الإمارات والسعودية.. تاريخ واحد ومصير مشترك

حسام السبكي

حسام السبكي

قديمًا قالوا: “المنح تأتي من قلب المحن”، تصدق هذه العبارة تحديدًا، على الوضع القائم حاليًا في “يمن العروبة”، الذي مزقته الخلافات، وكادت أن تفتك به تمامًا، لولا تدخل التحالف العربي، وفي القلب منه كل من السعودية والإمارات، اللذين أوقفا الزحف الانقلابي الفوضوي للحوثيين، وأنهى حلم التمدد الشيعي في المنطقة العربية.

وما كان الأمر يخلو من الشائعات المغرضة، والفتن، التي دأبت عليها الميليشيات الإرهابية، ووسائلهم الإعلامية المغرضة، التي تهدف إلى زعزعة أمن المنطقة واستقرارها، إلا أن التماسك العربي والخليجي بقيادة السعودية والإمارات، حال دون ذلك.

التحالف: ملتزمون بـ”يمن موحد”

قبل يومين، اجتمعت قيادة التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بمدينة عدن، وأكدوا في نهاية الاجتماع، على ضرورة “الحفاظ على كيان الدولة اليمنية”، وشددوا على التزام كافة الأطراف اليمنية بالبيان، وأن الأمن والاستقرار في “اليمن السعيد” يظل هو الهدف الأسمى.

وشدد قادة التحالف من عدن على أن “هدف السعودية والإمارات واحد ورؤيتهما مشتركة”، بينما قال قائد عسكري إماراتي: “نقف مع السعودية لتحقيق المصالحة بين الأطراف اليمنية”.

وأضاف البيان، “هدفنا الآن هو ضمان أمن واستقرار اليمن وتجنب كافة أشكال الفوضى وحل كل الخلافات بين الفرقاء من أبناء الشعب اليمني والحفاظ على كيان الدولة اليمنية”.

ودعا البيان “كافة الأطراف اليمنية للتعامل بحكمة وروية والتركيز على الهدف الرئيسي وهو دحر الميليشيات الحوثية التابعة لإيران”.

وتابع: “المملكة العربية السعودية والإمارات هدفهما واحد ورؤيتهما مشتركة وليس لديهما أي هدف إلا أن يكون يمن العروبة آمناً ومستقراً وقادراً على التنمية والازدهار”.

الإمارات والسعودية.. تاريخ مشترك

العلاقات بين الإمارات والسعودية، على المستوى الشعبي، لم تكن يومًا وليدة لاتفاقات أو حتى معاهدات سياسية ودبلوماسية، تم إبرامها بين قيادتين أو حكومتين، لعقودٍ خلت، وإنما تأتي تلك العلاقة، من القناعة التامة والإيمان الراسخ والعميق في أذهان كلًا من الإماراتيين والسعوديين على حدٍ سواء، بكونهم بلدًا واحدًا واجها معًا التحديات في السلم قبل الحرب، الأمر الذي رسخ لعلاقات تاريخية وأبدية جمعت “أبو ظبي” و”الرياض”، وجعل من الصعب بل من المستحيل النيل منها أو حتى المساس بها.

وعلى ذكر التاريخ، فقد تحدثت الكتب التي تناولت الجزيرة العربية منذ القدم، أن الإمارات والمملكة، قد صنعتا تاريخًا واحدًا جمعهما في العديد من الوقائع والأحداث، ولعل التشابه الذي وصل إلى حد التطابق بين الدولتين على مستوى التفكير والأولويات وحتى العادات والتقاليد، قد أوجد مناخًا مهيئًا لتوطيد العلاقات وتعميها، على نحوٍ أذهل المجتمع الدولي بأسره، والذي أضحى لا يستطيع التفريق بين كلًا من السعودية والإمارات، خصوصًا مع توحد القرار السعودي والإماراتي .

ويمكن القول إن مسارات العلاقات بين البلدين، والتي أسس دعائمها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -رحمهما الله- لتشمل مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وصولاً إلى المسار العسكري؛ هو الذي أنشأ حالة فريدة من نوعها، من الاتحاد التام بين البلدين اللذين يعتبران العمود الفقري للتحالف العربي في حربه داخل الأراضي اليمنية، نصرةً للشعب هناك ودحراً للانقلابيين الحوثيين، واستعادةً للشرعية المسلوبة.

