حرب التهديدات والعقوبات تشتعل بين أمريكا والمحور الإيراني – الروسي

محمد عبدالله

رؤية – محمود سعيد

ازدادت حرب التصريحات والتهديدات بين الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وإيران وروسيا من جهة أخرى.

إذ وسعت واشنطن من عقوباتها ضد روسيا وإيران واتهمتهم بالوقوف وراء قتل الشعب السوري ودعم نظام الأسد، حيث قال البنتاجون إن “روسيا تقتل أبرياء سوريا.. وإيران مصدرٌ للفوضى في المنطقة”.

وتشهد دوائر القرار في العاصمة الأمريكية، واشنطن، مراجعة شاملة لآلية التعاطي مع إيران والاتفاق النووي، على خلفية انتهاكاتها المستمرة وما تشكله من خطر أمن واستقرار المنطقة، وهذا ما عكسته، اليوم، تصريحات لمسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب.

الاتفاق النووي

ويبعث اختيار ترامب، مدير وكالة المخابرات المركزية مايك بومبيو، ليحل مكان تيلرسلون، رسالة واضحة بمضيه قدما في موقفه من الاتفاق النووي مع إيران، مع اقتراب الموعد النهائي لإصلاحه في 12 مايو المقبل.

ورأى الصحفي جو شيدلي أن تعيين ترامب مايك بومبيو قد يقوض إيران والاتفاق النووي؛ خاصةً لأن بومبيو، أحد الصقور المتشددين إزاء إيران، أدان الحرب التي تشنها الأخيرة بالوكالة ضد السعودية في اليمن، ولدعمها لنظام بشار الأسد في سوريا.

وأكدت متحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون”: “ما زلنا ملتزمين بالاتفاق النووي، لكننا نريد من شركائنا أن يعرفوا بأن إيران هي مصدر للفوضى والارتباك في المنطقة. حيثما نظرت ستجد إيران هناك”.

وكان ترامب قد أعرب مرارا عن رفضه للاتفاقية النووية المبرمة مع إيران، واصفا إياها بـ “الرهيبة”، وكانت هذه الاتفاقية من الأسباب التي دعته لإقالة وزير الخارجية ريكس تيلرسون، الذي اعتبر أن الاتفاقية “مقبولة”.

ووضع ترامب مستقبل الاتفاق النووي مع إيران على المحك، بعد أن حذر في يناير الماضي من انسحاب الولايات المتحدة منه ما لم ينجح الحلفاء الأوروبيون أو الكونغرس في “إصلاح العيوب الكارثية في الصفقة”.

فيما قال نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عرقجي، إن بلاده ستنسحب من الاتفاق النووي حال انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية منها، و “التغيير الذي جرى في منصب وزير الخارجية الأمريكي دليل على إصرار واشنطن على الانسحاب من الاتفاق النووي”.

الجاسوس

في سياق متصل، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز إن واشنطن تنسق مع بريطانيا بشأن قضية تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرجي سكريبال وابنته جنوب بريطانيا قبل أيام، داعية موسكو إلى توضيح موقفها ما إذا كانت صديقاً أو عدواً للولايات المتحدة.

كما دان زعماء بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة حادثة الجاسوس السابق سيرجي سكريبال، واعتبروها اعتداء على سيادة بريطانيا، وقالوا إن “هذه الحادثة لاستخدام غاز أعصاب ذي أغراض عسكرية، من هذا النوع الذي قامت روسيا بتطويره، تعتبر أول هجوم بغاز الأعصاب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية”.

روسيا تقتل الأبرياء

وعلى صعيد آخر، تطرقت وايت للدور الذي تلعبه روسيا في سوريا، مشددة على أن روسيا “تمكن” نظام بشار الأسد.

وأضافت: “روسيا توافق على وقف إطلاق النار، لكنها تواصل دعمها لنظام الأسد الذي يقصف المدنيين”.

وأشارت إلى أنه “بإمكان موسكو أن توقف فقدان الأرواح في سوريا، لكن بسبب معاييرها المزدوجة فإنها تتسبب بخسارة مزيد من الأرواح”.
ودعت المتحدثة باسم البنتاجون، روسيا إلى أن “تدفع نظام الأسد لوقف قتل المزيد من السوريين الأبرياء، والسماح لوصول المساعدات إلى الغوطة الشرقية”، لافتة إلى أن واشنطن تدعم الجهود الدبلوماسية لحل النزاع من خلال برنامج جنيف المدعوم من قبل الأمم المتحدة.

