خدعوك فقالوا .. “نهضة الاقتصاد التركي”

مجدي سمير

رؤية – مجدي سمير

لا يمل الإعلام التركي الموالي للحكومة التركية والرئيس رجب طيب أردوغان، وكذلك الإعلام الحليف الإخواني في الوطن العربي، من الترويج لازدهار الاقتصاد التركي وتحرره من قيود الديون نهائيا وسيطرة المؤسسات الدولية، بل وصل الأمر إلى الترويج لمعلومات مغلوطة على لسان أردوغان وعدد من مسؤولي الدولة، مثل إقراض تركيا لصندوق النقد الدولي 5 مليارات دولار وهو ما أكد صندوق النقد عدم صحته.

الاقتصاد التركي تحسن أداؤه نسبيًا خلال العقد الأخير، إلا أنه ليس بالحد الذي يتم الترويج له، بل إنه يتعرض خلال الفترة الأخيرة إلى ضربات شديدة قد تسفر عن إفلاس الدولة أو العودة إلى فترة مطلع القرن العشرين، وذلك نتيجة سياسات نقدية خاطئة حولت البلاد من دولة شبه اشتراكية إلى رأسمالية أحادية وسيادية القرار، ما دفع الحكومة إلى إعلان التقشف.

خدعة “الدين”

تمكنت تركيا من إنهاء ديونها إزاء صندوق النقد، إلا أنها لم تتخلص نهائيًا من كافة ديونها الخارجية، كما أن ديونها الداخلية تضاعفت خلال السنوات الأخيرة.

وأعلن أردوغان مرارًا وتكرارًا في خطاباته طلب صندوق النقد من تركيا اقتراض 5 مليارات دولار، مثل خطابه خلال المؤتمر السادس لحزب العدالة والتنمية الحاكم بمنطقة بايبورت في نهاية نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي؛ إلا أن إدارة صندوق النقد نفت الأمر.

ونشر جم توكر الرئيس السابق للحزب الديمقراطي الليبرالي بتركيا، قبل نحو شهرين صور ضوئية لخطابات موجهة من صندوق النقد تنفي هذا الأمر، وتؤكد أن “الدعم التركي فقط دعم معنوي وتأييد لمقترح زيادة الدول المانحة ولكن لم تقدم أي دولار لنا”.

وأوضح خطاب صندوق النقد أن موقعها الرسمي يحوي أسماء الدول المانحة والمساهمة في الصندوق والتي تتضمن أسماء العديد من الدول الناشئة والنامية، حتى اليونان مساهمة بالصندوق ولكن القائمة تخلو من اسم تركيا.

موقع صندوق النقد الدولي 

“تصفير الديون”

وتعليقا على ترويج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، شعار تسديد ديون تركيا، وتحولها من دولة مدينة إلى دائنة، قال رئيس البرلمان السابق علي تركمان، “قد يكون أردوغان صادقا في هذا الأمر، ولكن بالنسبة لموقف تركيا من صندوق النقد فحسب، وليس موقفها من كافة المؤسسات المالية الدولية”.

وأضاف “أردوغان يرغب في الترويج لفكرة إنهاء كافة الديون الخارجية عن كاهل تركيا، إلا أن هذه الفكرة عارية من الصحة، إذ تزايد حجم الدين الخارجي التركي في عهد حكومة العدالة والتنمية من 144 مليار دولار عام 2003 إلى نحو 330 مليار دولار بنهاية عام 2012. كما ارتفع حجم الدين الداخلي من 103 مليار دولار إلى 250 مليار دولار خلال نفس الفترة، وفقا للبيانات الصادرة عن الخزانة العامة للدولة، والتي توضح تضاعف إجمالي ديون تركيا من 233 مليار دولار إلى 576 مليار دولار في عهد حكومة أردوغان”.

ووفقا للبيانات الرسمية الصادرة عن الخزانة التركية، فإن إجمالي الدين الخارجي للدولة ارتفع إلى 405.2 مليار دولار بنهاية النصف الأول من عام 2015.

ووفقا للتقرير الصادر عن البنك المركزي التركي، فإن الديون الخارجية للقطاع الخاص ارتفعت خلال التسعة أشهر الأولى فقط من عام2017 من 214.4 مليار دولار إلى 231.4 مليار دولار.

إفلاس تركيا

وصرح تمل كرامولا أوغلو رئيس حزب السعادة المقرب من أردوغان، أن بالفعل تركيا تحت حكم أردوغان وحزب العدالة والتنمية أنهت ديونها لدى صندوق النقد، ولكن ديونها في مختلف المؤسسات تتصاعد كالطائر يطير لأعلى، مؤكدًا أن “تركيا على وشك الإفلاس”.

وأفاد أوغلو أن “ديون تركيا حاليا تتجاوز الـ900 مليار دولار، وفوائد هذا الدين نحو 86 مليار دولار عام2018، و90 مليار دولار عام2019، وهو ما يعني إفلاس الدولة”.

كما أكد دورموش يلماز رئيس البنك المركزي التركي السابق، أن “الاقتصاد التركي حاليا يعكس أداء يشابه أزمة عام 2001، مشيراً إلى إصدار شخص واحد للقرارات كافة، مما أدى إلى غياب التنسيق وعدم تساؤل أحد عن كيفية إصلاح الأخطاء المرتكبة”، واصفًا الوضع الاقتصادي بـ”شاحنة بدون فرامل انفجر إطارها”.

أغلقنا الدكان

قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم “عام 2018 هو عام التقشف. سنبدأ بالقطاع العام. لن نشتري سيارات جديدة. إننا أغلقنا الدكان”. مطالبًا الشعب التركي بضرورة تحمل الوضع الراهن للدولة.

كما أعلن وزير المالية “عام 2018 هو عام التقشف”، معلنًا عن بعض الإجراءات والسياسات النقدية لخفض حد الدين الداخلي والخارجي لتركيا.

حكومة مزيفة

الواقع يعكس معظم التصريحات الحكومية بشأن أداء الاقتصاد ونهضته خلال السنوات الأخيرة، وتزييف بعض الإحصاءات لاستغلالها سياسيًّا.

قال أستاذ الاقتصاد التركي شبنم قلم أوزجان: إن “بيانات النمو الاقتصادي التي تعلنها الحكومة التركية مزيفة وغير صحيحة على الإطلاق. فالمقومات الاقتصادية تشهد تباطؤا كبيرًا خلال الشهور الأخيرة. وبينما يسجل الاقتصاد نموًا نحو 2.6% تعلن الحكومة عن معدل نمو يصل إلى 5%”.

قروض جديدة

بينما يروج الإعلام التركي والإخواني للنهضة الاقتصادية التركية وتحولها من دولة مدينة إلى دائنة، تطالعنا وسائل الإعلام العالمية على قروض جديدة توقعها الحكومة التركية لاقتراض مليارات الدولارات وزيادة أعباء الموازنة.

وقعت الحكومة التركية خلال الشهرين الماضين ثلاثة اتفاقات بشأن اقتراض وتعزيز موارد الدولة، إذ تم التوقيع على قرضين بقيمة 2 مليار ليرة من بنك التنمية الإسلامي في نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، بينما وقعت الحكومة على قرض آخر في ديسمبر/ كانون أول الماضي بقيمة 600 مليون دولار حصل عليها بنك الزراعة التركي من بنك التنمية الصيني يتم سداده على ثلاث سنوات.

ربما يعجبك أيضا