“ماتيو دينارو”.. “الشيطان الهارب” الذي يحكم المافيا الإيطالية

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – ماتيو مسينا دينارو اسم يعرفه القاصي والداني في عالم الجريمة في إيطاليا، بعد تمكنه من الإفلات من قبضة الشرطة التي تحاول العثور عليه منذ 24 عاما، ليسطر لنفسه سجلا خاصا في تاريخ “المافيا” سواء في صقلية أو في العالم.

شكلت أسطورة دينارو أو “الشيطان” كما تلقبه وسائل الإعلام، منذ أن بدأ تاريخه الإجرامي خلال 42 عاما، تمكن خلالهم من أن ينتزع القيادة في صقلية لصالحه، ويطور من آليات العمل داخل “المافيا” في بلاده.

“الأب الروحي”

ولد أبرز قادة مافيا “كوزا نوسترا” ماتيو مسينا دينارو في 26 أبريل عام 1962، ويعرف باسم “ديابيليك”، ويعد أحد أبرز 10 مجرمين مطلوبين للعدالة على المستوى العالم، طبقا لوكالة تطبيق القانون الأوروبية “يوروبول”، والذي ذاع صيته عندما وضعته مجلة “إسبرسو” على غلافها تحت عنوان: “هذا هو رئيس المافيا الجديد”.

وتعلم ماتيو استخدام البندقية منذ أن كان في سن 14، وارتكب أول  جريمة قتل في حياته وهو يبلغ 18 عامًا، وقدر عدد الذين قتلهم حوالي 50 شخصا، أبرزهم: قتل رئيسه المتنافس فينتشنزو ميلازو من ألكامو وخنق صديقته الحامل لميلازو بعد حملها بثلاثة أشهر، ويعد الأب الروحي “لأعضاء المافيا” في صقلية.

زعيم المافيا الهارب يلقب في بلاده بـ”الشيطان” لشدة قسوته، لكنه في الوقت ذاته يعد لاعبا متحمسا لألعاب الكمبيوتر، ويهوى قيادة السيارة الرياضية باهظة الثمن، حيث يمتلك سيارة رياضية “بورش”، ويبدو أنيقا في مظهره حيث يرتدي ملابس فاخرة من “جيورجيو أرماني وفيرساتشي”، وساعة من ماركة “رولكس” الشهيرة، ونظارة شمس من “رأي بان”.

يعد ماتيو من قادة المافيا المجددين، حيث إنه يخالف التقاليد فهو يختلف بشكل ملحوظ عن زعماء المافيا التقليديين مثل سالفاتوري رينا وبرناردو بروفنزانو الذين يدعون التقيد بالقيم العائلية المحافظة، فهو أب لطفل غير شرعي، ويزعم أنه قتل صاحب فندق صقلية اتهمته بأخذ الفتيات الصغيرات إلى الفراش، وهو أمر مخالف لعادات المافيا.

تقدر ثروة قائد “كوزا نوسترا” الشخصية بأكثر من 4 مليارات دولار، وهو هارب من العدالة منذ عام 1993، ويواجه أحكاما بالسجن مدى الحياة على خلفية العديد من الجرائم التي ارتكبها، يواجه اتهاما بأنه من بين الذين أمروا باغتيال اثنين من القضاة ضد المافيا في عام 1992.
يعاني من قصر النظر الشديد وتلقى العلاج لهذه الحالة في عيادة في برشلونة، إسبانيا في عامي 1994 و 1996.

“مافيا كوزا نوسترا”

نشأت مافيا “كوزا نوسترا” في جزيرة صقلية بإيطاليا، وتتمتع المافيا بسمعة كبيرة في روما حيث أنها تشترط للانضمام إليها أن يكون المتطوع صقلياً وليس له أية علاقة من قريب أو بعيد بالقانون، وتحظر الاقتراب من النساء الصقليات بأي أى أو ضرر.