عقوبات “التدخل بالانتخابات الأمريكية”

وأعلنت إدارة ترامب، عن فرض عقوبات ضد شخصيات روسية متهمة بمحاولة التأثير على نتيجة انتخابات الرئاسة عام 2016، والضلوع في هجمات معلوماتية أخرى، فيما قالت موسكو إنها تجهز “إجراءات انتقامية” ردا على العقوبات. وقال مسؤولون بارزون إن العقوبات تستهدف 19 فردا و5 كيانات.

وتشمل العقوبات أول استخدام لصلاحيات جديدة مررها الكونغرس العام الماضي لمعاقبة موسكو على التدخل في الانتخابات.

ومن بين المستهدفين بالعقوبات مسؤولون يعملون لصالح جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي “جي آر يو”.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية إن “جي آر يو” والجيش الروسي تدخلا في الانتخابات الأميركية، و”مسؤولان بشكل مباشر” عن هجوم إلكتروني طال شركات بأرجاء أوروبا في يونيو 2017.

ومن الذين فرضت عليهم العقوبات 13 شخصا وكيانا كان المحقق الخاص روبرت مولر قد وجه اتهامات إليهم، من بينهم يفغيني بريغوجين الذي يطلق عليه “طباخ” الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

كما استهدفت إدارة ترامب هيئة أبحاث الإنترنت الروسية التي قال مولر إنها دبرت قدرا كبيرا من التدخل الإلكتروني في انتخابات الرئاسة.

إرهاب إيران

أما مستشار الأمن القومي الأمريكي، الجنرال هربرت مكماستر، فقد أكد أن روسيا وايران تتحملان المسؤولية في تأجيج العنف وزيادة المعاناة في سوريا، مؤكدا أن طهران تنشر الأسلحة الخطيرة بالشرق الأوسط وتؤجج الفتنة الطائفية وتدعم الوكلاء الإرهابيين، مثل مليشيا “حزب الله” اللبنانية.

وأضاف مكماستر أن طهران تنقل السلاح إلى الميليشيات الإيرانية في سوريا، وتقوم برحلات غير قانونية تنقل خلالها شحنات الأسلحة، معتبرا أن ما تريده طهران هو إبقاء موطن قدم دائما لها في سوريا.

فيما أكد قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جوزيف فوتيل أن الأسلحة التي بحوزة الحوثيين هي تهديد للولايات المتحدة، كما أنها تهديد للسعودية. وقال فوتيل، خلال جلسة استماع في الكونغرس، إن ميليشيا الحوثي تحصل على الأسلحة من إيران، مشيراً إلى أن ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران هي المسؤولة عن الكارثة الإنسانية في اليمن.

قضت محكمة أمريكية يوم الأربعاء بالسجن 25 عاما على رجل يحمل الجنسيتين الإيرانية والأمريكية بعد إدانته بمحاولة شراء صواريخ أرض-جو وأجزاء طائرات لصالح حكومة إيران في انتهاك للعقوبات الأمريكية.

ياتي ذلك في الوقت، الذي وافقت اللجنة الخارجية في مجلس النواب الأمريكي على خطة تدعو إلى فرض عقوبات ضد السلطات الإيرانية تستند إلى الانتهاكات التي تقوم بها طهران في مجال حقوق الإنسان.

يبدو أن التصعيد الِأمريكي ضد روسيا وإيران، هذه المرة يحمل في طياته أهدافا بعيدة، فـ”شهر العسل” مع إيران انتهى، والتمدد الإيراني في سوريا والعراق بلغ مستويات خطيرة، وروسيا أدركت ذلك إلى الحد الذي جعلها تؤكد أن لديها معلومات بأن الولايات المتحدة تخطط لقصف الحي الذي تتركز فيه الادارات الحكومية في دمشق، وأنها سترد عسكريا إذا شعرت بأن أرواح الروس في خطر من مثل هذا الهجوم.
نيكي هيلي مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة كانت قد حذرت من أن واشنطن “ما زالت مستعدة للتحرك إذا تعين علينا ذلك” في حالة تقاعس مجلس الأمن الدولي عن اتخاذ إجراء بشأن سوريا وذلك في ظل استمرار هجوم القوات الحكومية على الغوطة الشرقية دون هوادة.

الأكيد أن الأيام القادمة لن تكون كالأيام السابقة، فمن “سوريا” إلى “نووي إيران” إلى “محاولة اغتيال الجاسوس السابق”، إلى التصعيد الروسي مع فصائل “الجبهة الجنوبية” في حوران السورية المدعومة أمريكيا توترت الأجواء بين موسكو واشنطن إلى درجة غير مسبوقة، والأخطر قادم.

 

ربما يعجبك أيضا