أوكيغاهارا.. غابة يابانية تبتلع المكتئبين

مها عطاف

رؤية – مها عطاف

“هي رغبة في القتل ثم رغبة في الموت ثم رغبة في أن يتم قتله”.. هكذا فسر أحد علماء النفس عملية الانتحار، ومن الحقائق المرعبة أن هناك أكثر من 800 حالة انتحار تحدث سنويًا في العالم، فالانتحار يعتبره البعض هو الخلاص، حيث يقرر الشخص المنتحر أن ينهي حياته في لحظات، ربما نتيجة ضرر نفسي أو مشاكل حياتية، وكان أكثر الأماكن الصالحة لمثل تلك النهايات الحزينة، هي غابات “أوكيغاهارا” اليابانية.

في يناير 2018 أثار مقطع فيديو، لنجم اليوتيوب الأمريكي الشهير “لوجان بول” ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات إعلامية أجنبية، ما أثار استياء الكثير من النشطاء، وذلك لظهور جثة شخص مات منتحرًا بين أشجار غابات أوكيغاهارا اليابانية، واضطر بعدها لحذف مقطع الفيديو، وقدم اعتذار للجمهور، ولكن كان فيديو لوجان فتح الحديث عن غابات الموت “أوكيغاهارا” اليابانية.

وغابات أوكيغاهارا اليابانية معروفة بأنها واحدة من أكثر الأماكن الشائعة في العالم التي يقدم العديد الأشخاص على الانتحار بها، وتبلغ مساحتها 36 ألف كيلو متر مربع، وتقع على السفح الشمالي لبركان فوجيسان، ويتوجه لها نحو 30 شخصًا سنويًا للانتحار، وتشير تقديرات إلى أن نحو أكثر من 500 شخص انتحروا بها.

غابة هادئة معزولة تمامًا لا يسمع الزائر فيها سوى صوت أنفاسه، وبها مئات الكهوف، وتتسب التربة الغنية بالحديد المغناطيسي في قطع خدمات الهاتف الجوال، وأنظمة تحديد المواقع الجغرافية و البوصلات، ليس كل من يأتي إلى الغابة هدفه الموت فقد يأتي الزوار للاستمتاع بالمناظر الرائعة لجبل فوجي، وهضبة الحمم البركانية، وأشجار عمرها 300 عام، وكهف ناروساوا الجليدي.

من المسموح التخييم في المنطقة، لكن الزوار الذين يميلون لإحضار الخيام ربما يكونوا من المترددين في الإقدام على الانتحار، فالبعض قد يجلس لأيام لأنهم يشعرون بالتردد، ويقوم الناس أو الدوريات الوقائية بالحديث معهم بلطف، كما يتوسلون إليهم لمغادرة المكان، ويعتبر الشنق على الأشجار هو أكثر الطرق استخدامًا للانتحار ثم التسمم، أو عن طريق الجرعة الزائدة من المخدرات والعقاقير.

وكانت الحكومة اليابانية تسير منذ العام 1971 دوريات سنويًا للبحث عن جثث المنتحرين وانتشالها، وقد وصل عدد الجثث المنتشلة سنة 2002 لوحدها 78 جثة، وتختلف إحصاءات الانتحار التي يتم رصدها في الغابة، وذلك لأنها غابة كثيفة، وقد تبقى الجثث فيها غير مكتشفة لسنوات عديدة، وكانت الأزمة المالية العالمية عام 2008م جعلت الأمور أكثر سوءًا في اليابان، وكانت النتيجة 2645 حالة انتحار في يناير عام 2009م، وبزيادة 15% عن العام الذي سبقه.

وفي محاولات للحكومة اليابانية للحد من هذا الفعل، لجأت لوضع بعض اللافتات والإشارات التي تحاول من خلالها أن تمنع الأشخاص المقبلين على الانتحار بالداخل عن ذلك، ووضعت أرقام مؤسسات تساهم في علاج تلك الحالات، وهناك لافتة دوّن عليها: “حياتك هي هدية ثمينة من والديك، من فضلك فكر في والديك وأقاربك وأبنائك، لا تبقي ذلك بداخلك، تحدث عن مشاكلك”، كما وضعت الحكومة اليابانية كاميرات تصور ما يحدث في الغابة بالمساء.
https://www.youtube.com/watch?v=NVYAj2UOMIE

ربما يعجبك أيضا