة الإرهاب والتطرف، مقارنة بالأعوام السابقة نسبة إلى مؤشر الإرهاب الدولي.

جاء في تقرير مؤشر الإرهاب العالمي الذي صدر يوم 15 نوفمبر 2017 أن “الاستخلاص الإيجابي الرئيسي هو تراجع عدد ضحايا الهجمات الإرهابية في العالم” مع مقتل 25673 شخصا خلال 2016، بتراجع 22% عن العام 2014 الذي كان على قدر خاص من الدموية. وتأتي هذ النتيجة في أعقاب نجاح التحالف الدولي بضرب معاقل التنظيم في سوريا والعراق، وخسارة تنظيم داعش مدينة الرقة والموصل ومعاقل أخرى.

فبعد أن كان هذا التنظيم يحصل على التمويل ويسيطر على الأراضي والثروات، والسكان، التي حولها إلى مصادر وأعداد في ما تسمى”دولة الخلافة” اليوم تنظيم داعش، أعطى نموذجا بفشل هذه الجماعات الإسلاموية القاعدية، التي تعمل على إقامة ماتسمى بـ”الدولة الإسلامية”.

الحوكمة، “باروميتر” قياس فشل تنظيم داعش بالحفاظ على “الدولة”، كون التنظيم لم يكن قادرا على حماية سكان وحدود “الخلافة” وهذا ما يعطي رسالة إلى جماعة الإسلام السياسي في المنطقة، بأنها لا تستطيع إعادة التأريخ للوراء، ولا يمكن أن تكون بديلا للنظام السياسي الحديث والديمقراطيات.

سقوط “دولة داعش” يخدم القاعدة والتنظيمات “الجهادية” التي تدور بفلك “التوحيد والجهاد” والرايات السود، بأنها من الأفضل أن لا تعيد تجربة تنظيم داعش في التمكين، هذا يعني أن هذه الجماعات، تبقى موجودة، على أساس: الفراغ السياسي، ونقص السياسات والفقر. تبقى هذه الجماعات مجرد منظمات، على غرار العصابات تقوم بالكر والفر وتنفيذ عمليات إرهابية، جل عناصرها من المنحرفين، والمتمردين والمطلوبين للسلطة.
” التوحش”، هو السمة التي ستطغى على هذه الجماعات عام 2018، أي العمل على تنفيذ عمليات إرهابية ضد أهداف مفتوحة وضد المدنيين والمؤسسات الحكومية. إن إعلان ما يسمى” دولة الخلافة” عام 2014 في معقل التنظيم في مدينة الموصل العراقية، كشف الكثير من الثغرات داخل هذه الجماعة، أبرزها:

الصراع، بين قيادات هذه الجماعات المتأسلمة، فاندلعت الخلافات بين أبو بكر البغدادي، وسبقتها الخلافات ما بين الجولاني وأبو بكر البغدادي عام 2013.

الانشقاقات، داخل هذه الجماعات، ظهرت من الداخل، فرغم الضربات العسكرية، التي عملت على هدم التنظيم تنظيميا وعسكريا، إلا أن الانشقاقات واتهامات الخيانة من داخل قيادات هذه الجماعة، كانت أولى مؤشرات فشل هذه الجماعات، التي لا يمكن يوما أن تمثل “الحوكمة”، القتل والإعدامات والممارسات للجماعات المتأسلمة، كانت سمة “الحوكمة” داخل تنظيم داعش، وعبارة “جئناكم بالسيف وقطع الرؤوس” أصبحت السمة الطاغية الىهذا التنظيم.

الازدواجية، أبرز سمات الإسلام السياسي، لقد استفادت القاعدة من تداخل العلاقة بينها وبين الإستخبارات المركزية منذ حربها في أفغانستان عام 1989، وكانت علاقة بن لادن بالإدارة الأميركية مباشرة. كذلك ارتبطت طالبان أفغانستان بعلاقات قوية مع الاستخبارات الباكستانية، رغم أن الباكستانية مرتبطة في علاقات تعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية. ارتبطت قيادات قاعدية بأجهزة استخبارات بريطانية ودولية، لتثبت ازدواجية هذه الجماعات، وخديعة “الأيدلوجية” التي ينادون بها، على سبيل المثال لا الحصر، (أبو أنس الليبي، أبو مصعب الجزائري، عبد الحكيم بلحاج، أبو حمزة المصري، شودري).

 أما علاقة هذه الجماعات المتطرفة مع إسرائيل، فلم تعد سرا، كونها أعطت ظهرها للقدس.

السؤال: ماذا تريد هذه الجماعات؟ وهل من أطراف دولية وإقليمية داعمة لها؟

الإرهاب في مصر، لو تناولنا حالة الإرهاب في مصر على سبيل المثال، لوجدنا أن الإرهاب تصاعد بشكله الحالي، في سيناء ومدن مصر، في أعقاب عزل المخلوع مرسي، وجماعة الإخوان المحظورة في مصر، عام 2013 وأعلنت جماعة الإخوان، البلتاجي، من ميدان “رابعة العدوية” بأن الإرهاب في سيناء لن يهدأ إلا بعودة الجماعة للسلطة!

العراق، هو النموذج الآخر لفشل الإسلام السياسي، ظهرت القاعدة في العراق، وتنظيم داعش والجماعات المسلحة، تماما بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وسقوط النظام السابق، استغلت فراغ الفوضى محاولة منها لاستعادة السلطة في العراق. وما يعزز هذه الفكرة، أن الجماعات المتأسلمة التي كانت تقود العمليات الإرهابية في العراق، كانت تجتمع مع أطراف دولية فاعلة، على الأراضي التركية بشكل علني ومفتوح! وهذا ما يثير الكثير من التساؤلات، عن اهداف الجماعات المتأسلمة وأهدافها في المنطقة، والتي تتمحور بالحصول على السلطة. لكن رغم ذلك لا يعطي الحق لجماعات “الإسلام السياسي” بحكم العراق، والتي عرفت بالفوضى والفساد.

أفغانستان، هي النموذج الآخر للفشل، طالبان تتفاوض، مع الحكومة ومع الولايات المتحدة، لحكم البلاد، وهي تفرض شعارات إسلاموية، لتختار بعد ذلك التحول إلى جماعة مسلحة تنفذ عمليات إرهابية ضد الحكومة وقوات التحالف وربما الطوائف والاقليات.

سمات الإسلام السياسي، ربما الفوضى والفقر، وأيدلوجية التطرف، هي القاسم المشترك عند هذه الجماعات المتطرفة، وهذا ما يثير الكثير من التساؤلات، الدوافع والأسباب وراء ظهور هذه الجماعات، التي لا تتعدى أن تكون ورقة ضاغطة، على بعض دول المنطقة، لزعزعة الأمن والاستقرار، وفرض أجندات سياسية.

رغم أننا في عصر الإرهاب، لكنه بدأ يتراجع نوعا ما، إقليميا ودوليا، ما يحتاجه المجتمع الدولي، هو التعاون الدولي في ترسيخ أنظمة ديمقراطية، وكبح السياسات المناهضة، وذلك لتعزيز دور التحالفات الدولية والإقليمية في محاربة الإرهاب والتطرف.

*باحث في قضايا الإرهاب والإستخبارات

ربما يعجبك أيضا