وفي الحرب ذاتها، امتزجت دماء الشهداء من البلدين الشقيقين، والذين قدموا أرواحهم، استجابة لنداء الحق ونصرة للمظلومين.

اليوم الوطني.. والتهاني المتبادلة

تحول اليوم الوطني لدى كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، إلى مناسبة للتعبير عن الوحدة والعلاقات الصلبة والمتينة التي تجمع الشعبين، حيث يحرص كلًا منهما، على تهنئة الآخر، بطريقته الخاصة، ومن أبرزها وأكثرها انتشارًا وسائل التواصل الاجتماعي، والتي وصلت إلى الحد الذي يصعب معه التفريق بين من يحتفل بيومه الوطني، ومن يبارك له المناسبة.

فقد سَبَق أن أطلقت الإمارات حزمة من المبادرات للاحتفاء باليوم الوطني السعودي، وسط مشاركة رسمية وشعبية من القطاعين العام والخاص في البلاد.

وعلى الجانب الآخر، يسارع قادة المملكة في تقديم التهاني القلبية لإخوانهم في الإمارات، بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني الإماراتي، ويشاركونهم الفرحة والعزة والفخر بهذا اليوم . 

ويتذكر السعوديون جيداً، تعليقاً كتبه الشيخ محمد بن راشد، حاكم دبي، الذي نشر صوراً له مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على هامش احتفائه باليوم الوطني السعودي، وقال الشيخ محمد: “معاً أبداً نحن والمملكة، عزهم عزنا، وبلدهم بلدنا، ومليكهم فخرنا كلنا، (معاً أبداً) في المصير، وفي خدمة الإسلام، وفي الدفاع عن الأوطان”، وتابع: “‏فرحة المملكة بيومهم الوطني هي فرحة لدولة الإمارات وشعبها، حفظ الله المملكة وملكها وشعبها الكريم”.

وفي اليوم الوطني الأخير للسعودية، أطلقت الإمارات وسماً (هاشتاج) تحت اسم “معاً أبداً”، شهد مشاركة واسعة من البلدين، وكان من ضمن الأكثر استخداماً في موقع “تويتر”، كما عمد الإماراتيون إلى وضع علَم السعودية على برج خليفة؛ للمشاركة باليوم الوطني السعودي.

وتحتضن دبي عدداً من الفعاليات المتنوعة احتفاءً باليوم الوطني السعودي، تتضمن إقامة حفلات غنائية مجانية لعدد من الفنانين والفنانات؛ علاوة على تنظيم عدة أنشطة متنوعة في عدد من مراكز التسوق والوجهات الترفيهية، وعروض الألعاب النارية.

“المجلس التنسيقي”.. تعزيز للعلاقات الاقتصادية

تطور آخر، بات ملحوظًا ولا يخفى على أحد، رصده مراقبون للعلاقات الثنائية بين المملكة والإمارات، وذلك بالتزامن مع تدشين “المجلس التنسيقي الإماراتي – السعودي”، والذي كان له بالغ الأثر، في تعزيز حجم التعاون الاقتصادي بين الجارين الخليجيين.

وتعتبر العلاقات التجارية والاقتصادية بين الإمارات والمملكة، الأكبر بين مثيلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي؛ فيما تُعَد الإمارات واحدة من أهم الشركاء التجاريين للمملكة على صعيد المنطقة العربية بشكل عام ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص. ويُعد حجم التبادل التجاري بين الجانبين الأعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي.

وتتصدر الإمارات قائمة الدول الخليجية المصدّرة إلى السعودية، وتأتي في مقدمة الدول الخليجية التي تستقبل الصادرات السعودية. وتأتي الإمارات في طليعة الدول المستثمرة في المملكة العربية السعودية باستثمارات تخطت 11 مليار دولار في قطاعات كثيرة أبرزها الصناعة والخدمات.

الخلاصة

تظل العلاقات السعودية – الإماراتية، نموذجًا يُحتذى به في العلاقات الدولية والأخوية بين دول الجوار العربي والإسلامي، ومهما سعى المغرضون والساعون إلى الفتنة والفوضى إلى الوقيعة ومحاولة النيل منها، تبقى عصية في مواجهة جميع التحديات.

ربما يعجبك أيضا