بعد تهديدات أنقرة.. هل تندلع الحرب بين الأكراد وتركيا؟

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

يبدو أن الأتراك يحاولون جاهدين طرق كافة السبل ومنها البوابة الأطلسية لدفع واشنطن لتليين موقفها الداعم بقوة للمسلحين السوريين الأكراد، منتظرين ما سيحمل المستقبل بشأن العلاقات بينهم وبين الحلف بشكل عام؛ والولايات المتحدة بشكل خاص.

في ضوء التصعيد الكبير في اللهجة التركية ضد الولايات المتحدة بسبب دعمها قوات سورية الديموقراطية، وبسبب مسعاها لتشكيل قوة لحراسة الحدود التركية السورية والعراقية السورية مكونة من ثلاثين ألفاً تشرف عليهم قوات سوريا الديموقراطية، التقى رئيس أركان الجيش التركي “أكار خلوص” نظيره الأمريكي الجنرال دانفورد على هامش اجتماع رؤساء أركان الجيوش التابعة لحلف شمال الأطلسي في بروكسل، داعياً الناتو ألا يفرق بين الجماعات الإرهابية.

الشمال السوري.. نقطة ساخنة

على حدودها تستشعر تركيا الخطر، فمن وراءها يعكف التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن على تشكيل قوة أمنية تركيبتها مقلقة.

تلك القوة الشبيهة بحرس الحدود ستقودها الفصائل الكردية، ويفترض أن تنتشر القوة الكردية على الحدود السورية مع تركيا شمالاً والحدود العراقية باتجاه الجنوب الشرقي وعلى طول وادي نهر الفرات والخط الفاصل بين قوات الأسد وقوات سوريا الديمقراطية، وهو سبب كاف لتحريك بواعث القلق التركي ووصف هذه التحركات بأنها “لعب بالنار”.

الشمال السوري إذن يخلط أوراق الأزمة ويبعثر تحالفات واتفاقات وتفاهمات ضمنية ومعلنة، فبعد سنوات على الحرب، ثبتت خريطة النزاع السورية في الأشهر القليلة الماضية إلى حد كبير على النحو التالي:

مناطق في أقصى الشرق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية وتشمل محافظة الحسكة وأجزاء من محافظات حلب والرقة ودير الزور، إضافة إلى منطقة عفرين شمالي غرب حلب.

أما المناطق التي تتوسط البلاد فباتت تحت سيطرة النظام وميليشياته وتمتد من المحافظات الشرقية شمالا إلى حلب والساحل السوري ومن الجنوب حتى محافظتي درعا والسويداء.

وفيما يخص الفصائل المعارضة فيتوزع نفوذها شمالاً بين محافظتي حلب وإدلب ومنطقة محاصرة في ريف حمص.

وفي محيط العاصمة وجنوبها، تسيطر المعارضة على مناطق في محافظة درعا ومنطقة على الحدود السورية العراقية الأردنية، وبعض الجيوب المحاصرة في ريف دمشق.

غضب تركي من الناتو

“ألقي باللوم أيضًا على حلف الناتو” هكذا وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خطابه إلى أعضاء الحلف مطالباً إياهم بموقف واضح تجاه التحركات الأمريكية في الشمال السوري”.

أردوغان خاطب الناتو قائلاً ” يا أعضاء الناتو أنتم ملتزمون باتخاذ موقف ضد من يضايقون وينتهكون حدود الدول الأعضاء فأي موقف اتخذتم حتى الآن ؟”.

ثمة غضب من واشنطن، وثمة استياء من حلف الأطلسي حيال ما تقوله تركيا بأنها تهديدات تحدق بحدود أحد أعضاء الحلف.

خيارات أنقرة

لم تكتف أنقرة بإصدار بيانات دبلوماسية على غرار نظيرتها الإيرانية والروسية تعبر فيها عن امتعاضها مما ترسمه إدارة ترامب عبر التحالف الدولي، فبعد ساعات من إعلان واشنطن تشكيل القوة الأمنية، جاء قرار أنقرة الإجهاز على القوة العسكرية التي تنوي واشنطن تشكيلها من خلال عملية عسكرية وشيكة تركية بريف حلب.

ومع تسارع التحركات التركية لشن العملية التي قال أردوجان أنها ستنطلق في أي لحظة، ومع استقدام تعزيزات عسكرية على الحدود مع سوريا، جاء لقاء رئيس أركان الجيشين التركي والأمريكي ببروكسل.

بدوره، يرى لورانس كورب كبير الباحثين في مركز التقدم الأمريكي، أن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي وبالتالي يمكن التوصل إلى توافق أو تسوية بين الطرفين التركي والأمريكي.

صدام متوقع أم ورقة ضغط !

تطلب أنقرة من واشنطن ألا تعيق خططها حتى لا تقع ما تصفها “أحداثاً مؤسفة”، والحقيقة أن أياً من المسؤولين الأتراك لم يخف شعوراً بأن الحلفاء الأمريكيين قد غدروا ببلده.

ليس ذلك شأن روسيا وإيران شريكتي تركيا في ضمان عملية أستانة وإقامة مناطق خفض التصعيد في سوريا، إنهما كأنقرة يرفضان وبشكل قاطع نشر القوة الأمنية الكردية التي يهندسها الأمريكيون خاصة وأن واشنطن لا تحظى بقبول الحكومة السورية.

يتحدث الإيرانيون عن تدخل واضح في شؤون سوريا الداخلية سيرفع وتيرة الحرب، ويثير الروس مخاوف من أن تؤدي الخطوة إلى تقسم البلد.
أما أنقرة فواضح تصميم على قطع الطريق على أية محاولة لايصال حزام السيطرة الكردية إلى البحر المتوسط، فهل سيذهبون في ذلك إلى أبعد مدى ؟!

التحركات والتحركات المضادة جعلت البعض يتوقع صداماً مباشراً بين الحليفين التركي والأمريكي في شمال سوريا.
بل ثمة تحليلات ترى الخطوة الأمريكية مجرد ضغط سياسي على أنقرة لمراجعة تحالفاتها المستجدة.  أصحاب هذا الرأي ينبهون إلى أن الموقف الأمريكي تبدل تماماً بعد قمة سوتشى.

 

ربما يعجبك أيضا