نجاة الحمدلله والمصالحة بحال حرجة

محمود

كتب – محمد عبد الكريم

القدس المحتلة – لم تمض سوى دقائق على دوي القنبلة التي استهدفت رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، ورئيس المخابرات الفلسطيني ماجد فرج، حتى انفجرت معركة إعلامية زادت من خطورة حال المصالحة التي قد تكون الضحية الوحيدة في الانفجار، بعد نجاةالموكب.
 
الانفجار الذي أشبه ما تكون تداعياته بالانفجار الذي استهدف رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري (إن لم يكن دوليًا وإقليميًا فعلى الأقل فلسطينيًا) سيعمق الشرخ الداخلي والانقسام أكثر، فبعد أن حملت فتح والسلطة الفلسطينية حماس المسؤولية عن الحادث، ردت الأخيرة وعلى لسان القيادي فيها محمود الزهار بأن السلطة هي من نفذ ما وصفها بـ”المسرحية” مضيفا: “لو اردنا قتله (الحمدالله) لوصلت أشلاؤه إلى المقاطعة (مقر الرئاسة برام الله).
 
ووقع الانفجار أثناء دخول رئيس حكومة الوفاق إلى القطاع صباح الثلاثاء مما أحدث أضرارا طفيفة ببعض سيارات الموكب، وقال الحمد الله “تعرضنا اليوم لمحاولة اغتيال مدبرة ومعد لها مسبقا بعبوات ناسفة دفنت تحت الأرض بعمق مترين، وهناك ست إصابات تعالج الآن بمجمع فلسطين الطبي في رام الله”
 
خلل فني في قنبلة ثانية منع الأسوأ

وأشارت تسريبات إعلامية نقلا عن تقرير لوزارة الداخلية في قطاع غزة أن المنفذين زرعوا عبوتين ناسفتين تزن الواحدة منهما 15 كلجم على جانب الطريق الذي يمرّ منه الموكب، وبينما انفجرت إحداهما في مؤخرة الموكب، لم تنفجر الأخرى التي كانت مزروعة على بعد 37 متراً نتيجة خلل فني.
 
وكانت الاثنتان معدتين للتفجير عن بعد باستخدام هاتف خلوي، وهو ما يشير إلى أن الحدث ليس فردياً وتقف خلفه خلية مدربة على مثل هذه المهمات. بجانب التقرير، قالت مصادر أمنية إن هناك “خللاً في تأمين موكب الحمدالله الذي كان يأتي كل مرة ومعه سيارة تحتوي على تقنيات تقطع الاتصالات في منطقة سير الموكب كجزء من التأمين ضد العبوات التي تُفجّر عن بعد، لكن هذه السيارة إما أصابها خلل أو هناك من أطفأ هذه الأجهزة عن عمد”.
 
ووفق عدد صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية الصادر أمس، نُقل عن مصدر فلسطيني أن “تفجير العبوة… حصل عن بعد باستخدام مكالمة هاتفية عبر شبكات (شركتي) جوال أو وطنية، لكن خللاً فنياً منع انفجار عبوة ثانية في المكان”. وأضاف المصدر أن “حماس أصبحت قريبة جداً من إنهاء التحقيق واعتقال مرتكبي العملية”.
 
فما هي سناريوهات الحادث:-

الاحتلال

رسميا، اتهمت حركة حماس ورئاسة الوزراء الفلسطينية إسرائيل بالوقوف وراء استهداف موكب رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله في قطاع غزة.
 
وقالت مصادر للجزيرة إن رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية أجرى اتصالا هاتفيا برئيس حكومة الوفاق الفلسطينية رامي الحمد الله للاطمئنان على سلامته وسلامة الوفد المرافق له، واتفقا على أن الاحتلال يقف وراء الانفجار باعتباره المستفيد من تداعياته.
 
فمع وجود شبكة عملاء للاحتلال في الأرض المحتلة يبرز أن يكون احتمال وجود عُملاء متعاونين مع الاحتلال  خَلف هذا التَّفجير لضَرب المُصالحة، أو ما تبقّى مِنها، وتوسيع الانقسام بين حَركتيّ فتح وحماس، وهو احتمال يجب عدم استبعاده مُطلقًا لخَلق فِتنة فِلسطينيّة، وإحياء ظاهِرة الاغتيالات.
 
ففي أكثر من مناسبة صرحت قيادات العدو الصهيوني، أنها لا تجد قيادة فلسطينية موحدة تجمع الكل الفلسطيني على الأقل داخل فلسطين المحتلة، لتفاوضها على تسوية شاملة.
 
رؤية فتح

فقد حملت فتح صراحة وعلى لسان أكثر من متحدث حماس المسؤولية على الانفجار وأن “ضمنيا” كونها التي تتحمل المسؤولية الأمنية عن القطاع، وأبرز هذه الاتهامات جاءت من عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة.
 
