هل تنجح “المناصحة الفكرية” في محاربة التطرف بألمانيا؟

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

أفادت الاستخبارات الداخلية الألمانية في ولاية برلين بتضاعف عدد عناصر التيار السلفي في العاصمة الألمانية ليصل إلى 950 شخصا من بين 10.000 سلفي في ألمانيا، أي ضعف ما كان عليه في عام 2011.  

وذكرت الهيئة، أن ثلثي هؤلاء الأشخاص يحملون جنسية أخرى، غالبيتها جنسيات عربية وتركية بينما يحمل 35 بالمائة منهم الجنسية الألمانية فقط. في حين يحمل 80 شخصا الجنسية التركية وغالبيتهم ينحدرون من منطقة شمال القوقاز.

السلفية في ألمانيا كانت مرتبطة ببضعة أشخاص “مثل بيير فوغل أو سفين لاو أو إبراهيم أبو ناجي، لكن هذه الأسماء يبدو أنها غابت عن المشهد السلفي في ألمانيا بعد مغادرتهم إلى سوريا والعراق للقتال في صفوف داعش، وفقا لتقارير الاستخبارات الداخلية..

النيابة العامة من جهتها، فتحت التحقيق خلال عام 2017 في أكثر من 1200 قضية إرهاب. يذكر أنه التحق نحو 1000 شخص من ألمانيا بـتنظيم داعش في سوريا والعراق، ولقي نحو 150 مقاتلاً منهم حتفه، وهناك نحو 300 منهم عادوا إلى ألمانيا، ويبقى نحو 600 منهم لا تعرف النيابة العامة ما إذا كانوا سيبقون هناك، أم يعودون إلى ألمانيا، أو ينتقلون إلى مناطق أخرى .

وعلى صعيد الإرهاب أيضاً قدرت وزارات الداخلية في الولايات الألمانية عودة نحو 200 داعشي ألماني من مناطق القتال في سوريا والعراق إلى ألمانيا.

نوعية مختلفة من الإرهاب

أعلن رئيس المكتب الفيدرالي الألماني لحماية الدستور، هانس غيورغ مآسين مطلع شهر اكتوبر 2017 قائلا: “نحن نواجه الآن ليس فقط نوعية مختلفة من الإرهاب، بل وكمية مختلفة. 10.3 ألف سلفي يعيشون في ألمانيا، وأكثر 1.8 ألف شخص ننسبهم إلى الإرهابيين المحتملين”. واضاف: إن الهيئة تلقت 650 إنذاراً من المواطنين بصدد خطر إرهابي محتمل، أكثر من 30 عملاً إرهابياً ناجحاً في أوروبا منذ بداية عام 2015، ومنهم سبعة في ألمانيا.

قررت وزارة الداخلية الألمانية زيادة عدد أفراد وحدات مكافحة الإرهاب “G S G 9″، وتأسيس مقر جديد لها بالقرب من العاصمة برلين. وبرر القائد الحالي للوحدات “جيروم فوكس” توسيع الوحدة الخاصة بالتهديد الإرهابي المستمر في ألمانيا.

وأضاف قائد الوحدة الخاصة، أن الهدف هو كسب المتطوعين الجدد بهدف زيادة عدد أفراد الوحدة بنسبة الثلث.

وعن خيار العاصمة برلين كمقر للوحدة الجديدة، قال فوكس: إن من ينظر إلى خريطة العمليات الإرهابية في أوروبا سيلاحظ أن الإرهاب يستهدف عواصم البلدان الأوروبية. وأضاف أن الهدف من خيار “شباندو” هو التحرك بسرعة لمواجهة احتمال العمليات الإرهابية ببرلين.

ولا أحد يعرف عدد أفراد  ” G S G 9 ”  إلا التقديرات تشير الى وجود نحو400 فرد. وأسست وزارة الداخلية سنة 2015 وحدة مساندة لعمل “G S G 9” وهي وحدة الاعتقالات وتأمين الأدلة. كما أسست شرطة الجنايات الاتحادية خلال عام 2017 قسماً جديداً لمكافحة الإرهاب في العاصمة برلين يتألف من 1000 متخصص تدعمه أسراب من طائرات الهليكوبتر القتالية تتألف من 84 طائرة.
 
ويدور التدريب الذي شارك فيه نحو 300 فرد حول تنسيق التعاون بين الشرطة الاتحادية وشرطة الولايات وخبراء مكافحة الأوبئة من معهد “روبرت كوخ” الألماني للتحاليل والاختبارات والهيئات المعنية بشؤون الصحة.

استراتيجية فتح حار مع المتطرفين

تسعى الاستخبارات الداخلية في ولاية هيسن الألمانية، إلى سن قانون جديد يمنح الحرب ضد الإرهاب قدرة وقائية أكبر.

ودعا روبرت شيفر، رئيس دائرة حماية الدستور في ولاية هيسن، إلى حوار: “مركز مع المتشددين في المساجد في ألمانيا، في إطار الوقاية من خطر التطرف. 

وقال شيفر: إن مثل هذا الحوار لن يشمل بالطبع المصنفين في خانة الخطرين، ولا المتطرفين المستعدين لممارسة العنف.

ويبدو أن دائرة حماية الدستور بدأت فعلاً في تطبيق سياسة “الحوار المركز” مع المتشددين، لأن رئيس الدائرة في هيسن أشار إلى عدة جولات جرت مع بعض هذه المجاميع، وأضاف أن الانطباع الذي تولد لدى السلطات من لقائها مع مختلف المجموعات والتيارات هو أن هذا الحوار مفيد، وأنه من الضروري تعزيز مواقف المجاميع التي تجنح نحو الديمقراطية كطريق ومثل.

ويبدو أن دائرة حماية الدستور بدأت فعلاً في تطبيق سياسة “الحوار المركز” مع المتشددين، لأن رئيس الدائرة في هيسن أشار إلى عدة جولات جرت مع بعض هذه المجاميع، وأضاف أن الانطباع الذي تولد لدى السلطات من لقائها مع مختلف المجموعات والتيارات هو أن هذا الحوار مفيد، وأنه من الضروري تعزيز مواقف المجاميع التي تجنح نحو الديمقراطية كطريق ومثل.

وانتهجت ولاية “هيسن” “إستراتيجية الوقاية الأجتماعية” بمشاركة تحالف الحزب الديمقراطي الاشتراكي والخضر.

 وترى أن الحوار المركز بين دائرة حماية الدستور وهذه المجموعات يمكن أن يساعد في تغيير أنماط تفكير هذه المجموعات، وأن الحوار ينبغي أن يكون مع أقلية ما في هذه المجاميع لأن الأكثرية فيها تقف موقفاً معادياً من الدستور.

أدركت المانيا، إلى جانب بعض دول أوروبا، ان محاربة الإرهاب لا يمكن ان تكون فقط بتوجيه الضربات العسكرية، لمعاقل التنظيم وخيارات القوة ونشر قوات الشرطة على أراضيها، كون الموضوع يتعلق في الدعاية إلى أيدلوجية متطرفة في عقول الجماعات المتطرفة.

هذه النتيجة، دفعت ألمانيا، إلى الاستفادة من تجارب بعض الدول في المنطقة بانتهاج “المناصحة الفكرية”، وليس مستبعدا، أن ألمانيا استفادت من تجارب شيوخ الأزهر الشريف أيضًا، في تأهيل أئمة المساجد ومحاربة الإرهاب والتطرف.

* باحث في قضايا الإرهاب والاستخبارات

ربما يعجبك أيضا