في حواره مع الـ”CBS”.. محمد بن سلمان يقدم صورة “شابة” للمملكة

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

غادر الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، صباح اليوم الإثنين، الرياض متجهًا إلى الولايات المتحدة، في زيارة عمل يلتقي خلالها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، كما سيلتقي نائب الرئيس مايك بينس ومستشار الأمن القومي هيربرت مكماستر ووزير الدفاع جيمس ماتيس، وتعد هذه الزيارة هي الأولى للأمير السعودي منذ توليه منصب ولي العهد في 2017.

 وقبيل هذه الزيارة، أطل ولي العهد السعودي على الجمهور الأمريكي عبر شاشة شبكة الـ” CBS” الأمريكية في حوار مطول مع مراسلة برنامج “60 دقيقة” العريق نورا أودونيل، حوار سبقته حالة ترقب عبرت شوارع الرياض إلى محيطها العربي وغير العربي، وسط تساؤلات حول مواقف الأمير الشاب الجريئة التي كانت مفاجأة بحق للجميع، بدءًا من الإعلان عن رؤيته الاقتصادية لعهد ما بعد النفط 2030، ومرورا بإعلانه الحرب على الفساد وخطته لتمكين الشباب دون تفرقة بين الرجال والنساء، وغيرها من المواقف والقرارات الجريئة.

وربما عمد الأمير الشاب أن يسبق هذا الحوار وصوله إلى مطار واشنطن بساعات، وكأنه يريد أن يقدم صورة جديدة “شابة” لبلاده، تختلف عن تلك النمطية السائدة حول المملكة لدى رجل الشارع الأمريكي، وحرص ولي العهد خلال الحوار على عرض رؤيته بشأن التدخل الإيراني في المنطقة الشرق أوسطية والأزمة الإنسانية في اليمن، وغيرها من ملفات المنطقة والتي ستشكل محور لقاءاته في العاصمة الأمريكية.

“أحد أقوى الزعماء بمنطقة الشرق الأوسط”، هكذا وصفت شبكة ” CBS” الأمريكية، ولي العهد السعودي في عرضها للقاء عبر موقعها الإلكتروني، مضيفة جاءت إصلاحات “M.B.S” داخل السعودية ثورية، فيما يتعلق بحقوق النساء ومحاربة الفساد والموسيقى والفنون.. وفيما يلي مقتطفات من الحوار الذي أجرته مراسلة “60 دقيقة” في الرياض داخل إحدى القصور الملكية، بعد أن قضت بضعة أيام ضيفة على المملكة رغبة في أن تتعرف على الأجواء السياسية والاجتماعية هناك.

نورا أودونيل: عندما يفكر العديد من الأمريكيين في المملكة العربية السعودية ، فإنهم يفكرون في أسامة بن لادن و11 سبتمبر؟

محمد بن سلمان: صحيح، قام أسامة بن لادن بتجنيد 15 سعوديًا في هجمات 11 سبتمبر بهدف واضح وهو ضرب العلاقات بين الشرق الأوسط والغرب، وبين السعودية والولايات المتحدة.

نورا أودونيل: لماذا أراد أسامة بن لادن خلق هذه الكراهية بين الغرب والمملكة وكيف تغير ذلك؟

محمد بن سلمان: من أجل خلق بيئة مواتية للتجنيد ونشر رسالته الجذرية بأن “الغرب يخطط لتدميرك”، وفي الواقع نجح في خلق هذا الانقسام داخل الغرب، وأعتقد أننا نجحنا من عدة جوانب خلال السنوات الثلاث الأخيرة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب.

نورا أودونيل: هناك إدراك واسع الانتشار بأن الإسلام الذي يمارس داخل الجزيرة العربية “صارم”، هل هذا حقيقي؟

محمد بن سلمان: بعد عام 1979، هذا صحيح، أصبحنا ضحايا للتطرف، وعلى مدى الأربعين عاما الماضية كانت المملكة بعيدة عن حقيقتها المتسامحة، أطلب من المشاهدين استخدام هواتفهم الذكية لمعرفة ذلك، ويمكنهم البحث عن السعودية في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وسوف يرون الحقيقية بسهولة في الصور وكيف كنا نعيش حياة طبيعية قبل عام 1979.

وأضاف، كنا نعيش حياة طبيعية جدا مثل بقية دول الخليج، كانت النساء تقدن السيارات، وكانت هناك دور للسينما والنساء يعملن في كل مكان.. كنا مجرد أشخاص عاديين يتطورون مثل أي بلد آخر في العالم حتى أحداث 1979، عندما أسس آية الله الخميني حكومة دينية في إيران، وفي العام نفسه استولى المتطرفون الدينيون في المملكة على المسجد الحرام، ومن أجل استرضاء المتطرفين الدينيين، بدأ السعوديون في قمع وعزل النساء عن الحياة اليومية.

نورا أودونيل: هل النساء مساويات للرجال؟

محمد بن سلمان: بكل تأكيد، نحن جميعا بشر وليس هناك فرق، صحيح أن النساء اليوم لم يحصلن على كافة الحقوق التي ضمنها الإسلام، ولكن المملكة تعمل على ذلك، وقريبا ستكون المرأة السعودية قادرة على قيادة المركبات، وهناك خطة يتم العمل عليها من أجل تعزيز المساواة بين الرجل والمرأة لا سيما في الراتب والوظائف.

