الأزمة اليمنية.. بارقة أمل أُممية وترقب عربي

حسام السبكي

حسام السبكي

بارقة أمل سياسية جديدة، تلوح في الأفق، وفق تصريحٍ للمبعوث الأممي، وتحالف يدعم الشرعية، ويشارك بيد في البناء، ويد أخرى تسعى لكبح جماح أذناب إيران، ذلك هو الحال الذي آلت إليه الأوضاع في اليمن، الطامح للعودة إلى “اليمن السعيد”، في أقرب وقت، خصوصًا مع اشتداد الأزمات الإنسانية، جراء العدوان السافر، والذي يدخل عامه الرابع، منذ سيطرة الميليشيات الحوثية الانقلابية على مقاليد السلطة، في العديد من المدن اليمنية، قبل انحسارها في العاصمة صنعاء.

ومع انكسار شوكة عناصر “المؤتمر” في صنعاء، في مواجهة ميليشيات الحوثي، خاصةً بعد مقتل زعيمهم “علي عبد الله صالح” غدرًا، مع أواخر العام الماضي، يبقى أمل اليمنيين، معقودًا على دعم التحالف، ونجاحات قوات الشرعية على الأرض، والتي اقتربت من صنعاء أكثر من أي وقتٍ مضى، إلى جانب بعض المبادرات السياسية التي تصدر عن بعض الجهات، في مقدمتها بالطبع الأمم المتحدة.

التقرير التالي، يرصد أهم المستجدات على الساحة اليمنية، وجهود التحالف على الأصعدة الأمنية والاقتصادية والإنسانية، لإنهاء الانقلاب الغاشم في البلاد، وإعادة السلطة الشرعية لتولي مقاليد الأمور من جديد.

التحالف: انتصارات كبيرة في صعدة ونقترب من صنعاء.. وصواريخ الحوثي تهدد العالم

انتصارات جديدة وكبيرة، بات الجيش اليمني وقوات الشرعية على موعد معها في الفترة الأخيرة، وبات حلم الدخول إلى معقل المتمردين في صنعاء مجرد مسألة وقت، هذا ما كشفه التحالف العربي على لسان العقيد “تركي المالكي” الناطق باسمه.

فقد كشف “المالكي”، عن تحقيق قوات الجيش الوطني، تقدمًا ملحوظًا على جبهات الساحل الغربى وصعدة، وباتجاه البيضاء ونهم وصرواح، ويقترب حاليًا من العاصمة صنعاء.

وفي سياقٍ ذي صلة، أكد الناطق باسم التحالف، أن استخدام الميليشيات الحوثية صواريخ أرض-أرض دليل على الخسائر الكبيرة التى تعرضت لها، محذرا -في الوقت ذاته- من أن وقوع الأسلحة الفتاكة مثل الصواريخ الباليستية بيد الميليشيات الحوثية يعتبر تهديدا لدول المنطقة والعالم.

وأضاف أن قوات التحالف العربى تتبادل المعلومات الاستخبارية مع دول غربية، فيما يخص اكتشاف الصواريخ واستهدافها والقدرات الصاروخية للميليشيات وتهريبها خاصة عبر ميناء الحديدة، لافتا إلى أن الميليشيات الحوثية حاولت مرارا استهداف الملاحة البحرية الدولية في مضيق باب المندب.

وقال: “إن الميليشيات الانقلابية تربطها علاقة مصالح بإيران، وهم لا يستطيعون إدارة أنفسهم وطهران تتحكم بهم، إيران تسللت إلى اليمن عبر برامج إنمائية غير حقيقية في محافظة صعدة، لكنها كانت تهدف لدراسة الوضع السياسي في البلاد”.

وأشار إلى أنه بعد مقتل الرئيس اليمني السابق ظهر الوجه الحقيقي الإجرامي للميليشيات المتمثل خصوصا في القتل خارج إطار القانون، مشيرا إلى أن تلك الميليشيات تحاول فرض واقع على الأرض وتسعى لتهميش القبائل، وتسعى لابتزاز المجتمع الدولي واستغلال الأزمة الإنسانية في اليمن.

