“مؤتمر الأزهر لنصرة القدس”.. الغضب الساطع آتٍ

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:
القاهرة – انطلقت فعاليات مؤتمر” الأزهر العالمي لنصرة القدس”، والذي ينظمه الأزهر الشريف بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين، برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، وجاءت كلمات بالمؤتمر محملة بآيات الغضب تجاه القرار الأمريكي الخاص باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني، وعبارات الرفض لوجود الاحتلال الإسرائيلي في “مدينة السلام”.

وشهد اليوم الأول حضور عدد كبير من القيادات السياسية والدينية والشخصيات العامة والرموز الإعلامية من 86 دولة على مستوى العالم.

خلال التقرير نعرض أبرز الرسائل التي وجهت إلى المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية بمنظماتهم المختلفة من قبل الحضور:

“قذائف الطيب”

قال الأمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، إن انعقاد مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس يأتي استمرارا لدور مصر والأزهر في الدفاع عن القضية الفلسطينية والقدس الشريف، متابعا: “كل احتلال إلى زوال إنْ عاجلًا أو آجلًا، وأنه إنْ بدا اليوم وكأنه أمر مستحيل إلَّا أن الأيام دول، وعاقبة الغاصب معروفة، ونهاية الظَّالم وإن طالَ انتظارها، مَعْلُومة ومؤكَّدة”.

وتابع الأمام الأكبر في كلمته: “أن هذه الحقيقة مقرونة بحقيقةٍ أُخرى تسبقها وتُعدُّ لولادتها، وأعني بها امتلاك القُوَّة التي تُرعِب العُدوان وتَكْسِر أنفه وتُرغِمه أن يعيد حساباته، ويُفكِّر ألف مرَّة قبل أن يُمارس عربدته وطُغيانه واستهتاره واستبداده، وعلم الله أننا –رغم ذلك- دُعاة سلام، لكنَّه السَّلام القائمُ على العدلِ وعلى الاحتِرام، وعلى الوفاء بالحقُوقِ التي لا تقبَل بيعًا ولا شراء ولا مُساومة، سلامٌ تدعمه قُوَّة عِلْم وتعليم واقتصاد وتحكُّم في الأسواق، وتسليح يُمَكِّنه من ردِّ الصَّاع صاعين وبَتْر أ ي يد تُحاول المساس بشعبِه وأرضِه”.

ودعا شيخ الأزهر إلى إعادة الوعي بالقضيَّة الفلسطينيَّة عامَّة وبالقُدس خاصَّة، مضيفا: “الحقيقة المُرَّة هي أن المقرَّرات الدِّراسيَّة في المناهج التعليميَّة والتربويَّة في كل مراحل التعليم عاجزةٌ عن تكوين أي قَدْر من الوعي بهذه القضية في أذهان ملايين الملايين من شباب العرب والمسلمين”.

وأشار إلى أنه يجب على الأمة العريبة أن تنبه نخبها أنها أمة مستهدفة في دينها وعيشها وفي أنفسها وقدراتها، وليس أمامها إلا أن تعتمد على سواعدها، منوها إلى أن الأزهر دعم القدس منذ حرب 48 وحتى عام 1988 بـ 11 مؤتمرًا، حضر فيه علماء المسلمين من كل أنحاء العالم، وقدمنا أبحاثًا في غاية الدقة عن القدس.

وشدد الطيب على ضرورة أن مقابلة القرار الجائر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني بتفكير عربي وإسلامي جديد يتمحور حول تأكيد عروبة القدس، وحرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتبعيتها لأصحابها، مطالبا بتحويل هذا التأكيد إلى ثقافة محلية وعالمية تحتشد لها طاقات الإعلام العربي والإسلامي.

وطالب شيخ الأزهر في كلمته اليوم الأربعاء، في المؤتمر بتخصيص عام 2018 ليكون عام “القدس الشريف”، من خلال :”التعريف به، ودعمه ماديا ومعنويا للمقدسيين، ونشاطا ثقافيا وإعلاميا متواصلا تتعهد به المنظمات الرسمية، مثل (جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والمؤسَّسَات الدِّينية والجامعات العربيَّة والإسلاميَّة، ومُنظَّمات المجتمع المدني) وغيرها”.

“رسائل عباس”

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن فلسطين تواجه تحديات كبرى بدأت منذ أكثر من 100 عام بوعد بلفور المشئوم، وهناك مؤامرة استعمارية كبرى تستهدف القدس، من أجل زرع جسم غريب فى فلسطين لصالح الغرب، وتتمثل فى إعلان الرئيس الأمريكى الذى ادعى فيه زورا وبهتانا أنها عاصمة لدولة الاحتلال، فى تحدٍ سافر لعقيدة ومشاعر ملايين المسلمين والمسيحيين على السواء، وفى انحياز فاضح للجرائم والعدوان الإسرائيلى”.

وأكد الرئيس الفلسطيني أنه لم يولد بعد الذي يمكن أن يُساوم على القدس أو فلسطين، مشددا على استمرار الكفاح لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وأنه لم لم يبق أمام الفلسطينيين إلا الرجوع إلى كل الخيارات ومن أهمها الرجوع إلى “جماهير أمتنا وهو ما بدأنا العمل عليه وبالتنسيق مع أصدقائنا في الساحة الدولية، ولن نتوقف عن الكفاح حتى ننهي الاحتلال الإسرائيلي ونقيم الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية بحدودها الكاملة على حدود 1967”.

