المسيحية الوطنية بعيد الميلاد: ثيوفيلوس خائن

دعاء عبدالنبي

كتب – محمد عبد الكريم

بيت لحم – مع بداية احتفال المسيحيين الذين يسيرون حسب التقويم الشرقي في فلسطين (الأرثوذوكس والروم والسريان والأقباط والأحباش الأرثوذوكس)، اليوم السبت، احتفالاتهم بعيد الميلاد المجيد، أعلنوا صراحة رفضهم وتخوينهم للبطريرك الأرثوذكسي اليوناني ثيوفيليوس الثالث.

واطلق ناشطون فلسطينيون وسم “#المهد_لن_تخون”، رفضاً لاستقبال بطريرك المدينة المقدسة وسائر فلسطين وسورية العربية والأردن وقانا الجليل، كيريوس ثيوفيلوس الثالث، المرتبط اسمه بعدد من الصفقات المشبوهة لتسريب أوقاف تابعة للكنيسة إلى الاحتلال الإسرائيلي.

ودعا المغردون إلى التوجّه نحو كنيسة المهد في مدينة بيت لحم، اليوم السبت، لمنع ثيوفيولس الثالث من الوصول إلى الكنيسة والمشاركة في قدّاس ليلة الميلاد.

ورحب المجلس المركزي الأرثوذوكسي والجمعية الخيرية الوطنية الأرثوذوكسية في بيت لحم ولجنة المتابعة المنبثقة عن المؤتمر الوطني لدعم القضية الأرثوذوكسية بقرار رئيس بلدية بيت لحم أنطون سلمان، ورئيس بلديتي بيت جالا نقولا خميس، ورئيس بلدية بيت ساحور، مقاطعة استقبال موكب البطريرك ثيوفيلوس الثالث، في كل محطات الاستقبال وخصوصا في ساحة المهد، ومقاطعة العشاء البطريركي.

ودعا المجلس المركزي ولجنة المتابعة والجمعية الوطنية الأرثوذكسية جميع المؤسسات الأرثوذوكسية والأندية وجميع أبناء الكنيسة الأرثوذوكسية في فلسطين التاريخية إلى مقاطعة البطريرك ثيوفيلوس الثالث في احتفالات عيد الميلاد، وعدم منحه شرف الاستقبال في ساحة المهد على المستوى الشعبي، والمشاركة بالمسيرة الجماهيرية الحاشدة، تتقدمها الفرق الكشفية، والتي ستنطلق من دوار العمل الكاثوليك، بعيدا عن موكب البطريرك ثيوفيلوس الثالث المخلوع شعبيا ومؤسساتيا، مرورا بالطريق البطريركي التقليدي “راس افطيس”، وساحة النجمة وصولا إلى ساحة المهد، حيث سيقام احتفال جماهيري حاشد، بهذه المناسبة، مناهض لمشاركة البطريرك ثيوفيلوس في أعياد الميلاد.

وقالت مصادر في المجلس المركزي الأرثوذكسي ولجنة المتابعة: إن أعدادا كبيرة ستشارك في الاحتفالات الشعبية التقليدية في عيد الميلاد حسب التقويم الشرقي، بعيدا عن موكب البطريرك ثيوفيلوس، وفي التظاهر ضده، على امتداد المسافة بين دوار العمل الكاثوليك ودوار نيسان. وسيرفع المشاركون الأعلام الفلسطينية وصور الرئيس الراحل ياسر عرفات وصور الرئيس محمود عباس، وشعارات مناهضة للبطريرك ثيوفيلوس وعمليات البيع والتسريب للأوقاف الأرثوذكسية في القدس ويافا وحيفا وطبريا وغيرها من المدن في فلسطين التاريخية.

وقال رئيس بلدية بيت لحم انطون سلمان، ان قرار مقاطعة استقبال البطريرك ثيوفيلوس في عيد الميلاد، جاءت اثر مداولات في المجلس البلدي، وحوارات بين رؤساء مجالس بلديات بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور، وهو قرار يعبر عن الالتزام بالموقف الشعبي والمؤسساتي الوطني الذي اقره المؤتمر الوطني الأرثوذكسي، كما يأتي هذا القرار الذي يتخذ لأول مرة منذ عقود طويلة دفاعا عن القدس التي تتعرض للتهويد والتهجير، وخصوصا بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، مؤكدا ان الأرض الفلسطينية هي العنصر الرئيس في القضية الوطنية والالتزام بحمايتها والمحافظة عليها والتمسك بها أهم من الحفاظ على “الاستاتسكو”.

