“مليارات الأوقاف المصرية”.. في الداخل “منهوبة” وفي الخارج “منسية”

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:
القاهرة – أعادت الحكومة المصرية فتح ملف “أملاك وزارة الأوقاف”، من أجل تنفيذ خطط استثمارية متطورة لأصول وممتلكات الوزارة وتعظيم مساهمتها في المشروعات القومية للمساهمة في النمو الاقتصادي، وضمان زيادة قيمة الأصول ومواردها.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد وجه وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة -خلال اجتماع لهما- بضروة حصر أملاك وزارة الأوقاف، وتحسين سبل استغلالها والاستفادة المثلى لها، مشددا على الحفاظ على حُسن إدارة أصول الدولة وصيانة المال العام وتعظيم الاستفادة منه لخدمة المجتمع ولصالح الشعب في المقام الأول.

“تحرك حكومي”

بدأت الحكومة المصرية في التحرك من أجل استرداد حقوق الدولة في أملاك وزارة الأوقاف منذ أكثر من عامين، عقب إعلان الرئيس المصري تشكيل لجنة “استرداد أراضي الدولة” برئاسة رئيس الوزراء السابق المهندس إبراهيم محلب، والتي عملت على تقنين أوضاع المخالفين، وواضعي اليد خلال العامين الماضيين.

ونجحت اللجنة في استرداد جزء من أراضي الدولة، كما استقبلت آلاف طلبات التقنين، إلا أن أملاك “وزارة الأوقاف” بقيت معضلة كبيرة في ظل الإهمال الذي ضربها خلال العقود الماضية، بسبب غياب التوثيق، حيث قدرت المخالفات سواء “أراضي والمباني والمشروعات والمساهمات في شركات” بحوالي 37 ألف مخالفة.

وقال محلب -في تصريحات صحفية سابقة- إن هيئة الأوقاف المصرية يمكنها أن تكون “قاطرة” الاقتصاد المصري، لأن لديها العديد من الأملاك المعتدى عليها، مطالبا بحصر جميع أملاك الأوقاف المعتدى عليها بدون سند قانوني، والتنسيق مع وزارة الداخلية لاستعادتها على الفور.

وأكد رئيس هيئة الأوقاف المصرية أحمد عبد الحافظ تبني هيئة الأوقاف فكراً استثمارياً متطوراً وحرصها على الحفاظ بشكل كامل على أملاك الوقف وإعدادها خطة لتنظيم العائدات منها وزيادتها وتحويلها إلى ركيزة اقتصادية، مشيرا إلى أنه جاري إعداد مشروع قانون جديد لتطوير عمل هيئة الأوقاف المصرية إدارياً واستثمارياً.

“مليارات بالخارج”

تمتلك وزارة الأوقاف المصرية “أملاكا” في عدد من دول العالم تقدر بمليارات، وتشير بعض الإحصائيات إلى إن لمصر حوالي 200 وقف في عدد من الدول، مثل “اليونان والسعودية وتركيا”.

وفي “اليونان”، لدى وزارة الأوقاف العديد من الأوقاف أبرزها “15 قطعة أرض ومتحف محمد علي باشا، وقصر والد محمد علي، وأراضٍ زراعية مساحتها تزيد على 100 ألف متر مربع  وقبر والد محمد علي، والمدرسة البحرية على بحر إيجة التى بناها محمد علي عام 1748، بخلاف بساتين شجرية نادرة”.

وتبدو أوقاف محمد على باشا في اليونان على شكل مجمع معمارى ضخم يعرف باسم “الإيمارت”، والذي استخدم كدار إطعام للفقراء بالمجان حتى عام 1923، والذي تحول إلى مزار سياحي، واتفقت حكومتا البلدين على عدم بيعه وتقرر تأجيره بشرط إصلاحه، فضلا عن المدرسة البحرية على بحر إيجه وقصر ومبنى بجزيرة تسس باليونان بمساحة 11 ألف متر، وتبلغ القيمة الإيجارية للأملاك المصرية باليونان حوالي 85 ألف يورو سنويا.

وفي السعودية، توجد أملاك عديدة تتبع وزارة الأوقاف المصرية منها أراضي توسعات الحرم المكي ذاته، ومنها وقف والي مكة “باكير أغا الخربوطلي” بحي المسفلة بمكة المكرمة والمقدر قيمة المتر منها بعض ضمها إلى الحرم المكي لإجراء التوسعات حوالي 20 مليار ريال لقطعة الأرض التي تبلغ مساحتها 20 ألف متر، إضافة إلى وقف “عمر مستحفظان” في منطقة جبل عمر بمكة المكرمة، ووقف عائشة هانم صديقة حرم صالح باشا فريد بالمدينة المنورة.

وفي تركيا، تتبع وزارة الأوقاف العديد من الممتلكات “قصور تاريخية وأراض زراعية ومبان” من عهد محمد علي باشا، علاوة على وقف محمد كتخدا الخربوطلي.

“مليارات بالداخل”

يرجع تاريخ إنشاء ديوان الأوقاف إلى عام 1835 عندما أصدر محمد علي باشا أمرًا بإنشاء ديوان عمومي للأوقاف، وعام 1913 تم تحويل الديوان إلى “وزارة”، وصدر قرار عام 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية وتتبع وزير الأوقاف ومقرها القاهرة ولها فروع في المحافظات، يكون من شأنها إدارة الأصول التي تقدم للأعمال الخيرية من قبل الأغنياء.

وتمتلك وزارة الأوقاف العديد من الأملاك سواء “أراض أو عقارات أو شركات أو ممتلكات موقوفة” قدرت قيمتها بحسب آخر إحصائية لـ”هيئة الأوقاف المصرية” بأكثر من 50 مليار جنيه في شتى المحافظات، وتشير تقارير إلى أن الاستفادة من تلك الأصول سيدر دخلا على الحكومة المصرية يقدر بقيمة 20 مليار جنيه سنويا.

وتواجه الوزارة المصرية أزمة كبرى بخلاف حصر ممتلكاتها، تتمثل في حصول المواطنين والمستثمرين والهيئات على العديد من الأملاك بعقود إيجارية مفتوحة بمقابل زهيد، فضلا عن استصلاح البعض قطع من الأراضي التي أهملتها الوزارة منذ عشرات السنين، علاوة على آلاف الأفدنة ومئات العقارات التى تم الاستيلاء عليها من الهيئات والشركات والأشخاص.

وتعد أبرز الأملاك التي تقع تحت ملكية الوزارة: “400 ألف فدان وقف (عبد الله المنان)، وأرض نادي الزمالك على مساحة 90 ألف متر، ومدينة دمياط الجديدة، وميناء دمياط، ووقف سيدي كرير بمساحة 27 ألف فدان بالساحل الشمالي”.

ربما يعجبك أيضا