التشكيك البولندي في “الهولوكوست” صفعة جديدة على وجه إسرائيل

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان


معاداة السامية تهمة تقليدية إسرائيلية توجه هذه المرة لبولندا، الخلاف فجره قانون بولندي يجرم الإشارة إلى تورط  وارسو فيما يصفه اليهود بالفظائع التي ارتكبها النازيون ضدهم في الحرب العالمية الثانية.

القانون يجرم استخدام مصطلح معسكرات الموت البولندية، حيث اعتبر المشرعون البولنديون أن إقامة تلك المعسكرات المزعومة على أراضي بلادهم لا يعني تورطها، خاصة أنها كانت ترزح تحت الاحتلال النازي.

مجلس الشيوخ البولندي كان يهدف من وراء هذا القانون إلى الدفاع عن صورة البلاد في الخارج بشأن المعسكرات النازية، لكن بدلا من ذلك استفز إسرائيل وأثار أيضا منظمات ومعاهد يهودية متعددة في الولايات المتحدة مثل مجلس أوشفيتز الدولي.

تل أبيب استقبلت مشروع القانون باستنفار كبير، وقالت: إنه يعني إنكار المحرقة اليهودية، ولم يكتف قادة إسرائيل بذلك، بل مارسوا ضغوطاً كبيرة على بولندا لعدم إقرار القانون.
سخرية بولندية ورعب إسرائيلي

 لكن شيئا من هذا لم يحدث، وأقر البرلمان البولندي القانون ما أثار سخطا إسرائيلياً كبيرا دفع تل أبيب لإلغاء زيارة مسؤولا بولنديا كبير.

القلق امتد لواشنطن التي طالبت الخارجية البولندية بإعادة النظر في القانون، لكن الأمر يبدو مختلفا في بولندا التي تناولت وسائل إعلامها المسألة بسخرية قائلة: إن معسكرات الموت ليست ألمانية ولا بولندية بل هى يهودية، نظرا لأنها كانت خاصة باليهود.

سخرية جعلت السفارة الإسرائيلية في وارسو تدين ما سمتها الهجمات المعادية للسامية، قائلة:  “في الأيام القليلة الماضية لم يكن باستطاعتنا إلا أن نلاحظ موجة من التصريحات المعادية للسامية تصل إلى السفارة عبر كل القنوات ووسائل الاتصال، والعديد منها استهدفت السفيرة أنا ازارى شخصيا”.

وأشار البيان إلى “التصريحات المعادية للسامية التي تملأ الإنترنت في بولندا وأصبحت الآن موجودة على وسائل الإعلام الرئيسية أيضا، خصوصا على قناة تي في بي إنفو”.

وقالت السفارة، في بيان، “حتى الآن امتنعنا عن الرد لكن لم يعد بإمكاننا السكوت”.
اتهام معلب وجاهز

 لكن الكثير من وسائل الإعلام البولندية قللت من شأن الاتهام الإسرائيلي قائلة إنه معلب وجاهز تستخدمه تل أبيب كما يحلو لها لإسكات كل من ينتقدها.

من جهته وصف رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيسكي التوتر مع إسرائيل والولايات المتحدة حول قانون المحرقة بأنه عارض و”مؤقت”.

وبين الهزل والجد يمكن قراءة مخاوف إسرائيل من بياناتها، التي قالت في واحد منهم إن القانون يشكلك في حقائق تاريخية تتعلق بمقتل 6 ملايين يهودي حسب ادعائها.

تشكيك يرعب تل أبيب من أن يفتح الوتر الذي تلعب عليه بولندا الباب أمام رياح قد تعصف بسطور تاريخ مزعوم، تاريخ لطالما علقت عليه إسرائيل الكثير من آمالها واستخدمته لإسكات منتقديها ولتبرير الكثير من أفعالها.
محللون

الدبلوماسي السابق مائير كوهين، أكد أن معاداة السامية في أوروبا بدأت تأخذ شكلا جديدا وبدأت تظهر في وسائل الإعلام وخاصة البولندية مشيرا إلى أن هناك خيبة أمل إسرائيلية من هذا القانون البولندي في ظل العلاقات المتبادلة بين الجانبين.

من جانبه أكد أشرف العكة الخبير في العلاقات الدولية، أن إسرائل تخسر على المستوى الدولي وتبريراتها لم تعد مقبولة لأنها دولة احتلال تمارس ضد الشعب الفلسطيني ما قام به النازيون.

وعلى دولة الاحتلال تحمل المسؤولية التاريخية في كل القضايا الدولية، مشيرا إلى أن أغلب الكتاب والباحثين شككوا في هذه المحرقة، مؤكدا أن عصبة الأمم المتحدة قالت: إن عدد اليهود قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها 11 مليون يهودي، وأن اليهود الذين ماتوا هم 81 ألف يهودي فقط بفعل حالة الحرب القائمة فقط، مشيرا إلى أن إسرائيل تحاول إخفاء هذه الحقائق، مشيرا إلى أن الدول في الغرب وعلى رأسها بولندا وألمانيا سئموا من هذه التهم الزائفة.

أخيرا التوتر الدبلوماسي بين بولندا وإسرائيل يبدو أنه يحمل في طياته عبق الماضي النازي السحيق، لكن أصواتا أوروبية تقول إن جوهره الحاضر والماضي. فملف المحرقة النازية وظفته إسرائيل بشكل ناجع للضغط على دول أوروبية، مما جعل نائبا ألمانيا يصف ذلك بالابتزاز. إسرائيل دفعت خلال هذه الأزمة بورقة تستخدمها في كل مناسبة لإسكات منتقديها، وهي ورقة معاداة السامية. ورقة يصفها معارضو تل أبيب أنها تهمة جاهزة وسيف تسلطه إسرائيل على رقاب كل من يتجرأ لنقدها خاصة في الغرب.

ربما يعجبك أيضا