التنمر في المدارس الأردنية.. حديث القلة في “الخراب الأخلاقي”

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق

عمّان – قلة في الأردن تحدثوا عن العنف في المدارس وانتشار التنمر بين الأطفال، كظاهرة خطيرة ينبغي الوقوف عندها والتحذير من مآلاتها على الرغم من الدراسات التي تؤكد أنها تتسع بشكل يومي وبنسب مرتفعة تصل لنحو 55%.

ولا يكاد يمر أسبوع، حتى يصدم الشارع الأردني بمقطع مصور لاعتداءات لفظية أو جسدية تحدث بين طلبة المدارس، كان أفظعها الفيديو انتشر أواسط الشهر الجاري، ويظهر فيه طالب مدرسي مصابًا بعيار ناري في رأسه أمام مدرسته خلال مشاجرة بينه وبين زميل له.
وأثار نشر الفيديو عوضًا عن الحادثة نفسها، أزمة اجتماعية في المملكة، دفعت وزير التربية والتعليم عمر الرزاز غاضبًا إلى الطلب بمراجعة العملية التربوية بعد احتدام ظاهرة التنمر في المجتمع وانعكاسها على المدارس.

ووفقا لتقديرات اليونسكو الصادرة خلال العام 2017، تصاعدت ظاهرة التنمر في مدارس العالم بشكل عام، إذ يوجد نحو ربع مليار طالب مدرسي من أصل مليار طالب يتعرضون للتنمر والعنف بأشكاله داخل أسوار المدارس.

وأشارت المنظمة العالمية، إلى أن الفئة الأكثر عرضة لخطر التنمر في الغالب من شريحة الفقراء أو الأقليات العرقية أو اللغوية أو الثقافية.
وفي الأردن، دقت دراسة حديثة -أجراها مركز تربوي- ناقوس الخطر، عندما كشفت أن ظاهرة التنمر بين طلبة المدارس تصل نسبتها إلى نحو 55%، من دون وجود أي خطط للحد منها وتجنب تبعاتها.

وبحسب خبراء تربويين، فإن تفاقم هذه الظاهرة في مدارس الأردن يعود لأسباب عديدة، بعضها نفسي؛ أسري وتعليمي، إضافة إلى الإعلام غير الواعي الذي يعزز تنامي الظاهرة عن جهل.

وكشف المجلس الأعلى لشؤون الأسرة الأردن خلال دراسة حديثة أصدرها بعنوان “الإساءة والعنف ضد الأطفال “أن الأم تأتي في مقدمة الممارسين للعنف ضد أطفالها بنسبة 40.4%، يليها الأخ الأكبر بنسبة 29.4%، فالأب بنسبة 18.7% وتأتي المدرسة في المرتبة الثانية للعنف.

وجاء في الدراسة كذلك أن طلاب المدارس أنفسهم هم المصدر الأول للعنف يليهم المعلم.

ما هو التنمر المدرسي؟

يعرف التنمر المدرسي -وفق خبراء في علم النفس- على أنه سلوك عدواني متعمد من جانب طالب أو أكثر بهدف إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي بطالب آخر، بصورة متكررة وطوال الوقت، ويمكن أن تكون هذه الأفعال السلبية بالكلمات مثل: التهديد والتوبيخ والإغاظة والشتائم، كما يمكن أن تكون بالاحتكاك الجسدي كالضرب والدفع والركل، أو حتى بدون استخدام الكلمات أو التعرض الجسدي مثل التكشير بالوجه أو الإشارات غير اللائقة أو الإساءات المكتوبة، أو العزل من الأنشطة والمناسبات الاجتماعية.

 ويعتقد أساتذة في علم الاجتماع الأردني، أن ظاهرة التنمر بين طلبة المدارس في المملكة، باتت تأخذ جميع أشكال التعريف السابق، مع غياب خطة مكافحتها مجتمعيًا.

فعلى صعيد المدرسة، يغيب القانون العادل والمنصف ليحفظ حق الضحية ويُعاقب المتنمر بهدف التقليل من سلوك التنمر إلى أبعد الحدود، فيما يظل دور العائلة محدودًا رغم أساسيته، لانشغال الأهل بأمور أخرى وتوفير متطلبات المعيشة.

وقصص ضحايا هذه الظاهرة باتت تؤرق الشارع الأردني، وكان أقساها قبل أسابيع حينما قام أحد الأطفال الأردنيين وعمره 8 سنوات، بالانتحار شنقًا بعد أن ضاق ذرعا من تعليقات أقرانه في المدرسة والتي استهدفت يده المصابة بضمور وتشوه جسدي.

ويؤكد مختصون أن انتحار الطفل جعله “ضحية تنمر”؛ إذ لم يحظ بأي دعم من المدرسة أو تفهم من قبل الأقران، وأدت سخرية الأطفال إلى وصوله إلى القناعة بأنه لم يعد راغبا في الحياة بعد ذلك.

ويرى الكاتب الأردني “محمد علي وردم” أن إغفال علاج هذه الظاهرة ستفضي بالتأكيد إلى “خراب أخلاقي” في المجتمع الأردني حتى يشمل  نسبة كبيرة من الطلبة.

يقول “وردم”: إن “مشكلة سلوك التنمر أنه يخلق شخصيات مريضة في طرفي الطيف إذ إن المتنمر يعتقد بأنه سيتمكن دائما من ممارسة العنف والسخرية ضد الآخرين بحماية ما أو من دون التعرض للعقاب؛ ما يجعله شخصا عنيفا ومستغلا، أما الضحية فيصل إلى حالة من اليأس من القيم والمبادئ ويتحين الفرصة التي يتمكن فيها من جمع القوة اللازمة للتعويض عن حالات القهر التي تعرض لها، ربما بممارسة العنف ضد الأصغر سنا والأقل حيلة”.

وفي ظل حديث الشارع الأردني المتواصل عن ضرورة الإصلاح السياسي والاقتصادي، يؤكد وردم، “أننا كمجتمع أردني بحاجة إلى مواجهة صريحة مع التشوهات المنتشرة في المجتمع الأردني، وألا نبقي رؤوسنا في الرمال مكتفين بالجمل الفارغة من معناها حول الأخلاقيات ونكران كل السلبيات المنتشرة”.

ربما يعجبك أيضا