الجيش اليمني يكبد الحوثيين خسائر جديدة

وعلى صعيد المواجهة الميدانية، أعلنت قوات الجيش الوطني، مقتل 5 خبراء في زراعة الألغام البحرية من ميليشيا الحوثي، وأسر سادس في محافظة حجة، 123 كيلومترًا شمال غرب صنعاء.

وقال بيان للمنطقة العسكرية الخامسة: إن “أربعة زوارق بحرية تابعة للتشكيل البحري التابع للمنطقة الخامسة اشتبكت الأحد، مع ثلاثة زوارق بحرية للميليشيات الحوثية، أثناء زراعة تلك العناصر عشرات الألغام البحرية قُرب خط الملاحة الدولي المحاذي لمدينة ميدي الساحلية”.

وأكد البيان أن “القوة البحرية تمكنت من إحراق أحد الزوارق وعلى متنه 3 حوثيين، وسيطرت على الزورق الثاني بعد قتل اثنين كانا على متنه وأسر عنصرٍ آخر، فيما لاذ الزورق الثالث بالفرار”.

وأضاف البيان، أن “الميليشيات تسعى إلى زراعة شبكات الألغام البحرية بين الحين والآخر في مياه البحر الأحمر، وأن أحد هذه الألغام أودى بحياة ثمانية صيادين كانوا على متن قارب صيد قبل حوالي عام قرب جزيرة الفشت اليمنية التابعة لميدي”.

وتخوض قوات الجيش الوطني معارك عنيفة مع ميليشيا الحوثي الانقلابية منذ نحو ثلاثة أعوام في مدينة ميدي، تمكن خلالها الجيش الوطني من السيطرة على مواقع استراتيجية في المدينة القريبة من الشريط الحدودي مع السعودية.

المبعوث الأممي يزف بشرى سارة لليمنيين

لم يغب الحل السياسي مطلقًا، طيلة الفترة الماضية التي تلت انقلاب الميليشيات الحوثية في اليمن، وكانت أكثر المبادرات من جانب العرب، قبل تدخل المجتمع الدولي على خط الأزمة، والتي كان آخرها ما صرح به المبعوث الأممي، من بريق جديد لحل سياسي، ربما تشهده الأيام والأسابيع المقبلة، والتي تتزامن مع رغبة صادقة من السلطة الشرعية والتحالف العربي في إنهاء معاناة الشعب اليمني.

الجديد هذه المرة، حمله “إسماعيل ولد الشيخ” المبعوث الأممي إلى اليمن، حيث أكد تجاوب كافة الأطراف مع جهود استئناف المفاوضات للبحث عن حل سياسي للأزمة في اليمن.

وعبرة تغريدة له على “تويتر”، أوضح “ولد الشيخ”: “تجاوبت جميع الأطراف مع الجهود الرامية إلى استئناف المسار السياسي”، داعيًا جميع أطراف الأزمة اليمنية، إلى اتخاذ الخطوات اللازمة للانخراط بشكل تام في العملية السياسية وبنوايا حسنة، على حد تعبيره.

هذا، ويأتي تصريح ولد الشيخ عقب لقاءات أجراها في العاصمة السعودية الرياض مع قيادات يمنية وخليجية وسفراء بهدف الدفع بجهود استئناف التفاوض، كما يتزامن مع من زيارة نائبه معين شريم، لصنعاء، قبل أيام، ولقائه قيادات “الحوثي” والمؤتمر الشعبي العام، وخروجه بانطباع إيجابي، عن نية الأطراف السياسية المعنية باستئناف المشاورات والوصول إلى حل سياسي ينهي الأزمة المستمرة منذ قرابة أربع سنوات.

