تحت أكثر من عنوان.. الحرب الباردة تعود بين موسكو وواشنطن

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان

عادت الحرب الباردة بين روسيا وواشنطن إلى الواجهة مرة أخرى تحت أكثر من عنوان، ففي الأزمة السورية سبقت موسكو في إعلان انتهاء الحرب على الإرهاب فاستطاعت أن تحجم إنجازات خصمها الأمريكي، والتحالف الدولي الذي تقوده، أما واشنطن فشككت في الإنجازات الروسية ووصفتها بالانتصارات الوهمية.

الأزمة الأوكرانية بدورها دخلت على خط الصراع بين موسكو وواشنطن، فالأولى تسعى لإعادة النفوذ وفرض القوة في فضاء الاتحاد السوفيتي السابق. في المقابل تسعى القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة لتقليص طموحات الرئيس الروسي بمحاصرة بلاده بالعقوبات المالية والاقتصادية.

وفيما يتعلق بملف التورط الروسي في الانتخابات الأمريكية، تؤكد أجهزة الاستخبارات الأمريكية تورط موسكو بحملة الانتخابات الرئاسية عام 2016، وقد هدد وزير الخارجية الأمريكي موسكو بمواجهة عواقب جديدة إن تدخلت في انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة.

الادعاءات الأمريكية نفتها روسيا مرارا وردت الاتهام بالاتهام إذا اعتبرت موسكو التصريحات الأمريكية بشأن رفض لجنة الانتخابات تسجيل أحد المعارضين مرشحًا لانتخابات الرئاسة تدخلا مباشرا في الانتخابات الروسية.

ويصل الصراع البارد بين الجانبين إلى مكافحة الإرهاب في أفغانستان، هناك تقول موسكو إن واشنطن تدعم تنظيم داعش كما تغاضت عنه في العراق، ولا تضعه ضمن أهدافها لمكافحة الإرهاب. أما واشنطن فتتهم موسكو بدعم حركة طالبان في أفغانستان وتعتمد سياسة مزدوجة للتعامل مع حكومة كابول والتنسيق مع حركة طالبان الإرهابية.

سياسة الردع النووية لواشنطن

تزامن كل ذك مع إعلان وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس أن بلاده في صدد تغيير شامل لسياستها النووية الحالية وتطوير نوعين جديدين من الأسلحة النووية، ففي عقيدة الدفاع الأمريكية الجديدة، وضعت واشنطن مواجهة روسيا والصين ضمن الأولويات الاستراتيجية ووصفتهما بالقوى الرجعية، الرد الروسي جاء على شكل اتهام الولايات المتحدة بالنفاق والاحتيال.

الوثيقة التي أصدرتها وزارة الدفاع الأمريكية تهدف إلى تطوير قنابل نووية أصغر حجما يستهدف التغلب على المشكلة التي تواجه الولايات المتحدة بسبب القدرات الهائلة لأسلحتها النووية الذي قد تحول دون استخدامها. وتتضمن الأسلحة النووية منخفضة القدرة قنابل لا تتجاوز قوتها 20 “كيلوتون” ولكنها ذات قوة تدميرية كبيرة.

هذا وستشهد ميزانية الدفاع الأمريكية خلال العامين المقبلين زيادة هائلة والتي تصل حتى تريليون وربع تريليون دولار.

كما حثت الوثيقة على الاستمرار في عملية تحديث الصواريخ الباليستية التي تطلق قواعد برية، وصواريخ الغواصات، والأسلحة النووية المحمولة جوا، التي بدأها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.

واقترحت أيضًا تعديل الرؤوس النووية التي تطلق من غواصات لتكون أقل قدرة أقل حدة من حيث مدى التفجير. ورجحت أن هناك ضرورة لإعادة الصواريخ التي تزود بها البوارج العسكرية البحرية إلى الخدمة.

صورة الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، تبدو انعكاسا في مرآة الحرب التي أججها سلفهما ميخائيل جوربتشوف ورونالد ريجان غير أن الفرق بين صورتي انعكاسي المرآة هي درجة السخونة التي قد تنتقل إليها الحرب الباردة الجديدة.

اعتراض صيني

من جانبها اعترضت الصين، وقال وزير الدفاع الصيني إن “على الدولة صاحبة أكبر ترسانة نووية في العالم أن تتبع الاتجاه العام بدلا من أن تسير في الاتجاه المعاكس له”.

ودعت السفارة الصينية في واشنطن الولايات المتحدة الأمريكية إلى ترك ما وصفتها عقلية الحرب الباردة. معتبرة أن عقلية الحرب الباردة وعقلية المباراة الصفرية لن تقود إلا إلى الصراع والمواجهة.

وقال المتحدث الصيني باسم السفارة الصينية في تصريح أوردته وكالة “شينخوا” الصينية، “إذا كان بعض الناس ينظرون إلى الحرب الباردة ويؤمنون بعقلية المباراة الصفرية، فسوف ينتهي بهم المآل إلى رؤية الصراع والمواجهة فحسب، وتابع: بمثل هذه العقلية، فإن السلام العالمي والتنمية العالمية تمثل أفكاراً صعبة المنال.

ردع روسي

اتهمت الخارجية الروسية الولايات المتحدة بأنها تسعى لإثارة الحرب، مرجحة أنها “سوف تتخذ إجراءات ضرورية”، للحفاظ على أمن روسيا.

وأضاف بيان الخارجية أنه “من خلال القراءة الأولى، نرى أن الوثيقة التي أصدرتها وزارة الدفاع الأمريكية، بعنوان “مراجعة الموقف النووي”، تتخذ نهجًا صداميًا ومعاديًا لروسيا يتضح من الوهلة الأولى.” كما أعرب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عن “استياءه الشديد”من الخطة الأمريكية.

أخيرا نقول إن سياسة إن استراتيجية الدفاع الأمريكية قد انحرفت بوصلتها التي كانت تشير إلى الإرهاب باعتباره الخطر الأكبر الذي يهدد الولايات المتجدة، إذ باتت تعتبر الدول الكبرى المنافسة على رأسها روسيا والصين، والدول المارقة، الخطر الأساسي.

ربما يعجبك أيضا