احتدام الصراع الدولي على الثروات والأرض في شرق سوريا

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

مستقبل سوريا غامض، فأوراق اللعبة السياسية أصبحت أكثر تعقيدا، وصراع الإرادات الدولية والأجندات الإقليمية بات ظاهرا بكل وضوح، والقادم سيكون أخطر بكثير من الأهوال التي مرت بها حتى يومنا هذا.

الصراع في شرق سوريا أيضا بات واضح المعالم، فالتحالف الدولي يسيطر على غرب الفرات، حيث المناطق الغنية بالنفط والغاز، حيث تؤكد الدراسات والاكتشافات النفطية أن شرق سوريا يضم احتياطات هائلة من الغاز والنفط.

في حين حاولت المليشيات الإيرانية وقوات نظام الأسد وقوات روسية (تحدثت روسيا إنهم غير نظاميين) التقدم لغرب النهر، وقد قتل التحالف الدولي منهم المئات في ضربات مركزة.

كما قتل العشرات من عناصر الميليشيات الإيرانية قبل أيام في منطقة “العليانية” المحاذية لمنطقة الـ 55 (قاعدة التنف) من الجهة الغربية، عقب استهداف التحالف الدولي رتلا لهذه المليشيات، وغيرهم في السابع من فبراير/شباط الماضي شرقي دير الزور.

التحالف الدولي والتمدد الإيراني

وقد شهدت الأيام الماضية تصعيداً من قبل الأطراف التي تتقاسم النفوذ والسيطرة غرب وشرق النهر، فقد زاد التحالف من عدته وعديده في منطقة شرق الفرات، قابله تحشيد من قبل قوات الأسد والمليشيات الشيعية متعددة الجنسيات على خطوط التماس.

فالتحالف الدولي يريد إنهاء الطريق البري الإيراني من طهران إلى بيروت وساحل المتوسط مرورا بديرالزور ودمشق، والذي سمح لإيران باستقدام آلاف المقاتلين عبر الحدود مع العراق ومحافظة الأنبار في العراق. 

وبالتالي قطع التواصل البري بين المليشيات الإيرانية في سوريا وبين امتدادها في العراق.

استراتيجية المواجهة

وقالت مصادر خاصة لفضائية “أورينت” إن المنطقة الممتدة من أطراف قرية “الحسينية” في مدخل دير الزور الشمالي، وحتى بلدة “خشام” قبالة “حقل كونيكو” شرقا، شهدت عدة محاولات من قوات النظام والمليشيات الطائفية لعبور نهر الفرات نحو مناطق سيطرة “قسد”، بالإضافة إلى منطقة الـ 55 وقاعدة التنف، حيث تبسط إيران نفوذها في البادية السورية، وتسعى لإبقاء الطريق البري بين “طهران وبيروت” مفتوحة عبر بوابتها من الحدود العراقية ـ السورية.

وأشار “أبو جراح” المتحدث باسم “جيش مغاوير الثورة” إلى أنه “يمنع اقتراب أي جماعة مسلحة من النظام والمليشيات الإيرانية، وممارسة أي نشاطات عسكرية بمحيط الـ ٥٥ كم، إذ إن هناك اتفاقات دولية بشأنها، موضحا بأن المليشيات الإيرانية هي هدف لهم بأي وقت في هذه المنطقة”.

هل تحدث مواجهة ؟

العميد الركن أحمد رحال أكد أن هناك “عمل عسكري يتم تحضيره في المنطقة الشرقية، ويبدو أن واشنطن وبالاعتماد على قوى عشائرية ومن الجيش السوري الحر قررت طرد ميليشيات إيران والأسد من مدينة الميادين مرحليا وديرالزور مستقبلاً”، وتابع “لا تحرفوا أنظاركم عن المدينة المنسية ديرالزور.. ففيها تطورات هامة قادمة”.

فيما تحدث ناشطون في البادية السورية وريف دير الزور عن تحرك أرتال ضخمة للقوات الأمريكية تحميها قاذفات بي 52 الاستراتيجية، وطائرات أباتشي، وقد اتجهت هذه الأرتال إلى القسم الذي تسيطر عليه قوات قسد من مدينة دير الزور، كما تحدثوا عن انتشار قرابة 14000 مقاتل من الجيش السوري الحر من منطقة الصالحية إلى مناطق قرب مدينة البوكمال، ما يعني أن هناك استعدادت لعملية عسكرية وشيكة مدعومة أمريكيا ضد قوات الأسد والمليشيات الإيرانية.