الأمم المتحدة توجه نداءً إنسانيًا.. والتحالف أول المُلبين

مع تفاقم الأزمة الإنسانية، التي تعيشها اليمن، منذ انقلاب الحوثيين الغادر قبل نحو أربع سنوات، وجهت الأمم المتحدة نداءً للتبرع لجمع 2,96 مليار دولار خلال العام الحالي 2018، من أجل تقديم مساعدة عاجلة إلى أكثر من 13 مليون شخص في اليمن الذي يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وقال منسق الشؤون الإنسانية لمنظمة الأمم المتحدة في اليمن “جيمي مكجولدريك”: إن المانحين قدموا في العام المنصرم 2017 نحو 1,6 مليار دولار من أصل 2,34 مليار كان يحتاج اليها سكان البلد الفقير.

وشهد النزاع في اليمن تصعيدًا بعدما تمكن الحوثيون -الذين تحالفوا مع حزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح- من السيطرة على مناطق واسعة من اليمن، حيث قتل في أحداث الصراع أكثر من 9200 يمني، بينما أصيب أكثر من 52 ألف آخرين، وفقا لإحصاءات منظمة “الصحة العالمية”.

ولم تتأخر استجابة التحالف العربي، حيث أعلن في بيانٍ، اليوم الإثنين، أنه سيقدم 1.5 مليار دولار كمساعدات إنسانية جديدة لليمن.

وأضاف التحالف، إنه سيمد جسرًا جويًّا إلى مأرب وينشئ 17 ممرًا بريًّا لتوصيل المساعدات، وسيقوم بزيادة الطاقة الاستيعابية للموانئ اليمنية لاستقبال الشحنات الإنسانية والمواد الأساسية.

وقال العقيد تركي المالكي:  إن التحالف يدعم مهمة إنسانية مخططة ومفصلة بشكل احترافي بقوة ودقة عسكرية لضمان وصول المساعدات الإنسانية لمن يحتاجونها لإنهاء معاناتهم.

وديعة سعودية تنعش الاقتصاد اليمني

وغير بعيد عن الشأن المالي، فقد قدمت المملكة العربية السعودية وديعة مالية بقيمة 2 مليار دولار، دخلت إلى حساب المصرف المركزي اليمني في عدن، والتي تمثل العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية.

في غضون ذلك، راوح سعر صرف الريال أواخر الأسبوع الماضي، ما بين 420 و450 مقابل الدولار الواحد في صنعاء الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين وفي عدن ومناطق أخرى، بعدما كان تخطى عتبة الـ500 قبل إعلان الوديعة السعودية.

يذكر أن الدولار الأمريكي كان يساوى 215 ريالا قبل مارس 2015.

ويسيطر المتمردون منذ سبتمبر 2014 على العاصمة صنعاء، ما دفع بالسلطة المعترف بها إلى اعتماد عدن مقرا مؤقتا لها، وقامت السلطة بنقل المصرف المركزي إلى المدينة الجنوبية.

كانت السلطة المعترف بها، قد أقرت منتصف الأسبوع الفائت، أنها تواجه صعوبات مالية كبيرة، محذرة من أن الريال اليمني على وشك الانهيار، وقررت المملكة السعودية الأربعاء الماضي، إيداع ملياري دولار في المصرف المركزي اليمني، غداة مطالبة الحكومة اليمنية بمساعدات مالية عاجلة.

يشار إلى أن رئيس الحكومة اليمنية ” أحمد عبيد بن دغر”، قد دعا في وقتٍ سابقٍ كلًا من السعودية والإمارات، إلى “إرسال خبراء ماليين” إلى اليمن “لمساعدة إخوانهم في وضع الخطط ومراقبة الأموال والإشراف على هذه المكرمة”.

الخلاصة

برغم الضربات القوية التي توجهها قوات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية، وبدعمٍ وإسناد من التحالف العربي، فضلًا عن المبادرات العديدة الساعية إلى التوصل لحلٍ سياسي، إلى جانب المناشدات والدعوات لتقديم مساعدات إنسانية إلى الشعب الموجوع، يظل الوضع في اليمن على ما هو عليه، حتى تضع الحرب أوزارها، وينتهي انقلاب ميليشيات الحوثي الإيرانية، وقتها فقط، يبدأ اليمن رحلة جديدة مع البناء والتعمير والتطوير.

ربما يعجبك أيضا