وتحظى “نوسترا” بسمعة كبيرة في أوساط المافيا الإيطالية، كون أن لديها صرامة شديدة تجاه الوصايا العشر الخاصة بالمافيا تصل إلى أنهم قد ينتحرون إذا تمت مخالفة الوصايا.

وتعتبر أبرز نشاطاتها “أعمال فرض الإتاوات مقابل توفير الحماية، وتهريب المخدرات والأسلحة، بالإضافة إلى القمار والدعارة وبيع المخدرات”، لكنها أثبت أن المافيا يمكنها أن تطور نفسها، وأن المافيا قادرة على “إعادة اختراع نفسها” وأن تمد يدها خارج نطاق صقلية.

“تطور المافيا”

قبل عامين شنت الشرطة في صقلية أكبر عملية مصادرة لأصول تابعة للمافيا تقدر قيمتها بـ1.5 مليار يورو، وهي تتصل بدينارو، وضمت أرباح من مزارع لتوليد الطاقة من الرياح ومن الطاقة الشمسية، ومحال سوبر ماركت وعقارات وشركات تجزئة وبناء تزيد قيمتها عن مليار يورو.

و يعتقد أن “كوزا نوسترا” أدارت أعمال الربا التي بلغت نسبتها 25.2% من إجمالي الأعمال على الجزيرة في عام 2008، وكانت تتلقى إيرادات وصلت إلى 1.4 مليار يورو في العام الواحد، بينما بلغ معدل تدوير الأموال لدى العصابة 6.5 مليار يورو، عن طريق السيطرة على عقود العمل الخاصة والعامة، كما لجأت للتهديدات بالقيام بأعمال عنف وتخريب للسيطرة على المنافسين والفوز بعقود العمل.

“فشل الشرطة”

وتحاول الشرطة الإيطالية منذ 24 عاما القبض على ماتيو، إلا أن جميع محاولاتها بات بالفشل، وبدأت مؤخرا بحثا مكثفا عنه، وذكر موقع “ذا لوكال” الإخباري أن حوالي 200 ضابط شرطة يقومون بتمشيط المنازل الريفية والمخازن التي تخص حوالي 30 من أفراد العصابة في مدينة “كاستلفيترانو” مسقط رأس زعيم المافيا ماتيو ميسينا دينارو في صقلية.

وفشلت الشرطة في العثور على “الأب الروحي”، قبل حوالي 6 سنوات وتحديدا في 19 مايو 2011، حيث حاصرت مزرعة مانور علي بعد 10 دقائق من مسقط راسه كاستيفيترانسرو. وقد تلقوا معلومات من المخابرات السرية للخدمة الدولية الإيطاليه “وكاله المعلومات والأمن الداخلي، عن مكانه برفقة رؤساء المافيا السابقين جيوسبي فالسون وجيرلانينو ميسى، إلا أنهم لم يتمكنوا من العثور على ماتيو.

ويعتمد دينارو في تعامله على الحرص الشديد حيث أنه يرفض التعامل بالتكنولوجيا الحديثة نهائيا، ويتواصل مع رجاله من خلال قصاصات ورقية تتضمن رسائل يتركها تحت صخرة في إحدى مزارع صقلية، ويكتب الرسائل عن طريق استخدام شفرة “الخراف”.

وخلال عام 2015، ألقت الشرطة القبض على 11 رجلا قيل إنهم على علاقة بزعيم المافيا، مشيرة إلى أن دينارو  تواصل مع مساعديه باستخدام قصاصات ورق متروكة في مزرعة في غرب صقلية.

وأضافت الشرطة أنه استخدم رسائل الهاتف لتنبيه رجاله بشأن وجود قصاصات ورق جديدة، موضحة أن دينارو ترك رسال تقول: “الخراف تحتاج إلى قص.. الخراف تحتاج إلى تهذيب.. القش جاهز”، منوهة إلى أنه ذكر في رسالة أخرى “لقد وضعت جبن الريكوتا جانبا من أجل، هل ستأتي في وقت لاحق”.

ربما يعجبك أيضا