 وطالب أبو مازن العرب والمسلمين بزيارة القدس المحتلة وعدم ترك الفلسطينيين فقط لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدا أن دعوات عدم زيارة القدس لا تصب إلا فى خدمة الاحتلال، ومؤامراته الرامية إلى فرض العزلة على المدينة، مشيرا إلى أن القدوم إليها ليس زيارة لإسرائيل، لكن لتشجيع صمود أهلها.

ولفت إلى أن “الاحتلال يحاول جعل حياة الفلسطينيين جحيما لا يطاق، من أجل إجبارهم على ترك أرضهم، خاصة المدينة المقدسة، مكملا: “نحن باقون ولن نغادر ونكرر حماقتى (48 و67)، وسنبقى فى أرضنا مهما فعل الاحتلال، والقدس ستظل عاصمة أبدية لفلسطين”.

وناشد الرئيس الفلسطيني العالم بالتحرك ومنع إسرائيل من مواصلة انتهاكاتها في القدس وفي عموم أرضنا الفلسطينية، وأن القدس بأمس الحاجة لنصرتها والوقوف معها، مشيرا إلى أنه في خلال 30 يوما من قرار ترامب استشهد 30 فلسطينيا، وأصيب 7 آلاف أخرين، فضلا عن ألف معتقل.

“تصريحات أبو الغيط”

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إن القدس ليست بقعة جغرافية من الأرض وإنما قطعة من الروح والوجدان والوعي الديني للعرب والمسلمين، لافتا إلى أن القرار الأمريكي مدان ومرفوض وليس له أثر قانوني، وأن قرار أي دولة مهما كانت مكانتها لا يغير من الحقائق فى شىء.

وأكد أبو الغيط، أن الموقف العربي بشأن القرار واضح لا لبس فيه وأن القدس الشرقية أرض محتلة وهي عاصمة للدولة الفلسطينية، لافتا إلى أن السلام والاستقرار لن يتحقق إلا بقيام دولة فلسطينية حرة مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من يونيو عام 67 ووفق القرارات الشرعية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.

وأضاف أن قضية القدس لن تموت ما بقيت حية في الوعى والوجدان، وأنه مخطئ من يعتقد أن انتزاع القدس من وعي المسلمين أو العرب أمر ممكن، مشيرا إلى القدس قضية كل عربي مسلما كان أم مسيحيا، وأنه يوجد في القدس حاليا 300 ألف فلسطينى يمارسون كل يوم صمودا أسطوريا ووجودهم كل يوم وصمودهم شرف لكل العرب.

“مطالب تواضروس”

ودعا بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية البابا تواضروس الثاني العالم إلى “دراسة وضع القدس ليس من ناحية التراث الروحي فقط بل من الأولى من ناحية الوضع الإنساني المأسوي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني”، لافتا إلى أن الشعب الفلسطيني لا زال يناضل في سبيل حصوله على حقوقه المشروعة، وأنه طالما ارتضى المجتمع الدولي حل الدولتين المتجاورتين فإن اعتبار القدس عاصمة تخدم كل الأطراف المعنية ستكون أمرا فاصلا على أن تكون القدس الشرقية هي عاصمه دولة فلسطين التي اعترف بها العالم.

وأكمل: “القضية لها أبعاد سياسية واقتصادية وثقافية واختصارها في البعد الديني فقط ينذر بكارثة، مشيرا إلى أن الكنيسة لم ولن تعادى أي كيان أو دين بل هي ترفض التعصب الذى يؤدى إلى الحروب والاضطرابات تلك التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط عبر سبع عقود، متابعا: “نحن نرفض العدوان والقهر وندين كل من يحاول تديين الصراع العربي الإسرائيلي كما ندين توظيف الدين لأهداف بعيدة عن مقاصده كما نرفض التفسيرات التوراتية المتشددة التي تنفى الأخرين وجوديا ومعنويا وتجور على حقوقهم”.

“مساندة بابا الفاتيكان”

وشدد بابا الفاتيكان فرانسيس خلال كلمته في المؤتمر التي ألقاها نيابة عنه سكرتيره الأول، على أنه لن يكف من الدعاء من أجل السلام، ورفع الصلاة ليعمل القادة لتجنب نوبة جديدة من التوتر، مضيفا أنه لن يكف عن التوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين لحل الدولتين مع الاحترام الكامل لمدينة القدس التي تحتاج إلى وضع خاص للحفاظ على هويتها، وتجاوز النقاش بحدود الأراضي.

“نداء مفتي فلسطين”

وقال مفتي فلسطين، الشيخ محمد أحمد حسين، إن القدس لها مكانة وتاريخ عظيم، وتتعرض لانتهاكات صارخة، موضحا أن القدس مرتبطة بعقيدة المسلمين، وأن بها كنائس للمسيحيين ومقدسات، لذلك فهى تختلف عن جميع المدن حولها. 

وتابع في كلمته: “القدس اليوم تستصرخ نخوتكم.. فهل أنتم مجيبون؟، وأبناء القدس نجحوا خلال العام الماضى فى إحباط محاولات سلطات الاحتلال تركيب بوابات إلكترونية، على باب المسجد، مكملا: “معززات القدس ستبقى دائمًا، وعلى أبناء الأمة التوحد وزيادة الوعي في الشعوب بأهمية القضية الفلسطينية، وآمل أن يخرج المؤتمر الحالي بتوصيات تسهم في الدفاع عن القضية الفلسطينية”.

ربما يعجبك أيضا