هل ستحدث مواجهة أمريكية روسية في سوريا؟

من المستبعد أن تكون هناك مواجهة عسكرية مباشرة بين الجيش الأمريكي والقوات الروسية، وإنما الاحتمال الأكبر أن المعارك ستدور بينهما بشكل غير مباشر.

وقد رجح الصحفي “فراس علاوي” أن تكون مناطق “هجين والشعفة والسوسة” مسرح العمليات العسكرية، شرق دير الزور بالقرب من الحدود العراقية، فضلا عن مناطق سيطرة ميليشيات إيران وروسية وقوات النظام في منطقة “الشامية”.

من جهته قال المحلل العسكري “عبد الناصر العايد” إن “استراتيجية الأمريكان تنصب للحفاظ على المناطق التي تمت السيطرة عليها، وتحصين دفاعاتها، وهذا يقتضي ترتيب العلاقة مع السكان المحليين، وإبعاد القيادات الكردية وبشكل خاص قيادات قنديل عن دير الزور حاليا”.

وأضاف العايد لأورينت نت “ترتيبات الأمريكان هذه تكون عقب إعداد قاعدة عسكرية أمريكية قادرة على حماية المنطقة، إلى جانب تشكيل قوة عربية فعالة”، وقلل العايد من احتمال أن يكون هناك صدام حاليا بين الأمريكان والأطراف الأخرى.

وأوضح المحلل العسكري أن “النظام والميليشيات الإيرانية وروسيا لن يتوقفوا عن محاولة زعزعة الاستقرار في المنطقة، والدفع ببعض المجموعات لزعزعة الوجود الأمريكي، من خلال شن هجمات محدودة، وتوجيه ضربات خاطفة”.

استخدام داعش

فيما قال مدير منظمة “العدالة من أجل الحياة” جلال الحمد أنه هناك تحركات ملحوظة، تمثلت بتعزيزات كبيرة في مناطق “قسد”، وبشكل خاص في حقل “العمر” وهذا يعطي إيحاء بالتحضير لعمل عسكري وشيك.

وأضاف الحمد “قد تشكل دير الزور أحد النقاط التي المهمة لمواجهة النفوذ الإيراني، لأن الأخيرة وميليشياتها سيطرت على مساحات واسعة، ووصلت إلى حدود العراق من جهة البو كمال.

وأشار إلى أن أي مواجهة مع إيران ستكون واسعة النطاق وطويلة الأمد، ودير الزور شكلت منطقة نفوذ لإيران، لذا قد تشهد أحد فصول المواجهة بين أمريكا وإيران.

تحركات وتجهيزات عسكرية

وحول ما إذا كان هناك تحرك عسكري باتجاه دير الزور؛ أكد المتحدث باسم “مغاوير الثورة” التابع للجيش السوري الحر أنه هناك عمل وتحضيرات جدية بهذا الخصوص، موضحا بأن هناك ترتيبات معينة لهذا العمل وهي تحتاج بعض الوقت، ولفت إلى أن البو كمال تعتبر الهدف الأول لتحركهم في أقرب وقت، لما تمثله من أهمية في المشروع “الفارسي” والهلال الشيعي في المنطقة.

إن منطقة الـ “55 كيلومتر” في البادية، التي تنتشر فيها فصائل “الجيش الحر” ويدعمها التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، تشهد تحركات عسكرية منذ ساعات.

وتوقعت المصادر أن تتحرك الفصائل المدعومة أمريكيًا، لبدء عمل عسكري واسع بهدف السيطرة على مساحات  تصل إلى حدود محافظة دير الزور.

وتشمل البادية مناطق واسعة تمتد من شرق السويداء وريف دمشق الجنوبي وريف حمص وحماة، وصولًا إلى المنطقة الشرقية (دير الزور).
وتوقع محللون عسكريون أن يكون التحرك المتزامن في إطار عملية عسكرية واسعة، قد يكون هدفها ربط منطقة الـ “55 كيلومتر” بنقاط سيطرة الفصائل في القلمون الشرقي.

 

ربما يعجبك أيضا