القبضة الأمنية تطرد المستثمرين والسياح الأجانب

يوسف بنده

رؤية

تشير البيانات الرسمية إلى انحسار غير مسبوق للاستثمارات الأجنبية في تركيا في وقت تم فيه تسجيل انسحاب 66 ماركة عالمية في وتيرة متسارعة مع تزايد هيمنة الرئيس رجب طيب أردوغان على السلطة وتفجيره للتوترات مع الدول الغربية ومعظم دول منطقة الشرق الأوسط.

تسارعت ظاهرة نزوح الشركات والمستثمرين من تركيا، التي بدأت مع ضرب الاحتجاجات في منتزه غيزي في أبريل 2014 ثم تفجر فضيحة الفساد في ديسمبر من ذلك العام والتي طالت المقربين من الرئيس رجب طيب أردوغان.

وسارت تلك الظاهرة في علاقة طردية مع تشديد قبضة أردوغان على جميع السلطات في البلاد وبضمنها المؤسسات الاقتصادية والمالية ومحاصرة المؤسسات الصحافية والإنترنت والحريات العامة، إضافة إلى تفجيره للتوترات مع الدول الغربية ومعظم دول منطقة الشرق الأوسط.

وتؤكد البيانات الرسمية انحسارًا غير مسبوق للاستثمارات الأجنبية في تركيا وبلغ عدد الماركات العالمية التي انسحبت من البلاد أكثر من 66 ماركة أجنبية بسبب قلقها البالغ من تراجع سيادة القانون في البلاد بشكل غير مسبوق.

وتشير الأرقام في الجدول التالي إلى حجم الانحدار في استثمارات الدول في تركيا خلال العام الماضي مقارنة بالعام السابق لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2004 وهي لا تقتصر فقط على الدول المذكورة:-

ويقول مراقبون: إن تركيا تقترب بشكل متسارع من كارثة اقتصادية غير مسبوقة بسبب الأجندات السياسية التي يتبعها أردوغان والتي تثير مخاوف الشركات والمستثمرين.

ونسب موقع “أحوال تركية” إلى بيانات البنك المركزي التركي، أن حجم الاستثمارات التي أخرجتها الشركات المنسحبة من السوق التركية تضاعف 3 مرات في العام الماضي مقارنة بعام 2016 ليصل إلى 1.8 مليار دولار.

كما كشفت دراسة حول إحصائيات ميزان المدفوعات الخاصة بالبنك المركزي أن حجم الاستثمارات الأجنبية الهاربة من تركيا يزيد على ملياري دولار في العام الماضي.

ويقول محللون: إن الأرقام التي يمكن رصدها بوضوح لا تكشف سوى القمة الطافية من جبل الجليد. ويرجحون أن تكون أرقام الاستثمارات التي نزحت من تركيا أكبر بكثير من الأرقام المعلنة.

وتمتد قائمة الشركات المنسحبة إلى معظم القطاعات من الطاقة والمصارف والمؤسسات المالية ومتاجر التجزئة وصولا إلى صناعة الملابس وشركات الطيران.

ويؤكد المحللون أن العامل المؤثر هو السياسة الخارجية التركية التي اختلفت مع الدول الغربية التي تشكل المجموعة الاستثمارية الرئيسة، وخاصة في العام الماضي حين تدهورت العلاقات مع دول كبيرة مثل الولايات المتحدة وألمانيا إلى حافة الانهيار.

وتراجعت ثقة مستثمري تلك الدول بمستقبل الاقتصاد التركي الأمر الذي قلص استثمارات 14 بلدا من أكبر المستثمرين في الاقتصاد التركي في العام الماضي.

كما فقدت المنتجات التركية الكثير من الأسواق وخاصة في البلدان العربية بسبب سياسات أردوغان ودعمه لأجندات الإسلام السياسي وخاصة جماعة الإخوان المسلمين وتدخله في الشؤون الداخلية للكثير من البلدان.

وبعد أن كان الحديث يتركز على العلامات والسلاسل التجارية العالمية التي تدفقت استثماراتها إلى تركيا في الماضي، أصبح الحديث اليوم عن موجة رحيلها المتسارعة من البلاد.

ويؤكد تقرير لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني صدر هذا الأسبوع، انسحاب 66 ماركة عالمية من تركيا خلال السنوات الثلاث الماضية بينها شركات طاقة تابعة لشركات توتال الفرنسية و”أو.أم.في” النمساوية وغيرها من شركات الطاقة الغربية.

كما انسحبت فروع مصرفية وشركات تأمين تابعة لمجموعة إتش.إس.بي.سي ورويال بنك أوف سكوتلند ويو.إس.بي والكثير من شركات السيارات والتكنولوجيا.

وتمتد القائمة إلى العشرات من شركات تصنيع الملابس وسلاسل المتاجر مثل زارا وإتش آند إم ومانغوس وسي آند أي وكثير من متاجر التجزئة ومطاعم الوجبات السريعة مثل السلسلة الإيطالية كارلوغو.

وبينما تلفت أسماء العلامات التجارية انتباه الرأي العام بشكل كبير، تأتي بيانات البنك المركزي لتكشف أن الاستثمارات الأجنبية حطمت أرقاما قياسية جديدة في الهروب من تركيا.

وتشير الشركات المنسحبة من تركيا إلى عوامل مثل عدم قدرتها على تحقيق الأرباح والنمو الذي تطمح إليه وعدم استقرار سعر صرف العملات الأجنبية، إضافة إلى انتشار المنافسة غير المشروعة، لكنها جميعا تنبع من اختراق قبضة أردوغان لسيادة المؤسسات والتي أضعفت سيادة القانون في البلاد الأمر الذي يربك عمل المستثمرين.

وقالت سوسان دوشرتي -المدير التنفيذي لفندق “كانيون رانش” الأميركي بألم كبير وهي تعلن انسحابها من البلاد- إن “تركيا تملك مقومات طبيعية عظيمة وإن الأتراك لا يستحقون ما يحدث لهم حاليا”.

ربما يعجبك أيضا