السايس “أم مصطفى”.. عجوز تحدت الناس والإعاقة

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

بينما يطلق قطار المترو صافرته المزعجة معلنًا قدومه، تبدأ أم مصطفى رحلتها اليومية في توجيه السيارات، وهي تسترجع ذكرياتها المؤلمة أسفل عجلاته.

لم تكن تعلم المرأة الستينية أن القضبان التي حرمتها إحدى قدميها، سترافقها بقية العمر خلال عملها بطرفها الصناعية “سايس سيارات”.

تحدت أم مصطفى ظروفها المعيشية الصعبة، وإعاقتها من أجل الرزق الحلال و”لقمة العيش”.

“في زبون تحبي انتي توقفيه في أي مكان حتى هتشليه فوق دماغك، وفي زبون بيناكف معاكي، وياخد بعضه ويجري منك، وفي زباين هنا بتعاكسني، وفيه بيعملوا معايا مشاكل ويودوني القسم”، هكذا روت ما تتعرض له يوميًا خلال عملها.

موقفها السليم مع الجهات الأمنية لم يمنعها من الوقوع في المشاكل، فأحيانًا تصطدم مع أحد الزبائن وينتهي بها اليوم في قسم الشرطة، وقد تصادفها سيارة مجهولة “بدون لوحة مرورية” فتكون سبب بلائها.

قبل ثمان سنوات كانت “ساحة انتظار” قصر العيني عبارة عن “مقلب قمامة”، قامت أم مصطفى بتنظيفها وحولتها إلى “جراج” خاص للسيارات، ليصبح فيما بعد مصدر رزقها الوحيد.

تعاونت أم مصطفى مع الجهات المسؤولة، واستخرجت بطاقة ضريبية، ومارست عملها منذ ذلك الحين.

لم تسعفها قدمها المبتورة في الحركة وملاحقة السيارات، حيث كانت تجلس على كرسي متحرك وتحتاج إلى مساعدة أبنائها، فقررت أن تشتري دراجة بخارية “موتوسكل”، وتعلمت قيادتها بسهولة، وأصبحت تعتمد عليها بشكل أساسي كل يوم.

 بالرغم من أنها تمارس عملها تحت طائلة القانون، وتدفع ما عليها من رسوم، إلا أن الجميع ينظر إليها على أنها “متسولة” وهي الصفة التي لا تزال توصمها.

تحلم أم مصطفى أن يصلح الله حال جميع المصريين ويكونوا على قلب رجل واحد، “نفسي تكون الناس كلها على قلب بعضيها، والمشاكل اللي كلنا فيها دي تتحل، وربنا يهديها ويصلح حالنا وحال الجميع يارب”.

 

 

ربما يعجبك أيضا