ففتح ترى أن الانفجار جاء ليعزز الانقسام ويفصل وبشكل نهائي بين الضِّفّة الغَربيّة وقِطاع غزّة، فحركة فتح ترى أن حماس تهدف وبالاتفاق مع جهات خارجية إلى إقامة كِيانٍ فِلسطينيٍّ “مُستَقِل” في القِطاع الذي تُريد صَفقة القرن تسمينه بإضافة 720 كيلومترًا مُربّعًا إليه من سيناء، حسب بعض التَّسريبات الإسرائيليّة والأمريكيّة.
 
رؤية حماس

واتهم القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) محمود الزهار رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج بتدبير التفجير الذي أصاب موكب رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله “لاختلاق حجة للتملص من المصالحة”، على حد قوله.
 
ووصف الزهار في تصريحات له الهجوم بـ”المسرحية”، مضيفا: أن المؤشرات تدل على أن “التفجير مدبر ومدروس”، بينها أن نوعية المتفجرات تتكون من مواد بسيطة مثل تلك التي توجد في الألعاب النارية، ومتابعة الحمد الله أنشطته وكأن شيئا لم يحدث، وثالثها أن الهجوم طال السيارات المرافقة.
 
وقال الزهار إنه “لو أن حماس هي من يقف خلف التفجير لما خرج الحمد الله وفرج منه سالمين أبدا ولكانت أشلاء أعضاء الموكب وصلت إلى مقر المقاطعة في رام الله”.
 
وأعلنت الأجهزة الأمنية في القطاع أنها توصلت إلى “مشتبه فيه رئيسي”، وأنه موظف في حكومة رام الله، وهو من “مرتبات الأجهزة الأمنية السابقة، وقد فُتش منزله وعدد من الأماكن التي يتردد عليها للبحث عن أدلة، لكن عند اكتمال التحقيق سيكشف عن بقية التفاصيل”.
 
جهات أخرى بغزة

ووفق  الأجهزة الأمنية في غزة، فقد أوقفت  شخصين مشتبه في أن لهما علاقة بالتفجير، أحدهما يشتبه في أن له علاقة بـ”الفكر المنحرف” وفق توصيف المصادر الأمنية، في إشارة إلى مؤيدي تنظيم “داعش”، فيما قال المتحدث باسم الوزارة إياد البزم إنه “تم توقيف عدد من المشتبه فيهم في إطار التحقيقات في استهداف موكب رئيس الوزراء”.
 
وليس غائباً عن المنطق البسيط أن هناك جهات، داخل غزة وخارجها، لا تعادي استكمال المصالحة الوطنية الفلسطينية فحسب، بل تعمل جاهدة على تجميدها وإفراغها من مضامينها الفعلية على الأرض أو حتى تعطيلها. والحسابات خلف هذا التوجه متعددة الأغراض، بعضها ينطلق من أجندات سياسية وأمنية محلية، وبعضها يخدم اجندة خارجية  والمصلحة الإسرائيلية الدائمة في تغذية الانقسام.
 
الموقف المصري

وأبلغ الوفد الأمني المصري الموجود في قطاع غزة، قيادة حركة حماس، بالطلب في إسراع الجهات الأمنية بغزة في إنهاء التحقيقات بحادثة تفجير عبوة في موكب رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله بعد دخوله لافتتاح محطة تحلية مياه شمال القطاع أول من أمس.
 
وأفادت مصادر مقربة من حماس أن الوفد التقى قيادة الحركة مساء أمس، وأبلغها بأن الأخيرة هي التي تتحمل مسؤولية الحادث”لأن الأمن هو مسؤولية الأجهزة التي تسيطر عليها الحركة”، فيما ردت حماس بأنها تدين هذه العملية “التي لا تخدم مصالح الحركة، وهدفها ضرب مسيرة المصالحة”.
 
يأتي الطلب المصري بالإسراع في التحقيقات وكشف من يقف خلف هذه المحاولة، كما توضح المصادر الفلسطينية، “لإيجاد ضغط مصري على الرئيس محمود عباس من أجل منعه من اتخاذ الحادثة ذريعةً لفرض مزيد من العقوبات على غزة، ولمواصلة المصالحة مع حماس”.
 
كذلك نصح المصريون حماس بـ”تسهيل تسليم الأمن للسلطة في إطار المصالحة، بما في ذلك السماح بعمل 3 آلاف عنصر شرطة في غزة، لكن الحركة ردت بأن هذا الأمر سابق لأوانه، وأن الموقف سيظهر بعد ظهور التحقيقات النهائية في الحادثة”.

ربما يعجبك أيضا