ولفتت مصادر في لجنة المتابعة، إلى أن رئيس بلدية بيت لحم المحامي طوني سلمان، ورئيس بلدية بيت جالا نقولا خميس، ورئيس بلدية بيت ساحور جهاد خير، والشخصيات الاعتبارية والفعاليات العربية الأرثوذكسية، وأعضاء البلديات، في المحافظة، سيقاطعون استقبال البطريرك في ثلاث محطات تقليدية، هي كنيسة مار الياس، وبالقرب من قبة راحيل، وفي ساحة المهد.

وهي المرة الأولي التي تتخذ فيها البلديات الثلاث موقفا مخالفا للاستاتسكو المتعارف عليه منذ عقود طويلة، بسبب مخاطر عمليات البيع والتسريب التي طالت الأوقاف العربية الأرثوذكسية في القدس وغيرها من المدن في فلسطين التاريخية.

وثمن وفد من الجمعية الخيرية الوطنية الارثوذكسية ممثلا برئيسها عزمي اجحا، وعضوية أسامة أبو ردينة، وعدنان ثلجية، وعضوي لجنة المتابعة صالح البندك والصحفي حسن عبد الجواد، خلال زيارتهم للبلدية مقاطعة رئيس بلدية بيت لحم انطون سلمان وأعضاء المجلس البلدي لاستقبال البطريرك ثيوفيلوس خلال احتفالات عيد الميلاد.

وفي مدينة بيت جالا أعلنت بلدية المدينة مقاطعتها لاستقبال البطريرك ثيوفيلوس الثالث في احتفالات عيد الميلاد، ودعا نيقولا خميس ومؤسسات وفعاليات بيت جالا أهالي المدينة إلى مقاطعته، والالتزام بقرارات المؤتمر العربي الأرثوذكسي.

وقالت مصادر في البلديات: إن المجالس البلدية في المدن الثلاث انتصرت للقدس العاصمة الأبدية لفلسطين، في مواجهة قرار الرئيس الأمريكي ترامب، كما انتصرت لقرارات المؤتمر الوطني الأرثوذكسي، و لحقوق ونضالات العرب الأرثوذكس في مواجهة عمليات البيع والتسريب للأوقاف الأرثوذكسية.

وسيكون في استقبال مواكب مطران السريان الأرثوذكس، ومطران الأقباط الأرثوذكس، ومطران الأحباش الأرثوذكس، اليوم، محافظ بيت لحم اللواء البكري، ورئيس بلدية بيت لحم، وقائد الشرطة العقيد علاء الشلبي، وقائد المنطقة العميد الركن سعيد النجار، وممثلي وفعاليات المؤسسات والوجهاء في المحافظة، ورعايا هذه الكنائس الأرثوذكسية.

وكشف الباحث الفلسطيني لشؤون الأوقاف الأرثوذكسية، أليف صباغ، أن وثائق ويكيلكس التي حصل عليها مؤخرا تقدم مادة دسمة جدا عن التدخل الدولي السياسي وخاصة الأمريكي، في شؤون البطريركية اليونانية في القدس.

إحدى هذه الوثائق والتي صدرت من مكتب وزارة الخارجية الأمريكية فيما يخص التدخل الأمريكي لدى السلطة الإسرائيلية للاعتراف بثيوفيليوس الثالث تؤكد أن ثيوفيليوس الثالث حصل على الاعتراف الإسرائيلي مقابل التزامات خطيرة منها ما يخص “صفقة باب الخليل”.

وتقول الوثيقة:” قال البطريرك الأرثوذكسي اليوناني، ثيوفيليوس الثالث، للملحق السياسي الأمريكي يوم التقاه في 18 ديسمبر 2007: إن الوزير الإسرائيلي رافي إيتان أبلغ البطريركية في القدس يوم 16 ديسمبر أن الحكومة الإسرائيلية اعترفت به، وقال إنه لا يزال ينتظر وثائق رسمية للحكومة الإسرائيلية، لكنه وصفها بأنها تقنية.

