الثقب الأسود يبتلع ستيفن هوكينغ

مها عطاف

رؤية – مها عطاف 

“انظروا إلى النجوم وليس لأقدامكم”.. كانت تلك الجملة الشهيرة، للعالم الفيزيائي البريطاني، ستيفن هوكينغ، والذي رحل عن عالمنا، صباح اليوم الأربعاء، عن عمر ناهز 76 عامًا، ويعتبر ستيفن أكثر الأشخاص إلهامًا في زمننا هذا، فإذا كنت تشعر بالإحباط واليأس لا عليك سوى قراءة هذا التقرير لتعلم كيف كان لعقل عبقري عظيم، وصاحب الفضل في الكثير من النظريات الفيزيائية والعلمية، هو ستيفن هوكينغ “مقعد لا ينطق”، وكيف كان منظوره للحياة.

 دراسته قبل الجامعة

كان مستوى الدراسي ستيفن بين المتوسط والسيئ في صغره، لكنه كان مهتماً بشدة بمعرفة كيفية عمل الأشياء، فكان كثيراً ما يقوم بتفكيك الساعات وأجهزة الراديو، إلى أن أطلقوا عليه في المدرسة  لقب “أينشتاين” رغم علاماته المتدنية، وفي الثانوية أيضاً لم يكن متفوقاً في دراسته، كان والده يريد منه دراسة الطب في أكسفورد، لكن ستيفن هوكينغ لم يكن مقتنعا بذلك، وفضل أن يدرس الفيزياء حيث حصل على العلامات التامة تقريباً في الفيزياء.

رحلته في تحدي المرض

يقول هوكينغ، عن إعاقته، “نصيحتي لكل شخص مصاب بإعاقة ما، ركّز على الأشياء التي لا تمنعك إعاقتك من أدائها، ولا تحزن على تلك الأشياء التي تمنعك منها، لا تجعل إعاقتك الجسديّة سبباً لأخرى روحيّة”.. وذلك بعد إصابته بمرض عصبي يدعى التصلب الجانبي، جعل منه مع مرور الزمن مقعداً غير قادر على الحراك، وذكر الأطباء أنه مرض خطير جدا ولن يعيش أكثر من سنتين لكنه تحدى المرض، إلى أن توفي اليوم عن عمر 76 عامًا.

ولم تنته معاناة ستيفن مع المرض في كونه قعيداً فقط، بل أصيب في عام 1985 بالتهاب رئوي، واضطر إلى إجراء عملية جراحية لشق حنجرته أفقدته بعدها القدرة على الكلام كليا، إلى أن قام مهندس أمريكي يدعى والت وولتز، بتطوير نظام حاسوب معقد استطاع من خلاله التخاطب بكتابة الكلمات المطلوبة على شاشة الكمبيوتر, ثم طور خبير آخر من كمبريدج برنامجاً أكثر تطوراً ملتصقاً بالكرسي المتحرك.

هوكينغ عن الإله 

في شهر عام 2010، عارض هوكينغ الفكرة القائلة بخلق الله للكون في كتابه التصميم العظيم، وسابقًا، عارض هوكينغ ذلك الاعتقاد بوجود خالق يمكنه التلاؤم مع النظريات العلمية الحديثة، حيث خلُص عمله الجديد إلى أن الانفجار الأعظم كان النتيجة الحتمية لقوانين الفيزياء ولا شيء أكثر من ذلك، إذ يقول هوكينغ: “بسبب وجود قانون مثل قانون الجاذبية، فسيخلق الكون نفسه من العدم وبإمكانه ذلك”. ويضيف: “الخلق التلقائي هو سبب وجود شيء من عدم وجوه، ولم يوجد الكون، ولم نحن موجودون”.

كان التصميم العظيم هو عمل هوكينغ الأكبر على مدار عقد من الزمن. وفي عمله الجديد، تحدى هوكينغ اعتقاد السير إسحاق نيوتن بأن الكون ينبغي أن يكون من تصميم الله، لمجرد أنه لا يمكن أن يخلق من الفوضى. فيقول هوكينغ: “لا داعي للتضرع لله لإضاءة ورقة اللمس الزرقاء ويبدأ الكون”.

