تحرير الدرهم المغربي.. ضرورة ملحّة أم مغامرة غير محسوبة

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبد الله

الرباط – تماشيًا مع نمو حجم الاستثمارات الأجنبية في البلاد، والرغبة في جذب أخرى جديدة، بدأت المغرب أولى خطوات تحرير صرف عملتها الوطنية بعد تأجيلها لأشهر عدة ليجري تداولها ضمن نطاق تذبذب صعوداً أو هبوطاً بنسبة 2.5% تحت أعين الدولة التي ستحدد الحد الأعلى والحد الأدنى لسعر العملة والتدخل إذا اقتضت الحاجة.

دعم تنافسية الاقتصاد

تهدف الحكومة المغربية من وراء هذه الخطوة إلى دعم التنافسية الاقتصادية والبحث عن شراكات جديدة وخلق بيئة استثمارية لجذب أكبر عدد من الاستثمارات الأجنبية في البلاد.

إذ يقول مسؤولون بالبنك المركزي المغربي: إن هذه الخطوة ستحافظ على التنافسية مع وجود احتياطات من النقد الأجنبي تسمح بالانتقال السلسل إلى النظام الجديد، موضحين أن الاحتياطات المقدرة بـ 24 مليار دولار تغطي تكلفة المستوردات لمدة 6 أشهر.

كما تهدف إلى خفض عجز الميزان التجاري للبلاد بدعم الصادرات بحيث أن الصادرات بعد تحرير سعر الصرف للدرهم بسعر أرخص مقارنة مع بقية العملات وهو ما يدعم الصادرات.

تسعى الحكومة كذلك إلى دعم القطاع السياحي خاصة وأنه يمثل ثاني القطاعات في البلاد من حيث نسبة التشغيل، في محاولة لجذب سياح أكثر وأيضاً تشجيع الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي، إذ بلغت عائدات السياحة في البلاد 7 مليارات دولار خلال العام المنصرم.

تحديات ومخاوف

يعمل المغرب بنظام سعر الصرف الثابت للدولار منذ سبعينات القرن الماضي، وترتبط عملته باليورو بشكل أساسي بنسبة 60% وبالدولار أيضاً بنسبة 40%.

تحرير سعر صرف الدرهم المغربي سيتم على مراحل، وبحسب عبد اللطيف برحو، المحلل الاقتصادي، سيعطي انتعاشة للاقتصاد المغربي لا سيما على مستوى الصادرات وكذلك السياحة وهو ما يعيد التوازن لسلة العملات بالداخل.

ولا يخفي “برحو” وجود تخوفات كثيرة من إقدام الحكومة على هذه الخطوة نظراً لوجود عجز بالميزان التجاري إضافة إلى إرتفاع نسبة التضخم وكذلك إرتفاع نسبة الدّين العام وهو ما يطرح إشكاليات لا سيما أن المغرب يعتمد على الاستيراد من الخارج بشكل أساسي.

تجارب شبيهة.. مصر وتونس

المغرب ليست الدولة العربية الأولى التي تتجه نحو تحرير سعر صرف عملتها الوطنية، فقد سبقتها كلا من مصر وتونس، ومرجع هذه الخطوة هي الأسس النظرية التي وضعها صندوق النقد الدولي.

وبحسب الخبير المالي، كميل الساري، فإن دول مصر وتونس والمغرب عملتها غير قابلة للتحويل خارج حدودها، وبالتالي من الخطأ اتباع تعليمات صندوق النقد الدولي خاصة وأنها ثابتة بالنسبة لكل الدول.

فبحسب الساري إذا كانت الرغبة الحقيقية لهذه المنظمة الدولية في دعم اقتصاديات الدول، فيجب عدم الولوج إلى التعويم، فقط يكفي تطبيق سعر الصرف الموالي لسلة معينة من العملات ولذلك من المتوقع انخفاض سعر الدرهم أمام الدولار خلال الفترة المقبلة.

تقلبات السوق والقوة الشرائية

الترقب إذن يبقى سيد الموقف في الشارع المغربي الذي تكثر فيه التكهنات بعد الإقدام على خطوة تحرير سعر صرف الدرهم، وإن أجمعت الآراء على أن الطبقة المتوسطة هي من ستدفع ثمن تحرير الدرهم، لاسيما وأن البلاد تعتمد على الاستيراد من الخارج بالدرجة الأولى.

كما أن تحرير العملة وربطها بالعرض والطلب وفق متحفظين على القرار سيرهن القدرة الشرائية للمواطن بتقلبات سوق العملات في أرضية اقتصادية هشة غير مؤهلة لدخول سوق التنافسية.

خطوة لا تخل من مجازفة بحسب اقتصاديين لا سيما وأنها تأتي في ظل احتجاجات تشهدها البلاد خلال الشهور السابقة، إلا أن نتائجها إيجابية كانت أو سلبية ستظهر بالتأكيد جلية في الفترة المقبلة.

ربما يعجبك أيضا