نورا أودونيل: لقد قلت أنك  تعمل على إعادة المملكة إلى ما كانت عليه “إسلام معتدل”، ماذا يعني ذلك؟

محمد بن سلمان: لدينا متطرفون يمنعون الاختلاط بين الجنسين، وينشرون العديد من الأفكار التي تتناقض مع طريقة الحياة في زمن الرسول والخلفاء التي تعد المثال الحقيقي الذي يجب أن يحتذى به، فقوانين الشريعة الإسلامية واضحة جدا وتنظم حقوق الرجال والنساء على السواء.

نورا أودونيل: أنت تقول إنك ستقضي على هذا التطرف حتى داخل نظام التعليم، كيف؟

محمد بن سلمان: تم غزو المدارس السعودية من قبل العديد من عناصر جماعة الإخوان المسلمين، إلى حد كبير، حتى الآن هناك بعض العناصر المتبقية، ونعمل  على القضاء عليها خلال فترة قصيرة، بالطبع لن تقبل أي دولة في العالم أن يتم غزو نظامها التعليمي من قبل أي مجموعة متطرفة.

نورا أودونيل: ماذا عن حملة الفساد ومعتقلي ريتز كارلتون؟

محمد بن سلمان: سنحاول التعريف بقدر استطاعتنا بما تفعله الحكومة السعودية لمكافحة الراديكالية، تؤمن المملكة  بالعديد من مبادئ حقوق الإنسان، لكن المعايير السعودية في النهاية ليست هي نفس المعايير الأمريكية، لا أريد أن أقول أننا لا نملك قصورًا، لكن في الوقت الراهن نعمل على إصلاح القصور.

وأَضاف، ما فعلناه في السعودية نوفمبر الماضي كان ضروريًّا للغاية، وتم وفقا للقوانين القائمة، والحملة على الفساد جمعت أكثر من 100 مليار دولار، لكن الهدف الحقيقي لم يكن هذا المبلغ أو أي مبلغ آخر، الفكرة ليست في الحصول على المال، ولكن لمعاقبة الفاسدين وإرسال إشارة واضحة بأن كل من ينخرط في صفقات فاسدة سيواجه القانون.

وتطرق الأمير الشاب -خلال  حواره- إلى الملفات الإقليمية، والبداية من الجوار اليمني، قائلا: الأيديولوجية الإيرانية اخترقت بعض أجزاء اليمن،  خلال السنوات القليلة الماضية، وكانت هذه الميليشيات تمثل تهديدا حقيقا لحدودنا، لا استطيع أن أتخيل أن الولايات المتحدة ستقبل يوما ما بأن يكون هناك ميليشيا في المكسيك تطلق صواريخ على واشنطن العاصمة ونيويورك ولوس أنجلوس بينما يراقب الأمريكيون هذه الصواريخ ولا يفعلون شيئا.

وتابع، هذه الميليشيات تستخدم الآن الوضع الإنساني لصالحها، وفي ذات الوقت هي تقوم بحجب المساعدات الإنسانية من أجل خلق مجاعة وأزمة إنسانية، وكسب التعاطف العالمي.

نورا أودونيل: هل ما يحدث في اليمن، مواجهة مع إيران؟

محمد بن سلمان: لسوء الحظ ، تلعب إيران دورًا ضارًا  في اليمن والمنطقة ككل، فالنظام الإيراني يقوم على أيديولوجية خاصة، ولديه العديد من عملاء القاعدة الذين يرفض تسليمهم للعدالة، وهذا يشمل نجل أسامة بن لادن، وآية الله خامنئي هو “هتلر” جديد في الشرق الأوسط، إذ يتبنى مشروعا توسعيا في المنطقة يشبه إلى حد كبير تطلعات هتلر، ونذكر كيف أن العديد من الدول حول العالم وفي أوروبا لم تدرك مدى خطورة هتلر حتى حدث ما حدث.. لا أريد أن أرى نفس الأحداث تحدث في الشرق الأوسط.

نورا أودونيل: هل تحتاج السعودية إلى أسلحة نووية لمواجهة طموحات إيران؟

محمد بن سلمان: إيران ليست منافسة للمملكة العربية السعودية، جيشها ليس من بين الجيوش الخمسة الأوائل في العالم الإسلامي، والاقتصاد السعودي أكبر من الاقتصاد الإيراني.. إيران بعيدة عن أن تكون مساوية للسعودية، ومن جهة أخرى بلادنا لا تريد الحصول على أي قنبلة نووية، ولكن من دون شك، إذا طورت إيران قنبلة نووية، فسوف نقوم بالأمر نفسه.

نورا أودونيل: عمرك 32 عاما، هل يمكنك حكم هذا البلد للسنوات الخمسين القادمة؟ وما الشيء الذي قد يمنعك من المضي قدما في رؤيتك الإصلاحية؟

محمد بن سلمان: الله وحده يعلم كم من الوقت سأعيش، وفيما يتعلق بالإصلاح لن يوقفنا شيء إلا الموت.

وخلال حواره المطول مع الشبكة الأمريكية تطرق محمد بن سلمان إلى الحديث عن طفولته وشبابه وأحلامه لبلاده، وكيف تعلم من والده الملك سلمان بن عبد العزيز العديد من الأشياء، موضحا أن والده قارئ متعطش للتاريخ، وكان يكلف أبناءه أسبوعيا بقراءة كتاب، وفي نهاية الأسبوع يسألهم عن محتوى الكتاب، انطلاقا من مبدأ “إذا قرأت تاريخ ألف عام، ستصبح لديك خبرة ألف عام”.

ربما يعجبك أيضا