قال عن ترامب

وفي لقاء سابق تحدث ستيفن هوكينغ عن ترامب قائلًا: “إن قرار الرئيس الأمريكي الانسحاب من المعركة العالمية ضد تغير المناخ يمكن أن يحول جو الأرض ليماثل الجو المحيط بكوكب الزهرة، وأضاف هوكينغ: “أن تصرف ترامب يمكن أن يزج بالأرض إلى الهاوية، لتصبح مثل الزهرة، التي تصل حرارتها إلى 250 درجة مئوية وتمطر حامض الكبريتيك”، مؤكدًا أن تغير المناخ هو أحد الأخطار الكبيرة التي نواجهها، وهو خطر يمكننا منعه إذا تصرفنا الآن

هوكينغ قاطع إسرائيل

رفض ستيفن هوكينغ، تلبية دعوة لزيارة إسرائيل عام 2013، للمشاركة في حفل بمناسبة الذكرى السنوية التسعين لمولد رئيس الاحتلال الأسبق شمعون بيريز، وزار هوكينغ القدس المحتلة أربع مرات، كان آخرها عام 2006، بدعوة من السفارة البريطانية في تل أبيب، حيث التقى طلابا إسرائيليين وفلسطينيين، إلا أنه امتنع بعد ذلك عن الزيارة، وأبدى ميولاً لصالح القضية الفلسطينية، حتى أعلن عام 2013 مساندته لمقاطعة إسرائيل، مكرراً التحذير في أكثر من مناسبة من وقوع “كارثة” جراء استمرار إسرائيل في سياساتها تجاه الفلسطينيين.

لن تجد ما يكفي من الوقت لدى الناس إذا كنت متذمرًا وغاضبًا دومًا.. هكذا كان مبدأ ستيفن هوكينغ في الحياة، فعلى الرغم من إعاقته، لم يقف مكتوف الأيدي، متذمرًا وناقمًا على قدره، ولكنه استطاع أن يثبت للجميع أن الإعاقة الحقيقية لم تكن أبدًا في الجسد، وقد نتفق مع ستيفن هوكينغ وربما لا نتفق، لكن ذلك لا يمنع أنه شخص عظيم في عالم النظريات والفيزياء، وأيضًا قصة حياته هي مصدر إلهام لكثيرين من الأشخاص.

نظرياته ورحلته العلمية

في عام 1968، أصبح هوكينغ عضوًا في معهد علم الفلك في جامعة كامبردج، ونشر كتابه الأول عام 1973، وهو “البنية الواسعة النطاق للزمان The Large Scale Structure of Space-Time”، وفي عام 1974، تحول هوكينغ إلى شخصية مشهورة في العالم العلمي، وذلك حين بين أن الثقوب السوداء ليست هي تلك الفراغات الخالية من المعلومات، كتلك التي كان العلماء ينظرون إليها على هذا النحو.

وبعبارات بسيطة، أوضح هوكينغ بأن المادة، الكائنة على شكل أشعة، بإمكانها التخلص من القوى الجذبوية لنجم متداعٍ. وكان عالم كونيات شاب، ويدعى روجر بينروز، قد اكتشف سابقًا اكتشافات مذهلة حول مصير النجوم وتشكل الثقوب السوداء، وقد استغلها هوكينغ في نظرته المذهلة إلى بداية الكون.

وحيث وُلدت نظرية هوكينغ في الأشعة، كان من شأن الإعلان عنها أن يكون مدويًا في العالم العلمي، وقد سُمي هوكينغ زميلًا للجمعية الملكية وهو بعمر الثانية والثلاثين، كما حصل لاحقًا على جائزة ألبرت أينشتاين الفخرية، وذلك من بين جوائز أخرى.

في عام 2007، وحين كان بعمر الخامسة والستين، خطا هوكينغ خطوة هامة نحو السفر الفضائي، فأثناء زيارة له إلى مركز كينيدي الفضائي في فلوريدا، سنحت له الفرصة لاختبار بيئة من دون جاذبية، فعلى مدار ساعتين فوق المحيط الأطلسي، كان هوكينغ الذي تقله طائرة بوينغ 727 معدلة محررًا من كرسيه ذي العجلات، وذلك ليختبر دفعات من انعدام الوزن.

بمرور السنين، كتب هوكينغ إضافة إلى المشاركة في كتابة ما مجمله 15 كتابا. أشهرها، تاريخ موجز للزمن A Brief History of Time


https://www.youtube.com/watch?v=VrBgBHbeLXE



ربما يعجبك أيضا