خط “تاناب” .. تركيا تسعى لمرور غاز آسيا الوسطى وشرق المتوسط إلى أوروبا عبر أراضيها

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

في مارس 2015، وقعت تركيا وأذربيجان وبريطانيا اتفاقا لتدشين خط أنابيب نقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا (تاناب) عبر منطقة الأناضول بتركيا.

ووقع على الاتفاق شركة خطوط أنابيب نقل البترول التركية (بوتاش)، وشركة النفط الحكومية الأذرية (سوكار)، وشركة (بريتيش بتروليوم) البريطانية.

وتتوزع حصص شركاء مشروع (تاناب) بين الشركة الأذرية بنسبة 58 بالمئة، و(بريتيش بتروليوم) البريطانية بـ12 بالمئة، وحصة شركة (بوتاش) بنسبة 30 بالمئة.

ومن المقرر أن ينقل هذا الخط (تاناب) حوالي 16 مليار متر مكعب من الغاز الأذري (10 مليارات متر مكعب إلى أوروبا، و6 مليارات متر مكعب إلى تركيا) بحلول عام 2019 تحت إشراف تركي.

وفي إطار نقل غاز آسيا الوسطى والقوقاز إلى أوروبا، فإن خط تاناب يمتد من أذربيجان عبر جورجيا وتركيا حتى أوروبا. وسيمتد خط الأنابيب بطول 1850 كيلومترا من حدود تركيا مع جورجيا إلى حدود تركيا مع بلغاريا واليونان، وتقدر التكلفة الأولية بين عشرة مليارات و11 مليار دولار.

وتأمل دول البلقان في الاستفادة من مشروع تاناب الذي سيجري ربطه بخط الأنابيب العابر للأدرياتي (تاب) الذي سينقل الغاز إلى أوروبا عبر إيطاليا مرورا بألبانيا.

ويمتد خط الأنابيب العابر للبحر الأدرياتيكي “تاب” على مسافة 870 كم، وسيتصل مع خط أنابيب الغاز العابر للأناضول “تاناب” قرب الحدود التركية – اليونانية في منطقة كيبوي.

تعزيز مكانة تركيا

يعتبر هذا المشروع ذو أهمية استراتيجية لأذربيجان وتركيا. حيث سيتيح لأول مرة بتصدير الغاز الأذري إلى أوروبا، ما وراء تركيا. كما سيعزز أيضًا دور تركيا كمركز إقليمي للطاقة، وهو ما سيجعل طهران تشعر بالقلق من ابتعاد غاز آسيا الوسطى عن هيمنتها، ونفس القلق لدى روسيا، وهذا سيدفع البلدين لعدم الابتعاد عن تركيا.

حيث تعتزم روسيا تصدير غازها إلى أوروبا عن طريق مشروع خط السيل التركي (تركيش ستريم)، وذلك بعد إلغائها مشروع خط أنابيب “السيل الجنوبي/ ساوث ستريم”، الذي كان من المقرر أن يمر تحت البحر الأسود وعبر بلغاريا لتوريد الغاز إلى جمهوريات البلقان والمجر والنمسا وإيطاليا. بسبب موقف الاتحاد الأوروبي الذي يعارض ما يعتبره احتكارا للمشروع من جانب شركة الغاز الروسية “غاز بروم”.

وتفكر طهران في المشاركة في خط غاز “تاناب” لبيع الغاز إلى أوروبا، إذا ما استطاعت تطوير صناعة الغاز بعد رفع العقوبات الدولية. ولا سيما أن خطتها لنقل الغاز عبر المتوسط لم تنجح في ظل استمرار الصراع داخل سوريا والعراق.

وقد أعلن الرئيس الآذربيجاني إلهام علييف إلى إتمام قرابة 95 بالمئة من مشروع تاناب، و99 بالمئة من أعمال حقل “شاه دنيز” المغذي للحقل، و95 بالمئة من خط أنابيب جنوب القوقاز، ونحو 66 بالمئة من مشروع خط أنابيب الغاز العابر للبحر الأدرياتيكي (تاب).

وتعتبر خطوط الغاز نقطة مهمة في تعزيز مكانة تركيا بالنسبة لأوروبا، وسيكون أمنها من أمن دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما عبر عنه وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، براءت ألبيرق، بقوله: “إن بلاده تعتبر ممرا مهمًا لنقل موارد الطاقة إلى أوروبا”.

ويفسر هذا الطموح التركي، أن أنقرة تنافس طهران في الهيمنة على منابع الغاز في المنطقة والتحكم في أن تكون هي الشريان الأهم لنقله إلى أوروبا.

ولذلك تصارع تركيا لإفشال أي خطط تنقيب أو ترسيم حدود في منطقة شرق المتوسط، بما يخرجها خارج معادلة الاستفادة من الغاز، حيث تسعى إلى نقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، وكذلك تصارع على عدم إخراجها من عملية اكتشافات الغاز في منطقة الشرق المتوسط على السواحل القبرصية واليونانية.

وقد عبّر وزير الطاقة التركي عن ذلك صراحة بقوله: “بالقدر الذي تؤدي فيه تركيا دورًا كبيرًا في نقل موارد الغاز من بحر قزوين عبر “تاناب” و”تاب” إلى الأسواق العالمية؛ فهي أيضًا البديل الأكثر منطقية وعقلانية لنقل الموارد الطبيعية في شرق المتوسط إلى الأسواق الأوروبية والعالمية”.

ودعا ألبيرق -في هذا الإطار- جميع الأطراف الدولية إلى تطبيق مفهوم الربح المتبادل بدلا من الاختلافات التي ترفع مستوى التوتر في المنقطة.

وأكد تصميم تركيا على استخدام جميع حقوقها الصادرة عن القوانين الدولية، وعلى رأسها في منطقة شرقي البحر المتوسط.

وبيّن أن بلاده مصممة على إجراء مزيد من أنشطة التنقيب عن النفط والغاز ضمن حدودها البحرية في الفترة المقبلة.

تكشف مثل هذه التصريحات، أن تركيا تعتبر مسألة نقل الغاز إلى أوروبا مسألة تمس أمنها القومي ومستقبل اقتصادها الذي يتغذى على واردات الطاقة من الخارج، وأن أنقرة ستعمل بما يضمن هيمنتها على طرق نقل الغاز بما يعزز أهميتها لدى أوروبا والدول المُصدرة.

ربما يعجبك أيضا