وقال ثيوفيليوس أيضا: إن البطريركية ستحترم جميع الاتفاقات السابقة مع الحكومة الإسرائيلية وتعامل قضية الأملاك الأرثوذوكسية اليونانية في القدس الشرقية، التي باعها البطريرك السابق أرنيوس للإسرائيليين، كمسألة قانونية”.

وفي مكان آخر من الوثيقة قال ثيوفيليوس للمحلق السياسي الأمريكي “إن الاعتراف به سيمكن الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية من العمل مع الحكومة الإسرائيلية على مجموعة من القضايا غير المحددة”.

وفي هذا الصدد قال الباحث أليف صباغ: إن ما جاء في هذه الوثيقة يؤكد ما نشرناه سابقا من محضر سري جمع البطريرك ومحاميه مع اللجنة الوزارية الإسرائيلية يوم 11 -7 -2006 وقال فيه محامي البطريرك والبطريرك نفسه: “إنه مستعد لعقد صفقات مع الطرف الإسرائيلي وإن الاعتراف به يسهل الطريق لتوقيع 3 صفقات جاهزة”.

وأضاف صباغ، إن أقوال ثيوفيليوس في هذه الوثيقة مطابقة لشهادة رئيس اللجنة الوزارية الإسرائيلية رافي إيتان في محكمة باب الخليل بان ثيوفيلوس التزم له بجعل صفقة باب الخليل قانونية.

هذا وتفضح وثيقة سرية أخرى من وثائق ويكليكس كتبت في 20 مارس 2014 من مكتب نائب مدير وزارة الشؤون الدينية اليونانية وقدمت للمحلق السياسي الأمريكي تتضمن مذكرة التفاهم اليوناني الأمريكي بالاتفاق “سرا” مع الفاتيكان والبطريركية اليونانية في القدس والاتحاد الأوروبي حول وضعية القدس والأماكن المقدسة فيها عند الحل النهائي.

وتشير الوثيقة الى اتفاق سري حصل “كما يبدو” في العام 2013 أو ما قبل ذلك بين الحكومة اليونانية ووزارة الخارجية الأمريكية بموافقة الفاتيكان والبطريركية اليونانية في اسطنبول والقدس على أن تكون القدس “البلدة القديمة” في الحل النهائي ذات وضعية خاصة لا سيادة سياسية فيها بهدف “الحفاظ على حقوق المسيحيين والمسلمين واليهود في الأماكن المقدسة” وبالتالي وفق التصور يتم إنشاء ثلاث هيئات دينية (يهودية مسيحية وإسلامية)، بحيث تكون البطريركية الأرثوذكسية اليونانية وكنيسة الفرنسيسكان والبطريركية الأرمنية هي الهيئة المسيحية، وتشكل مجمل الهيئات الثلاث مجلس ديني مشترك منفصلا عن السلطات السياسية وتكون العلاقة بين الهيئات الدينية والسلطات السياسية عن طريق مفوض أعلى خاص يتمتع بثقة جميع الأطراف.

ويعلق الباحث صباغ على هذا بقوله: “إن تشكيل هيئة مسيحية تشارك فيها دولة اليونان والاتحاد الأوروبي والفاتيكان برعاية أمريكية دون أن يكون للسلطة السياسية الفلسطينية أي حق على الكنيسة الأرثوذكسية المقدسية ودون أن يكون لأبناء هذه الكنيسة الفلسطينيين والأردنيين أي حق في إدارة شؤون هذه الكنيسة، إنما هو سلب لجقوق المسيحيين الفلسطينيين والأردنيين في كنيستهم واستمرارا للتدخل السياسي الدولي في شؤون الكنيسة الأم ابتداء من العهد العثماني عام 1534 وحتى يومنا هذا”.

وأكد الصباغ “إن قبول السلطة الفلسطينية والأردنية بمثل هذا التصور هو عمليا يشجع ولو بشكل غير مقصود على تهجير المسيحيين العرب من وطنهم لأن الغربة عن الكنيسة الوطنية بتغطية سياسية “وطنية” لا يبقي للمسيحيين خيط انتماء إلى هذا الوطن، وعليه فنحن نحمل السلطات السياسية الأردنية والفلسطينية مسؤولية التخلي عن حقوق المسحيين العرب في الأردن وفلسطين في كنيستهم وأوقافهم التي يناضلون لاستردادها منذ ما يقارب 500 عام”.

ربما يعجبك أيضا